السلام عليكم و رحمة الله وبركاته
أوّلا أريد أن أذكّر أنه لا خير في قوم لا يتناصحون ولا خير في قوم لا
يقبلون النّصيحة
تمّ فقد وردَ عَنْ عَبْدِ الله ابن عمر أنّه قال: "أَخَذَ رَسولُ اللهِ صلى
الله عليه وسلم بِمَنْكِبَي فقال: ((كُنْ في الدُّنْيا كَأَنكَ غَريبٌ أو
عابِرَ سبيل".
وورد عن نبي الله عيسى عليه وسلم أنه قال في كلامِهِ عن الدنيا:
"أُعْبُروها ولا تعمُروها".
وكان ابن عمر يقول : إذا أمسيت ، فلا تنتظر الصباح ، وإذا أصبحت فلا تنتظر
المساء ، وخذ من صحتك لمرضك ، ومن حياتك لموتك . رواه البخاري .
الإنسان أيها الإخوة الكرام مهما أوتي من غنى في هذه الدنيا إلا وابتغى
إليه المزيد وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ
قال:"لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى لهما ثالثاً و لا يملأ جوف ابن
آدم إلا التراب و يتوب الله على من تاب".
النفس
تبكي على الدنيا وقد علمت ........... أن السعادة فيها ترك ما فيها
لا دار" للمرء بعد الموت يسكنها .............. إلا التي كان قبل الموت
بانيها
فإن بناها بخير طاب مسكنه ................ وإن بناها بشر خاب بانيها
أموالنا لذوي الميراث نجمعها ................ ودورنا لخراب الدهر نبنيها
أين الملوك التي كانت مسلطنة .............. حتى سقاها بكأس الموت ساقيها
فكم مدائن في الأفاق قد بنيت ............. أمست
خرابا"وافنا الموت أهليها
لا تركن إلى الدنيا وما فيها ......... فالموت لاشك يفنينا ويفنيها
إنما المكارم أخلاق مطهرة ............. الدين أولها والعقل ثانيها
والنفس تعلم أني لا أصادقها ............. ولست ارشد إلا حين اعصيها
واعمل لدار غدا رضوان خازنها ........... والجار احمد والرحمن ناشيها
قصورها من ذهب والمسك طينتها .......... والزعفران حشيش نابت فيها
انهار لبن محض ومن عسل .............. والخمر يجري رحيقا في مجاريها
والطير تجري على الأغصان عاكفة ....... تسبح الله جهرا في مغانيها
من يشتري الدار الفردوس يعمرها .......... بركعة في ظلام الليل يحييها
سلامة الصدر .. طريق إلى الجنة
فإن استطعت ألا تحقد على أي أحد فأفعل ثم أكثر من قول : ربنا لا تجعل في
قلوبنا غلا للذين آمنوا.
فكل منا يعرف قصة أحد المبشرينُ بالجنة من بين أصحاب النبي صلى الله عليه
وسلم لسلامة صدره بحيث لا يجدُ في نفسه لأحد من المسلمين غِشًّا ولا يحسدُ
أحداً على خير أعطاه الله إياه،فكانت تلك الخصال هي هذه التي بلغت به تلك
المنزلة.
روى الإمام أحمد : عن أنس قال : كنا جلوساً مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم فقال (يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة) فطلع رجل من الأنصار تنطف
لحيته من وضوئه قد علق نعليه بيده الشمال فلما كان الغد قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم مثل ذلك فطلع الرجل مثل المرة الأولى ، فلما كان اليوم
الثالث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل مقالته أيضاً فطلع ذلك الرجل
على مثل حالة الأول ، فلما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم تبعه عبد الله
بن عمر بن العاص فقال : إني لا حيت أبي فأقسمت أني لا أدخل عليه ثلاثاً
فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي فعلت قال : ( نعم ) قال أنس فكان عبد
الله يحدث أنه بات معه تلك الليالي الثلاث فلم يره يقوم من الليل شيئا غير
أنه إذا تعار وتقلب على فراشة ذكر الله وكبر حتى يقوم لصلاة الفجر قال
عبدالله غير أني لم أسمعه يقول إلا خيراً ، فلما مضت الليالي الثلاث وكدت
أحتقر عمله قلت يا عبد الله لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجرة ولكن سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك ثلاث مرات ( يطلع عليكم الآن رجل من
أهل الجنة ) فطلعت أنت في الثلاث المرات فأردت أن آوي غليك لأنظر ما عملك
فأقتدي به فلم أرك تعمل كبير عمل فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم ، قال : هو ما رأيت ، فلما وليت دعاني فقال : ما هو إلا ما
رأيت غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشاً ولا أحسد أحداً على خير
أعطاه الله إياه. قال عبد الله فهذه التي بلغت بك وهي التي لا تطاق .
وفي هذه القصة كان الدافع الذي حدا بعبد الله بن عمرو بن العاص إلى أن يقول
ما يقول لذلك الصحابي ، لكي يعلم السبب الذي من أجله كان الرسول صلى الله
عليه وسلم يقول ثلاث مرات : ( يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة ) .
في الأخير بارك الله فيمن قرأ واعتبر والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته