با عتبار أننا شعب نتقن فن التوجع والتوعك إذ أننا نحن - العرب - أساتذة النياحة والرثاء في العالم ..هذا الأمر أفرز ثبوت صفة متميزة لنا ألا وهي القدرة على النقد والتجرح والتشطيب والتعوير الكلامي البارع ....!!
ولذلك بات ملازماً أي جلسة من جلساتنا وسهرة من سهراتنا وبرنامج من برامجنا وخطبة من خطبنا ونصائحنا ومواعظنا وجود فاكهة المجالس القذف والشتم والغلظة والتهجم والاتهام .
إذ أصبحت أعراض الناس نيشانا نظهر فيه براعتنا في الرمي والقذف ..
وأصبحت خصوصيات الناس ميداناً و ساحة مستباحة لممارسة فروسيتنا وصولاتنا في النبش و استخراج المخبوء ونشر الغسيل على حبال المجالس والشوارع ووسائل الإعلام المقروء والمسموع والمرئي ..!!
وأصبح نجاح الناجحين يسبب وعكة نفسية للموتورين والمرضى فيشنون عليهم حرباً ضروساً لا هوادة فيها تراق فيها الكرامات وتكال الاتهامات وتحاك الإشاعات في كل الإذعات ..!!
وباسم الوطن أخذنا ننحر المواطن ...
وباسم الدين نكفر الناس المتدينين ...
وباسم الحرية ننشر الأوبئة الخلقية ...
وباسم الاقتصاد والعمل نسرق جيوب المحتاجين ...
وباسم العلم نئد الابداع ...
وباسم المصلحة العامة نطيح بالعامة ...
وباسم العفة والشرف نلجئ من نريد للخيانة والابتذال ..
و باسم الزهد أفرطنا في التسول ...
وباسم الأصول خرجنا عن المنطق والمعقول .....
والآن لا أدري ...
هل واقعنا حلم ومنام ..أم هي الحقيقة والواقع الذي نحتال كي لا نواجهه ... من المسؤول ومن السبب ..؟؟؟
لماذا لا يتعلم أبناء وطني وقومي أن يكونوا صرحاء مع أنفسهم في مشوار حياتهم ..؟؟!
لماذا لا نتعلم أن نكون بناة بدل أن نكون مخربين ..؟؟
لماذا لا نبذر قمح الحب في أرض القلوب ونحن نعاني من القحط والتصحر ...؟؟!
لماذا لا نبذل ابتسامة في وجوه البائسين و نربطهم بأمل ......؟؟!
لماذا لا نكف عن عيوب الناس ونعالج عيوبنا ... ونرى القذاة في عيون الآخرين ولا نرى الجذعة في عيوننا.....؟؟!
لماذا لا نمدح الناجح ونشجعه ونشكره ونشعره بنجاحه ...؟؟
إن الذين يصعّبون الدين ويحولونه إلى نظريات وفلسفات تكلّ الأفهام عن دركها، كان يكفيهم أن يرددوا حديثا يختصر مجلدات وكتبا ومحضرات في الدين ..إنه قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق .
نعم هذه هي حقيقة الدين .
إننا نحتاج اليوم إلى النموذج ...في الإخلاق ولوكان صامتا لا ينبس بكلمة ..
ولعل الجميع يعلم كم أثّرت القدوة الصالحة في نشر الفضيلة وغيّرت بلاد وأصلحت عباد .
رد مع اقتباس[center]