شكل الشباب الفلسطيني الغالبية العظمى من المجتمع الفلسطيني، وبالتالي يجب أن يكون لهم دور متعاظم وفاعل في كافة مناحي الحياة.
والشباب
في فلسطين كأقرانهم في العالم العربي، يعانون من أوضاع ومشكلات مختلفة
تحول دون تحقيق طموحاتهم ولعب الدور المأمول منهم، تتمثل باستمرار العنف
والحصار الذي يمارسه العدو الصهيوني على الفلسطينيين.
وهناك حاجة ملحة إلى دراسة للواقع الاجتماعي للشباب في فلسطين على ضوء هذا الأمر، لاستكشاف الطرق والوسائل من أجل تطويره وتنميته.
فالشباب
الفلسطيني يتحمل العبء الأكبر في الصراع العربي الإسرائيلي من خلال
المواجهة المباشرة مع الصهاينة، حيث تشكلت الفصائل الرئيسية وأطر المقاومة
من قيادات شابة حملت منذ صغرها همها الوطني، وأخذت على عاتقها خوض وقيادة
معركة التحرير والحرية.
لقد لعب الشباب الفلسطيني دورا بارزا في
الحركة الوطنية الفلسطينية منذ تأسيها، فكان الاتحاد العام لطلبة فلسطين
أحد أول وأهم المؤسسات الوطنية والنقابية التي تأسست في الخمسينات من
القرن الماضي.
وقد جاءت أحداث النكبة الثانية التي أدت إلى احتلال
الضفة الغربية وقطاع غزة، وتميزت هذه فترة في سيطرة إسرائيلية شاملة على
الحياة في الأراضي المحتلة، ولم تسعَ إسرائيل أبدأ إلى وجود أي شكل من
المؤسسات أو العمل المجتمعي الفلسطيني، وكانت الأمور تدار عن طريق الحاكم
العسكري وما عرف فيما بعد بما يسمى بالإدارة المدنية.
ومنذ أواسط
السبعينات، بدأت تتشكل لجان العمل التطوعي في الأراضي الفلسطينية، وكان
لهذه اللجان دور فاعل نحو تعزيز العمل التطوعي كأحد أهم أشكال العمل
المجتمعي، وربما كانت شكلا من أشكال المقاومة والإثبات للاحتلال أن الشعب
الفلسطيني متمسك بأرضه وثراه. وكانت أنشطة هذه اللجان تتركز في تنظيم
فعاليات قطف الزيتون وحملات النظافة في المدن والقرى وزراعة الأشجار
وتنظيم المعسكرات التطوعية الشبابية، وبدأت تتشكل من خلال هذا حلقة اتصال
بين الشباب في الضفة الغربية وقطاع غزة وداخل الخط الأخضر.
الانتفاضة
لعب
الشباب دورا رئيسا في فترة الانتفاضة الأولى، وأصبحت كلمة الشباب مرادفا
للانتفاضة وفعالياتها المختلفة، وفي ظل تزايد ممارسات القمع والسيطرة من
قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، فقد ترك هذا أثاراً على سلوك الشباب
والأطفال. ففي داخل الأسرة تنامت مشاعر التمرد وعدم الطاعة بين صفوف
الشباب للآباء والأمهات، وكان هذا يعكس من وجهة نظر الشباب رفضا لكل
الأوامر والتعليمات التي هي أشبه بالقيود التي ترتبط في أذهانهم بالاحتلال
وبتالي يجب أن يتم محاربتها.
ثم تأتي انتفاضة الأقصى الثانية في ظل
الحكم الذاتي الفلسطيني الذي لم تمكنه الظروف المحيطة من احتواء الشباب
الفلسطيني بالشكل المطلوب، ومرة أخرى كان الشباب هم عماد الانتفاضة وفي ظل
حصار اقتصادي بل وتعليمي أيضا.
ومن هنا نلاحظ أن الجانب الاجتماعي
ارتبط ارتباطا وثيقا بالوضع السياسي في فلسطين، حيث إن النشاط الاجتماعي
كان نشاط سياسيا بكل معنى الكلمة. وهذا الأمر طبيعي في مثل هذه الظروف
التي عاشها الشعب الفلسطيني والتي فرضت عليه نمطا معينا من الحياة
الاجتماعية المصبوغة بالوجه السياسي الوطني المقاوم.