انتشرت عمليات التجميل بشكل يفوق
التصور في السنوات الأخيرة بالعالم العربي، وأصبح الإقبال عليها كبيرا من
قبل نجوم ومشاهير، خصوصا في مصر ولبنان، ولم تعد تقتصر على الفنانات
الكبيرات، بل شملت أيضا الفنانات الشابات والشبان، دون مبالاة بالمخاطر،
التي تحيط بهذا النوع من العمليات.
وأصبح التسابق على إجراء
عمليات التجميل لتغيير شكل العينين والأنف وشد الوجه ونفخ الشفتين، وغيرها
من التغيرات، التي تشتغل فيها عمليات التجميل على الجسد، موضة شائعة بين
الشبان والشابات، إلى درجة أن الوجه، الذي تظهر به هذه المطربة أو تلك، في
أحد الكليبات أو الأفلام، لا يشبه الوجه، الذي تظهر به في العمل الذي يليه،
وبات يصعب على الجمهور التعرف عليها بسهولة.
واللافت أن هذه
الظاهرة لم تصب بعد الفنانين والفنانات المغربيات، بالرغم من أن أول مصحة
تجميل في العالم، كما يؤكد عديد من الخبراء والباحثين، كان مقرها بالمغرب،
وبالتحديد في مدينة الدار البيضاء، وأضحت الجراحة التجميلية معروفة في
المغرب منذ الخمسينات، كما أن المغرب يحتل مكانة رفيعة على الصعيد العالمي
في مجال جراحة التجميل.
اتصلنا ببعض الفنانات والفنانين المغاربة،
وطرحنا عليهم سؤال الجراحة التجميلية، تقول فاطمة خير إن سبب انتشار ظاهرة
جراحة التجميل يرجع إلى كون المنتجين في العالم العربي، وخصوصا في مصر
ولبنان، أصبحوا يعتمدون على الشكل الخارجي للفنان أكثر من شخصيته ومن قيمة
إبداعه، لضمان الربح ونجاح العمل
وتضيف "أنا لست ضد المرأة، التي تريد
الحفاظ على جمالها، ولكنني لا أحبذ اللجوء إلى جراحة التجميل، إذ يمكن
للمرء الحفاظ على جماله بوسائل أخرى كممارسة الرياضة، واتباع حمية ما،
واستعمال بعض "الكريمات"، بالإضافة إلى النوم المريح لأكثر من ثماني ساعات
في اليوم".
وعن سبب رفضها لعمليات التجميل، تقول فاطمة "إن ملامح
وجه الإنسان تعكس بعضا من شخصيته، وبتغير هذه الملامح يفقد المرء طبيعته،
ويصبح كل شيء فيه مصطنعا إلى درجة البرودة" .
وردا على شائعة أن فاطمة
خير قامت بعملية تجميل، بعد المظهر، الذي ظهرت به في احتفالات الدورة
الأخيرة لمهرجان السينما الدولي بمراكش، أكدت فاطمة "لم ولن أقوم بأي عملية
تجميل، لأنني والحمد لله لست في حاجة إليها، إضافة إلى أن تقدم السن هو
أيضا له طعمه الخاص وحلاوته، وخير دليل على ذلك أن بعض النجمات الأميركيات،
لم يقمن بأي عملية تجميل، وعلى رأسهن النجمة العالمية شارون ستون، التي
ثبت أنها إلى الآن لم تقم بأي عملية تجميل، بالرغم من أنها تعدت سن
الخمسين، وحين تبتسم، تزيدها التجاعيد، التي تظهر من جراء الابتسامة،
جمالا" .
