إلى النهاية سوف أعود . إلى الماضي المختفي وراء تلك الجبال البعيدة . لم أستطع تحمل البعد , الدنيا و الفراغ من الذكريات فلقد أصبح قلبي يرفض تكوين ألبوم جديد في صفحاتي , رفض متمسكا بحياتنا التي لم تنتهي هناك وراء الجبال .. وطني ومولدي .. مرفأ شخصيات الماضي .. براءة الصبا التي غادرتها منذ.. . لا أستطيع التذكر .. لكن ذلك منذ زمن منذ تغير مقادير الدنيا و منذ أن رفضتني بشرها الأحباء على قلبي.. منذ أن أطلق علي لقب الثائر ...
حين رفضت السكوت على مسرى حياتهم .. صغر قيمة حياتهم أمام التقاليد العريقة – من بشر فانية – صرخت حين أخذوها مني غصبا , نفس اليوم الذي اعترفت لي بحبها بعد رحلة طويلة من السهر والشوق قالتها أخيرا ..أحبك أيها الملك على قلبي .. نسيت معها الدنيا بقيت أرقص على أنغام تلك الكلمة ساعات وساعات بعد لقائنا الرائع ذاك ..حتى الليل أين انتشر خبر حبنا بين جميع سكان الدنيا بسرعة البشر!! أسرع بكثير من برق الدنيا وتكنولوجيا التقدم .. جاءنا والدها وأعمامها ووقفوا على بابنا بعددهم الكبير من منظري فقد كنت جالسا على سطح المنزل أناجي القمر وأحثه على الإسراع بالذهاب إلى النوم حتى يجيء النهار و ألقاها من جديد وتنير حياتي من جديد .. لم أفهم القصة من الأعلى فقد خرج أبي بدون حذائه من شدة طرقهم ..لتغيب عني أصواتهم من الأعلى إلى أن سقط أبي ... بضربة من أحد أعمامها بقوة بدون أي تحذير بعصاه الغليظة على رأس أبي .. على وجهه !!
سقط أبي كالميت بدون حركة فصرخت من الأعلى , انتبهوا لوجودي ولم أهتم بهم , قفزت بدون تفكير .. لم أعرف أين سقطت .. المهم أن أصل إلى أبي , أساعده وأن امنعهم عنه .. فجلست أمامه أحركه بسرعة محاولا معرفة حالته مناديا بقوة ..أبي ..أبي . هل أنت بخير ؟؟ قم لأسندك وبدأت بالصراخ بعد استمرار جموده وسكون أطرافه .. وإذا بأحدهم يناديني : يا هذا .. لقد دفع أبوك ثمن غلطتك وجنونك .. لقد كان هذا مجرد تحذير فقط .. لا تقترب من سلمى أبدا ..أبدا وإلا ستكون النهاية أيها التافه .. من تكون لتقترب منها. لتعلمها العصيان و الجنون التي تسميه هي الحب .. من تظن نفسك ؟؟ أنسيت من تكون أيها الحقير .. لينقض علي بعدها بالركل بكل قوة وبدون شفقة .. وباقي الأعمام يموتون ضحكا على قوته الجبانة وأنا تحت الحصار وكل ما يبكيني بصمت : والدي ..سكتت عن الصراخ ناسيا القصف من النعال التي أتعرض له من جميع أعمامها التي أرادوا تجربة إثارة ركل اللحم الحي .. لم أهتم .. لم تؤثر بي ضرباتهم .. اشتعلت غضبا لوالدي احترقت من الألم ..لماذا .. لماذا حدث هذا ؟؟
ولكن لماذا يدفع والدي ثمن غلطة , نزوة حبي للمستحيل , عشقي للقمر الذي ينير فوق هذا المكان الملعون.. وما حكمي على قلبي وأنا مجرد تابع لخفقاته . لماذا وضعت والدي في منتصف جنوني , في فوهة مدفعهم : قساة المدينة ..
لماذا يا قلبي عميت عن غيرها وجعلتني ملكا لها .. لهواها ..لماذا أندم على نبض قلبي في أول مرة ينبض فيها بالحياة . صمتت بكمد أمام الظلم ..أمام قوة الدنيا ووقوفها في جهتهم.. حتى فقدت وعيي وغبت عن الحاضر ..فرطت في لحظتي وهزمت أمامهم . انتقلت إلى الظلام , اللا مكان .. أين يأخذني ضعفي عادة.. ولم أفق حتى أحسست بوالدي واقفا بجانبي يحركني بهدوء ويناديني بصوت خافت ...... هل أنت بخير ؟ هل تأذيت ؟
آه يا ربي !! هل جروحك بخير يا بني ؟ لماذا يا ولدي .. ألم تجد غيرها ؟ هل حبها يستحق أن ترمي بنفسك إلى النار؟؟...
كانت ألآلام جراحي أقوى من صوتي ..وخوفي عليه أقوى من أقول بقوة أنها حكمة القلب أيها العزيز .. وأنا عاشق القلوب الموعود.
فقال : يا بني أرجوك .. ابتعد عنها .. حاول أن تنساها فإن حياتك في خطر إن اقتربت . كما أن أباها سيزوجها غدا لإبن عمها..فقد كان يخطط لذلك منذ صغرها .. ولقد قدمت الموعد والمراسيم بطيشك .. لتصبح مستحيلة غدا ..
إنساها يا ولدي وعالج جراح قلبك بالاشتغال في الدنيا وحاول الابتعاد عن التفكير فيها و في الماضي ..
أما جروح الجسد فإنها تزول ..وإياك .. أن تفكر بمراهقتك في الانتقام أو فعل شيء غبي ..و الله سأغضب عليك حتى مماتي .. لا تقلق سوف تنساها ... عاجلا أم أجلا ... وابتسم بألم رغم الدموع التي تلمع من عينيه محاولا طمأنتي .. لكن .. لكن ألم قلبي كان اعظم من يطاق أو أبتسم يجهد مثله وأتناسى واتبع تيار البشر الموتى ....
حاولت أن أخبأ دمعتي , جاهدت لمنعها لكن... وقفت بسرعة والدموع تنهمر.. لا أدري شيئا وانطلقت بالجري نحو الظلام .. نحو المجهول .. بدون أي نية أو هدف .. فقط لأهرب من تلك اللحظة ..من تلك الحادثة ...بعيدا عن تلك الدنيا
لقد مرت على تلك الليلة سنين اختفيت فيها عن تلك الجنة وعن والدي العزيزين..عن أحبابي .. عشت غريبا عن البشر
غريبا عن ألالام قلبي .. وها أنا الأن عائد إلى المنزل بعد أن فرغت من الدموع و البكاء على الماضي
عائد بوجه جديد .. بقلب من حديد . لست المراهق العاشق الذي كان .. ولكنني ظلم الدنيا تجمع في قلب ميت لينفث من قلبه نارا تحرق الذين كانوا سبب ما حصل لي ولأهلي بعدها .. ولأرد الإعتبار أمامها وأمام أعمامها لي ولعائلتي وما حدث لهم بعدي
ولأنزع الخرافات التي زرعوها في عقول الناس و أقطع إشاعة موتي وغروبي عن الدنيا .... سأعود.
من خيالي ...
أتمنى أن تعجبكم ...