صدر مؤخرا عن دار العين بالقاهرة كتاب "المسألة المصرية في أوراق الصدر
الأعظم كامل باشا"، قام بترجمتها من اللغة التركية إلي العربية الدكتور
محمد عبداللطيف هريدي.
يتناول الكتاب المذكرات التي كتبها الصدر الأعظم محمد كامل باشا(1832
ـ1912) وهو أحد الصدور العظام في عهد السلطان العثماني عبدالحميد الثاني
وقد عاصر تطورات المسألة المصرية واحتلال بريطانيا لمصر عام1882 م ثم
المفاوضات التي جرت بين الدولة العثمانية وبريطانيا في محاولة لإجلاء
الجنود البريطانيين عن مصر.
ويري د. هريدي أن التماثل واضحا بين الهجمات الاستعمارية القديمة المتمثلة
في الاحتلال البريطاني ومايعيشه العالم العربي اليوم في مواجهة القوي
الاستعمارية الحديثة المتمثلة في الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، وربما ايضا
الاحتلال الأمريكي للعراق، وغير ذلك من الأزمات التي تعانيها منطقة الشرق
الأوسط.
تقول ليلي الراعي بصحيفة "الاهرام" المصرية انه ربما يعود التشابه بين
أحداث الماضي والحاضر الي تلك الملاحظة التي يمكن رصدها بعد متابعة سطور
الكتاب وبعد الإطلاع بشكل عام علي سير المفاوضات التي كانت تجري بين الدولة
العثمانية وسلطات الاحتلال البريطاني والتي باءت بالفشل ومقارنتها بما
يجري اليوم من مفاوضات مع إسرائيل والولايات المتحدة.
إنه لكي تنجح أي مفاوضات بين أطراف متنازعة يجلسون معا علي طاولة المفاوضات
ويعرضون أوراقهم وملفاتهم السياسية والاقتصادية ينبغي أن تكون هناك درجة
مامن التكافؤ بينهم.. تكافؤ يتيح معه نوعا من الندية والقدرة علي
المواجهة والحوار وفرض الشروط وإلا كان مصير المفاوضات الفشل.. فهل كانت
للدولة العثمانية في تلك السنوات مقومات التكافؤ مع سلطات الاحتلال
البريطاني؟ وهل كان هناك نوع من التنسيق والتوافق بين رجال الدولة
والقائمين علي إجراء المفاوضات؟.
تؤكد المذكرات أن الهوة كانت عميقة بين الطرفين، وكفة الميزان كانت الي
جوار سلطات الاحتلال البريطاني.. إذ بدت حينها الدولة العثمانية ضعيفة
خافتة الصوت, غير قادرة علي الاعتراض أو المواجهة, تقبل بشروط
الاستعمار البريطاني دون أن تجرؤ علي أن تفتح فمها, ومن ثم كان مصير
المفاوضات الفشل والتراجع.
ويعرض الكتاب في فصله الأول الي المسألة الشرقية أو المصرية وهو مصطلح
دبلوماسي تبادلته الدول الأوروبية فيما بينها خلال القرنين الثامن عشر
والتاسع عشر لدلالته علي الأزمة الناجمة عن شدة التنافس علي اقتسام الأراضي
الخاضعة للدولة العثمانية الآيلة للسقوط آنذاك.
ينقسم الكتاب الي قسمين، الأول يتناول فيه كامل باشا الأحداث التي عاصرها
محذرا في كلماته من عواقب الأزمة المالية التي كانت تعاني منها الدولة
الثمانية، ويشتمل القسم الثاني علي صور للمستندات التي تدعم معها وجهة نظره
ورؤاه.