وذكرت فاطمة، في حديثها لـ "الصحراء المغربية"، أن
الإنسان الطبيعي الشكل أصبح عملة نادرة، كندرة الإنسان، الذي يتمتع
بالأخلاق الحميدة، مبرزة أن التطورات المتسارعة للعصر تكاد تجعل من الإنسان
سطحيا جدا، يهتم بالشكل، وينسى الأهم، ألا وهو الأخلاق
الفنانة مجيدة
بن كيران بدت، في حديثها لـ "الصحراء المغربية"، متفقة مع عمليات التجميل،
التي تقوم بها النساء، حتى يظهرن في أجمل صورة.
وذكرت "وكما يقال
: الله جميل ويحب الجمال"، غير أنها ضد أن تصبح النساء صورة واحدة، وأوضحت
"ليس عيبا أن تجري النساء عمليات تجميل لإخفاء التجاعيد، أو لتحسين
مظهرهن، ولكن العيب هو أن تصبح كل النساء على صورة واحدة، كما حصل مع بعض
الفنانات العربيات، إذ أصبح لهن نفس شكل العيون والأنف إلى درجة أصبح من
الصعب التفريق بينهن، لذا يجب الحفاظ على الجمال الخاص بكل واحدة على حدة" .
وبخصوص ما إذا كانت ترغب في أن تقوم مجيدة في يوم من الأيام بإحدى
عمليات التجميل، قالت بن كيران "الحمد لله، لست في حاجة للقيام بجراحة
تجميلية، ولكن هذا لا يمنع أنه في يوم من الأيام يضطر الإنسان للقيام ببعض
العمليات البسيطة، خصوصا مع التقدم في السن، والحمد لله لم أصل بعد إلى هذه
المرحلة" .
وأرجعت مجيدة بن كيران عزوف الفنانات والفنانين
المغاربة عن القيام بعمليات التجميل إلى عدة أسباب أهمها الدافع المادي على
الخصوص، وقالت "أكبر الأسباب، التي تمنع الفنانات المغربيات من القيام
بهذه العمليات هو الجانب الاقتصادي، كما أن هناك الجانب الديني والتقاليد
والمعتقدات التي نشأن عليها، ولكن أهم سبب هو الجانب المادي"
وخلصت
مجيدة بن كيران إلى التأكيد على أن "الشخص، الذي يقوم بهذه العمليات، لا
يفعل شيئا مشينا، ما دام لم يؤذ أحدا، وهو حر في جسده يفعل به ما يشاء" .
وغير بعيد عن موقف مجيدة بن كيران، يأتي رأي فاطمة النوالي "إذا
كان الإنسان في حاجة ماسة للقيام بهذه العمليات فلم لا، خصوصا إذا كانت
ستغير شيئا في حياته، كإزالة بعض التشوهات الخلقية، التي تتسبب له في عقد
نفسية، أما إذا كان شكل الإنسان لا يحتاج إلا إلى القليل من الماكياج
لإصلاح مظهره، فأعتقد أنه ليس في حاجة إلى مثل هذه العمليات".
وعن
سؤال حول سبب انتشار ظاهرة عمليات التجميل لدى الفنانين والفنانات في جل
البلدان العربية، واختفائها في المغرب، ترد فاطمة النوالي هذه الوضعية إلى
"الخوف، الذي يسيطر علينا، بسبب النتائج السلبية والخطيرة في بعض الأحيان.
فمثلا الممثلة المصرية سعاد نصر التي دخلت للقيام بعملية شد الوجه، فأصبحت
حياتها كلها في خطر، وهي الآن شبه ميتة، واللائحة طويلة وحافلة بالنتائج
السلبية لهذه العمليات، خصوصا في صفوف الفنانات العربيات" .
وأضافت أن عزوف المغربيات عن القيام بهذه العمليات يرجع إلى خوفهن من
التغيير، ومن نظرة الناس إليهن، كما يأتي العمل المادي في الدرجة الأولى
نظرا للتكاليف الباهظة لجراحة التجميل.
