أهمية الأصول الكلية
والقواعد المنهجية فى تقريب العلم وضبطه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إن الحمد لله,نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه,ونعوذ بالله من شرور أنفسنا
و سيئات أعمالنا,من يهده الله فلا مضل له,ومن يضلل فلا هادى له,وأشهد أن
لا إله إلا الله وحده لا شريك له,وأشهد أن محمداً عبده ورسوله,صلى الله
عليه وعلى اله وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد..
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
" لابد أن يكون مع الإنسان أصول كلية ترد إليها الجزئيات ليتكلم بعلم
وعدل,ثم يعرف الجزئيات كيف وقعت؟ وإلا فيبقى فى كذب وجهل فى الجزئيات, وجهل
وظلم فى الكليات, فيتولد فساد عظيم." (مجموع الفتاوى19\203)
وقال أيضاً رحمه الله:
" القواعد المتعلقة بتقرير التوحيد وحسم مادة الشرك والغلو كلما تنوع
بيانها, ووضحت عباراتها,كان ذلك نوراً على نور." (مجموع الفتاوى 1\219)
وقال السعدى- فى معرض كلامه على كتب شيخ الإسلام-:
" ومن أعظم ما فاقت به غيرها , وأهمه وتفردت على سواها: أن مؤلفها رحمه
الله يعتنى غاية الاعتناء بالتنبيه على القواعد الكلية,والأصول الجامعة,
والضوابط المحيطة فى كل فن من الفنون التى تكلم بها.
ومعلوم أن الأصول والقواعد للعلوم بمنزلة الأساس للبنيان, والأصول للأشجار,
لا ثبات لها إلا بها, والأصول تبنى عليها الفروع, والفروع تثبت وتتقوى
بالأصول, وبالقواعد والأصول يثبت العلم ويقوى, وينمى نماءاً مطرداً, وبها
تعرف ماخذ الأصول, وبها يحصل الفرقان بين المسائل التى تشتبه كثيراً."
(طريق الوصول ص:4)
وقال السعدى -أيضاً-:
" من محاسن الشريعة وكمالها وجلالها أن احكامها الأصولية
والفروعية,والعبادات والمعاملات,وأمورها كلها لها أصول وقواعد تضبط أحكامها
وتجمع متفرقاتها,وتنشر فروعها,وتردها إلى أصولها,فهى مبنية على الحكمة
والصلاح, والهدى والرحمة,والخير والعدل,ونفى أضداد ذلك." (الرياض الناضرة
-ضمن المجموعة الكاملة 1\522)
وقال الزركشى -رحمه الله-:
" فإن ضبط الأمور المنتشرة المتعددة فى القوانين المتحدة, هى أوعى لحفظها,
وأدعى لضبطها, وهى إحدى حكم العدد التى وضع لأجلها, والحكيم إذا أراد
التعليم لابد أن يجمع بين بيانين:
إجمالى تتشوف إليه النفس, وتفصيلى تسكن إليه." (المنثور فى القواعد
1\65-66)
وقال الشيخ مصطفى أحمد الزرقا -فى معرض حديثه عن أهمية القواعد الفقهية-:
"فالطالب فى دراسته الشرعية أو القانونية إذا تلقى هذه القواعد,وتفهم جيدا
مدلولاتها ومدى تطبيقاتها, ووقف على مستثنياتها التى يكشف عنها الشرح,ثم
تفهم الأسباب الفقهية التى قضت بقطع الفرع المستثنى عن قاعدته الظاهرة,
وإلحاقه بقاعدة أو أصل اخر, يشعر ذلك الطالب فى ختام دراسته لهذه القواعد
وشروحها كأنما وقف فوق قمة من الفقه تشرف على افاق مترامية الأطراف من
الفكر الفقهى نظريا وعمليا, ويرى امتداداته التطبيقية فى جميع الجهات."
شرح القواعد الفقهية ص11 ط6.دار القلم دمشق
وقال :
" و كون هذه القواعد أغلبية لا يغض من قيمتها العلمية, وعظيم موقعها فى
الفقه, وقوة أثرها فى التفقيه,فإن فى هذه القواعد تصويرًا بارعًا, وتنويرًا
رائعًا للمبادئ والمقررات الفقهية العامة, وكشفاً لافاقها ومسالكها
النظرية, وضبطاً لفروع الأحكام العملية بضوابط تبيّن فى كل زمرة من هذه
الفروع وحدة المناط, وجهة الارتباط برابطة تجمعها و إن اختلفت موضوعاتها
وأبوابها.
ولولا هذه القواعد لبقيت الأحكام الفقهية فروعًا مشتتة قد تتعارض ظواهرها
دون أصول تمسك بها فى الأفكار, وتبرز فيها العلل الجامعة, وتعيّن اتجاهاتها
التشريعية, وتمهد بينها طريق المقايسة والمجانسة"
السابق ص35
قال الشيخ خالد السبت:
"لما تشعبت العلوم, وتناثرت تفاصيلها و جزئياتها, بحيث أصبح من الصعوبة
بمكان الإحاطة بجزئيات فن واحد من فنون العلم فضلاً عن الإحاطة بجزئيات
الفنون المختلفة, عمد العلماء إلى استقراء و إبراز الأصول الجامعة والقضايا
الكلية التى ترجع إليها تلك الجزئيات تيسيراً للعلم, و إعانة على حفظ
ماتناثر من جزئياته, مع اختصار لكثير من الجهد والوقت, إضافة إلى تربية
ملكة الفهم, وضبطه بضوابط تحجزه عن الخطأ.
هذا ولا يمكن للراغب فى دراسة فن من الفنون أن يُحصِّل فيه تحصيلاً معتبراً
إلا بمعرفة قواعده, و الأصول التى تبنى عليها مسائله."
قواعد التفسير جمعاً و دراسة (1\36) ط.دار ابن عفان