*الأضحية*
الأضحية
تعريفها:
الأضحية لغة: اسم لما يذبح أيام الأضحى.
شرعاً: اسم لما يذبح أو ينحر من النَّعم تقرباً للّه تعالى في أيام النحر.
دليلها:
ثبتت مشروعيتها بالكتاب والسنة والإجماع.
من الكتاب: قوله تعالى: {فصلِّ لربك وانحر}( الكوثر: 2(
ومن السنة: حديث أنس رضي اللّه عنه قال: (ضحى النبي صلى اللّه عليه وسلم بكبشين أملحين أقرنين ،
ذبحهما بيده، وسمى وكبّر ووضع رجله على صفاحهما)( مسلم: ج 3 / كتاب الأضاحي باب 3/17).
وقد أجمعت الأمة على مشروعيتها.
حكمها:
هي واجبة على الذكر والأنثى عند الإمام أبي حنيفة، وهو المعتمد، بدليل ما روى أبو هريرة رضي اللّه عنه قال: قال النبي صلى اللّه عليه
وسلم: (من وجد سعة فلم يضحِّ معنا فلا يَقْرَبَن مُصلاّنا)( المستدرك: ج 4 / ص 232).
ففي الحديث وعيد من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ولا يكون الوعيد إلا لترك واجب.
وعن أنس رضي اللّه عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (من كان ذبح قبل الصلاة فْليُعِد)( مسلم: ج 3 / كتاب الأضاحي باب 1/
10) والأمر للوجوب فلولا أنها واجبة ما وجبت إعادتها.
وهي سنة مؤكدة عند الإمام أبي يوسف، لما روت أم سلمة رضي اللّه عنها أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: (إذا رأيتم هلال ذي الحجة
وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره)( مسلم: ج 3 / كتاب الأضاحي باب 7/41.)، والتعليق بالإرادة ينافي الوجوب لذا فهي سنة
مؤكدة. وعلى القولين لا يكفر جاحدها.
شروط وجوبها:
1 - الإسلام، لأنها عبادة.
2 - الحرية، لضرورة الملك.
3 - اليسار الذي يتعلق به وجوب صدقة الفطر، وهو ملك نصاب ولو غير نام، وأن يكون زائداً عن حوائجه الأصلية.
4 - الإقامة في بلد أو قرية أو بادية، فلا تجب على المسافر، ولا على الحاج إن كان مسافراً، لقول علي رضي اللّه عنه: "ليس على المسافر
جمعة ولا أضحية".
ولا يجب على الوليّ أن يضحي عن ولده الصغير كصدقة الفطر لاختلاف سببهما، كما أنها لا تجب في مال الصبي لأنها قربة ولا يخاطب بها إلا
العاقل البالغ. وهذا هو القول المفتى به.
وقال الصاحبان: تجب في مال الصبي فيضحي عنه وليُّه، ومثله المجنون.
شروط صحتها:
1 - يشترط أن تكون من النعم وهي: الإبل والبقر والغنم بنوعيه المعز والضأن، لقوله تعالى: {ليذكروا اسم اللّه على ما رزقهم من بهيمة
الأنعام}( الحج: 34). وأفضلها الغنم. والكبش أفضل من النعجة، والأنثى من المعز أفضل من التَّيْس، والأنثى من الإبل والبقر أفضل من الذكر
إذا استويا في اللحم.
ويجوز الاشتراك في الأضحية إذا كانت من الإبل أو البقر بشرط أن لا يزيد عددهم على السبعة أشخاص، فإذا كانوا أكثر من سبعة فلا يجوز
الاشتراك. والأفضل أن يتفقوا قبل الشراء ويقتسموا لحمها بالوزن. ودليل جواز الاشتراك ما روى جابر رضي اللّه عنه قال: (نحرنا مع رسول اللّه
صلى اللّه عليه وسلم عام الحديبية البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة)( مسلم: ج 2 / كتاب الحج باب 62/350). والشاة أفضل من سبع
البقرة أو البدنة إذا استويا في اللحم.
2 - يشترط الثَّنِيُّ في الجميع، إلا الضأن فقد ورد فيها جواز الجَذَع، فعن أم بلال بنت هلال عن أبيها أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال:
(يجوز الجذع من الضأن أضحية)( ابن ماجة: ج 2 / كتاب الأضاحي باب 7/3139). والجذع ما كان فوق ستة أشهر على أن يكون كثير اللحم بحيث
لو وضع مع الثنايا لا يفرق عنها. والثَّنِيّ: ما كان فوق السنة من الغنم، وفوق السنتين من البقر، وفوق الخمس سنين من الإبل.
3 - يشترط في الأضحية أن تكون سليمة من العيوب والأمراض، فلا تصح بالعمياء، ولا بالعوراء، ولا بالعجفاء وهي المهزولة التي لا مخ في
عظامها، ولا بالعرجاء البيّن عَرَجها، لما روى البراء رضي اللّه عنه قال: قام فينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: (أربع لا تجوز في
الأضاحي: العوراء بَيِّن عورها، والمريضة بيّن مرضها، والعرجاء بيّن ظلعها، والكسير التي لا تُنقى)( أبو داود: ج 3 / كتاب الضحايا باب 6/2802).
ولا تصح بمقطوعة الأذن أو الذَّنب أو الإلية إذا كان المقطوع أكثر من الثلث، لما روي عن علي رضي اللّه عنه (أن النبي صلى اللّه عليه وسلم
نهى أن يُضَحَّى بعضْباء الأذن والقرن)( أبو داود: ج 3 / كتاب الضحايا باب 6/2805). ولا تصح بالهَتْماء التي ليس لها أسنان ولا بالجلاّلة التي ترعى
العَذِرة .
وتصح بالجمّاء التي لا قرون لها خِلقَة، والعَظْماء وهي التي ذهب بعض قرنها، والتَّولاء وهي المجنونة إذا لم يمنعها الجنون من الرعي. وتصح
بالجَرباء إذا كانت سمينة، فإذا هزلت بالجَرب فلا يجوز.
وقتها:
يبدأ وقتها بعد طلوع فجر يوم النحر، ويشترط في المِصْر أن يضحي بعد أداء صلاة العيد، لما روى البراء رضي اللّه عنه قال: خطبنا النبي صلى
اللّه عليه وسلم يوم النحر قال: (إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي، ثم نرجع فننحر)( البخاري: ج 1 / كتاب العيدين باب 10/925). وينتهي
وقتها قبل غروب شمس ثالث أيام النحر. والأفضل أن يضحي أول يوم، ويكره تنزيهاً أن يضحي في الليل.
ولو فات الوقت وكان المكلف ممن تتوفر فيهم شروط وجوبها، وجب عليه التصدق بمقدار ثمن شاة، ولو مات أيام النحر سقطت عنه، أما لو مات
بعدها ولم يضحِ فعليه أن يوصي بالتصدق بثمنها.
ما يندب في الأضحية:
1 - أن يأكل منها ويتصدق ويدَّخر، لقوله تعالى: {فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير}( الحج: 28)، ولما روى عبد اللّه بن بريدة عن أبيه رضي اللّه
عنه قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث فأمسكوا ما بدا لكم)(
مسلم: ج 3 / كتاب الأضاحي باب 5/37.)، ويجوز أن يطعم الأغنياء منها، لأنه كما جاز له الأكل وهو غني جاز لغيره.
2 - يستحب أن لا تنقص الصدقة منها عن الثلث، لأن المنصوص قسمتها بين الأكل والتصدق والادخار فيكون لكل قسم الثلث، ولو أخذ الكل
لنفسه جاز لأن القربة تحصل بإراقة الدم. أما إن كانت الأضحية منذورة فلا يحل الأكل منها مطلقاً.
3 - يندب أن لا يتصدق منها بشيء إذا كان ذا عيال حتى يوسع عليهم.
4 - يندب أن يذبحها بنفسه، إن كان يحسن الذبح لأنها عبادة، فإذا فعلها بنفسه كان أفضل كسائر العبادات اقتداءً بفعله صلى اللّه عليه وسلم،
فعن أنس رضي اللّه عنه (أن النبي صلى اللّه عليه وسلم نحر سبع بدناتٍ بيده قياماً)( أبو داود: ج 3 / كتاب الضحايا باب 4/2793.). ويندب أن
يقول عند الذبح: "وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً مسلماً، اللّهم منك ولك، بسم اللّه، اللّه أكبر". وإن كان لا يحسن الذبح
فالأوْلى أن يولّيها غيره.
5 - أن يحضر الأضحية ويشهدها إن لم يذبح، لما روي عن عمران بن حصين رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (يا فاطمة
قومي إلى أضحيتك فاشهديها، فإنه يغفر لك عند أول قطرة تقطر من دمها كل ذنب عملتيه، وقولي إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي للّه
رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين. قال عمران قلت: يا رسول اللّه هذا لك ولأهل بيتك خاصة فأهل ذاك أنتم أم
المسلمين عامة؟ قال: لا بل للمسلمين عامة)( المستدرك: ج 4 / ص 222)
ما يكره في الأضحية:
1 - يكره ذبح الكتابي، أما المشرك والمجوسي والوثني فلا يجوز ذبحه أصلاً.
2 - يكره بيع جلدها أو استبداله بما هو مستهلك، فإن فعل وجب التصدق بالثمن أو بالبدل، لقوله صلى اللّه عليه وسلم فيما رواه عن معقل بن
يسار: (من باع جلد أضحيته فلا أضحية له)( الجامع الصغير)، لذا يجب أن يتصدق بالجلد أو يستعمله.
3 - يكره أن يعطي الجزار منها شيئاً على سبيل الأجرة، لكن يجوز أن يتصدق عليه منها زيادة على الأجرة. لما روي عن علي رضي اللّه عنه
قال: (أمرني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن أقوم على بُدْنه، وأن أتصدق بلحمها وجلودها وأجلَّتها، وأن لا أعطي الجزار منها. قال: نحن
نعطيه من عندنا)( مسلم: ج 2 / كتاب الحج باب 61/348)
4 - يكره جزُّ صوفها قبل الذبح، وإن فعل تصدق به.
5 - يكره ركوبها وتأجيرها والانتفاع بلبنها قبل ذبحها، بل يتصدق بكل ما يأخذه منها، لأنه اشتراها قربة للّه تعالى، فلا ينتفع بشيء منها حتى يذبحه0
و كل عام و أنتم بخير
منقول