وتؤكد فاطمة النوالي أنها لم
تقم بأي عملية تجميل في حياتها، بالرغم من أنها قضت مدة معينة في إحدى دول
الخليج، حيث تنتشر هذه الظاهرة بكثرة، لأن أخلاقها والتقاليد التي نشأت
عليها تمنعها من القيام بشيء كهذا، كما أنها تحب شكلها الطبيعي، الذي خلقها
الله به.
وبما أن عمليات التجميل في الوسط الفني لا تقتصر على
النساء، ارتأت "الصحراء المغربية" الاتصال ببعض الفنانين، وبعض الوجوه
التلفزية المغربية المعروفة، لمعرفة رأيهم حول الظاهرة .
يقول
الممثل المغربي الشاب، عزيز حطاب، إن ابتعاد المغربيات والمغاربة عن القيام
بهذه العمليات يرجع إلى كون المغاربة يتمتعون بجمال رباني، وأنهم ليسوا في
حاجة للقيام بعمليات تجميل.
رأي شاطره فيه زميله الممثل الشاب،
أبو بكر رفيق، وإن كان عزيز لا يخفي رأيه الصريح واقتناعه بأن عمليات
التجميل تزيد المرء جمالا، يقول "الجمال شيء فاتن، وليس عيبا أن يقوم
الإنسان بجراحة تجميلية ليحسن من مظهره" .
في حين يؤكد أبو بكر
أنه لا يحبذ القيام بمثل هذه العمليات، إلا في حالة من الحالات، التي يضطر
فيها الإنسان إلى إجراء عملية تجميل لإزالة تشوه خلقي، أو إخفاء بعض الآثار
الناتجة عن تعرضه لحادثة ما.
وعن سبب انتشار هذه الظاهرة في جل بلدان
العالم العربي وغيابها النسبي في المغرب، يقول عزيز "في لبنان ومصر، الشعب
يقلد الفنانات والفنانين في لباسهم وتسريحات الشعر وغيرها من الأشياء، التي
يقوم بها الفنانون، لهذا السبب نجد أن الإقبال على عمليات التجميل في هذه
البلدان كبير في كل أوساط المجتمع، وبما أن الممثل المغربي لا يقوم بمثل
هذه العمليات نجد أن المغاربة يخافون ولا يثقون في القيام بشيء لا يعرفون
نتائجه السلبية والإيجابية".
ويضيف أن أغلب المغاربة لا يعلمون
بوجود مثل هذه المصحات في البلاد، إضافة إلى الجانب المادي، الذي يقف في
وجوههم حجر عثرة، نظرا لارتفاع تكلفة هذه العمليات.
ويقول زميله أبو
بكر إن "الفنانين المغاربة ليسوا في حاجة إلى القيام بمثل هذه العمليات،
خصوصا أن حب الجمهور لهم هو حب صادق، يعتمد على مدى أهمية الأعمال، التي
يقدمونها، وعلى قيمة إبداعهم الفني، وليس كالفنانين الآخرين، الذين أصبحوا
يعتمدون كثيرا على المظهر الخارجي".
ويضيف "صراحة، حين أنظر إلى
واحدة من المطربات، أرى أن صورتها وجمالها الحقيقيين اختفيا، وأشعر أنها
اصطناعية".
وعن سؤال ما إذا كان يفكر في إجراء إحدى العمليات
التجميلية في يوم من الأيام، قال أبو بكر "إذا طلب مني إجراء عملية تجميل
معينة للقيام بأحد الأدوار في فيلم له قيمة أدبية كبيرة، ويهدف إلى إيصال
وتبليغ رسالة ما للجمهور، فإنني سأقبل بذلك، لكن إذا ما كان فقط لإرضاء
المنتج، أو ليكون وسيلة لضمان نجاح الفيلم، فإنني أرفض ذلك رفضا قاطعا" .
الفنان ياسين أحجام، بدوره، لا يختلف رأيه عن رأي زملائه، حول
الظروف، التي تتطلب القيام بالجراحات التجميلية، خصوصا أن المغاربة يعتبرون
هذه العمليات محرمة، كما أنها لا تدخل في ثقافتنا المغربية.
وأضاف أن
النجوم من طبعهم يكونون واثقين من أنفسهم في أغلب الأوقات، وأن إجراءهم
لعمليات التجميل تبقى من الأشياء الخاصة بهم، وهي لا تنقص من قيمتهم
كفنانين.
وإذا طلب منه إجراء جراحة تجميلية للقيام بدور ما، يقول
ياسين "سأرفض العرض نهائيا، لاسيما أن المنتج والمخرج لا يختاراك لتمثل إلا
بعد أن يكونا مقتنعين وراضيين عن شكلك وعملك".
الخياري ينصح بالتجميل
الغارقين في الديون والبرلمانيين الكذابين وكانت خلاصة هذه الجولة
الاستطلاعية مع الفنانين المغاربة، هذه الوقفة المثيرة مع الفنان الفكاهي
محمد الخياري، الذي سألناه عن سبب تحفظ المغاربة، وعلى الخصوص الفنانين
والفنانات، من القيام بعمليات تجميل، فأجاب ساخرا "المغاربة لا يتحفظون ولا
يرفضون عمليات التجميل، بل ليست لديهم القدرة المادية، التي تتطلبها مثل
هذه العمليات، خصوصا في المغرب.
أما الفنان المغربي، فكيف يمكنه
أن يقدم على ذلك، وهو لا يجد حتى ما يأكله
وزيادة على ذلك، فوجوه
الفنانين المغاربة غير مستهلكة، مثل الزملاء اللبنانيين، الذين أصبحوا
يتاجرون بالجسد" .
وأضاف الخياري "الفنان، الذي يعطي الكثير في عمله،
والذي تقدم به السن، وهو قادر على العطاء، لم لا يقوم بعمليات تجميل، مثلا
عزة العلايلي وغيره من العمالقة، أؤيد قيامهم بعمليات التجميل لشد الوجه،
لأنهم ما زالوا قادرين على العطاء".
وعندما سألناه عن رأيه في
الشبان والشابات، الذين يقومون بتغير كلي أو جزئي للوجه، انفجر ضاحكا وقال
"هادواك ما كي حمدوش الله، وزيد عليهم المرة المتزوجة لي كتنفخ حناكها
وصدرها والمناطق الأخرى اللي منقدوش نذكروها بالاسم، آشنو خاصها إلى كان
الراجل قبل عليها كيف ما هي قبل الزواج، بحال هاذ العيالات تيقلبوا على
الإعاقة بيديهم وبرجليهم وبشي حاجة أخرى" .
وبخصوص أهمية ودور
الشكل في شهرة الفنان، قال "مكينش في العالم شي فنان فيه خيوبة شكل الفنان
عادل إمام، لكنه أحب الناس في العالم العربي، وأكثرهم شهرة"
وخلص
الخياري إلى معالجة الموضوع بسخريته الفكاهية، مؤكدا أن المغاربة لو عرفوا
أهمية هذه العمليات، لتحولت كل المخادع الهاتفية الموجودة في المغرب إلى
مصحات للتجميل، والسبب هو أن الكثير من الشباب المغربي غارقون في القروض
البنكية، وحتى لا يسددوا ما بذمتهم، لعجزهم عن ذلك، سيقومون بعمليات تجميل،
لكي لا تستطيع البنوك التعرف عليهم.
وإضافة إلى هؤلاء الشبان،
يتابع الخياري، هناك البرلمانيون، الذين يكثرون الكذب على الناس حتى يفوزوا
بالانتخابات، وبعدها يختفون، ستكون عمليات التجميل الوسيلة الوحيدة لديهم
حتى لا يتعرف عليهم الناخبون، ويستطيعون الترشح مرة أخرى.
م ن ق و
ل
الحمد لله اننا فقرااااااء الحمد لله