mew minto نائب العمدة
الجنس : العمر : 29 عدد المساهمات : 4105 نقاط : 22015
| موضوع: أسرة فلسطينية تعيش في الماضي... الجمعة 9 يوليو - 19:36 | |
| <table border="0" cellpadding="0" cellspacing="0" width="100%"><tr><td colspan="2">
تصور أخي القارئ أن عقارب الزمن توقفت, واستدارت إلى الوراء أكثر من قرن, وعادت الأوضاع إلى ما كانت عليه.. أن تعيش بخيمة أو منزل من الطوب الأحمر, وتفترش الرمل, فالماء والكهرباء وجل وسائل الراحة التي تنعم بها الآن غير موجودة , فمن المؤكد أنك لن تستطيع المكوث في هذا الوضع أكثر من يوم , وتصور معي لو أنك تعيش بمفردك بهذه الصورة, وسط عالم اليوم, وكل الذي حولك ينعم بأبسط وسائل الراحة , ومتوفر له مقومات الحياة الأساسية من ماء وكهرباء , "وحمام" يحفظ كرامته وإنسانيته , وبعض الأجهزة التي تساعدك على تحمل برد الشتاء , وحر الصيف ,وغيرها..الخ .
أكيد أن جوابك سيكون ومن دون تفكير " أن الموت ارحم من تلك العيشة المضنية " .
والسؤال.. ماذا ستفعل ؟!! وما هي ردة فعلك لو عرفت أن هناك أسرة فلسطينية تعيش هكذا ...
إنها أسرة نايف أبو مصطفى من مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة, وبالتحديد في منطقة المشروع, تعيش في غرفة مبنية بحجارة قديمة, أجنابها غير مكتملة, أمامها "حوش" , مفتوحة من كل الجهات, ومعرشة بألواح خشبية وبلاستيكية, تفترش الرمل, وتنسج من أكياس الدقيق فراشا لأرضيتها, وفي الغرفة توجد فرشات قديمة, وبطاطين بالية, والمطبخ داخل الغرفة عبارة عن بعض الصحون والأكواب, ووعاء واحد للطبخ .
وفي حوش المنزل يوجد موقد نار للطبخ بدل البوتاجاز, وبراميل معبأة بالماء, أما الحمام فتلك حكاية لوحدها, فهو عبارة عن حفرة في الأرض, يحفرونها عند قضاء حاجتهم ثم يدفنوها...
مراسل وكالة قدس نت للأنباء التقى المواطن أبو مصطفى ليحدثه عن معنى الحياة بالنسبة له قائلاً " الحياة بالنسبة إلي تعني الموت البطيء, فأنا وأولادي نموت في اليوم ألف مرة , ورغم ذلك أملنا كبير برحمة الله عز وجل ".
أبو مصطفى بدأ بسرد قصته المأساوية وسط دهشتي لما رأيته فقال " أنا هنا في هذا المكان منذ أربع سنوات تقريبا , خرجت من بيت أهلي بعد أن ضاق علينا أنا بأولادي , ونتيجة بعض الخلافات العائلية , وسكنت هنا في البداية , كانت مجرد خيمة , ثم تدبرنا بعض الحجارة القديمة وبنينا هذه الغرفة التي لم تكتمل بعد , وما زالت مفتوحة من جهتين غطيناها ببعض الألواح والأكياس البلاستيكية ".
وتابع " أنا الآن عاطل عن العمل , أتلقى بعض المساعدات التي لا تكفي احتياجات أسرتي ليومين ", صمت قليلا وترقرقت الدموع في عينيه.. وقال وهو يئن من الوجع " وضعي كان ممتاز , حيث كنت اعمل داخل الخط الأخضر , والأمور كانت ماشية, ومنذ ثلاث سنوات والأمور تزداد تعقيدا, واليوم أنا عاجز عن توفير احتياجات أسرتي الأساسية, بل عاجز عن توفير مياه الشرب, فأنا اشحذ المياه لاغتسل أنا وأولادي من الجيران ".
وفجأة بدأت الدموع تنهمر من عينيه , وقال " فقدت ثلاثة أطفال بعد ولادتهم بشهور نتيجة سوء التغذية , وفقر الدم , والبيئة الغير صحية تماما, " مبرزاً لى شهادات وفاة أطفاله " تصديقا لكلامه .
حمام آدمي
أم ربيع وهي زوجة نايف أبو مصطفى أقصى أحلامها بيت صغير متواضع توجد به ماء وكهرباء , واهم شيء حمام يصون كرامتها وآدميتها هي وأولادها.
وبأسلوب هادئ وصوت خافت اقرب للهمس قالت " إن ما نعانيه أصعب من تصور وطاقة أي بشر , وبالنسبة لي كما ترى, أنا مريضة , قمت بإجراء ثلاث عمليات في عيني, الأولى في عيني اليمنى وفشلت والثانية والثالثة في عيني اليسرى ونجحت الحمد لله , والمشكلة أن الأطباء أوصوني بعدم التعرض للشمس , وأنا أعاني من دخان الحطب كل يوم , فانتم كما تروون أطبخ على النار , ومهددة بفقدان نظري إذا استمريت للتعرض للشمس والغبار والدخان , فانا في بيئة ملوثة تماما.
وعن طلبها قالت " اطلب من الله الستر والرحمة , ولا اطلب من العبد شيئا, لأني اعرف أن الآذان صمت, والقلوب تحجرت .
دراسة على ضوء الشموع
أما ربيع فهو الابن الأكبر عند والده نايف ويعتمد عليه في كل شيء, يحاول بجانب دراسته ( الثانوية العامة ) أن يساعد والده ببعض الأعمال قدر استطاعته , وعن ظروف دراسته يقول " أنا ادرس في ظل ظروف قاسية جدا , وضحك ضحكة سخرية ثم قال في فصل الشتاء تمتزج مياه المطر بالتراب ويصبح "وحلة" فلا دراسة ولا نوم ولا حياة أصلا , وفي الصيف كما ترى ,حر شديد , فنحن نعيش في العراء تقريبا , وضوء الشمس مباشر علينا , ولا توجد وسيلة لتخفيف هذا الحر أصلا , رغم ذلك فأنا أحاول قدر المستطاع أن أراجع دروسي على ضوء الشموع , وان شاء الله الظروف تتحسن , وأكمل دراستي , وبسخرية ممزوجة بالألم قال : لا اعتقد ذلك .
عزت نفسي
أما عامر خمسة عشر عاما , فلم يتحمل الموقف , وصرخ بوجهنا , ورفض هو وشقيقاته البنات أن نلتقط صور لهم بجانب والدهم, وخرج عامر من البيت هاربا وهو يبكي, ويتهمهم بألفاظ جلها تدل على عزة نفسه , وفجأة بكت الأم على بكاء ابنها , وأبكت معها بناتها , لدرجة أني تمنيت في هذه اللحظة , أن تنشق الأرض وتبلعني , ولا أرى هذا الموقف الصعب .
حياة بلا روح , وأحلام متعددة بسيطة بالنسبة للآخرين ولكنها كل ما تتمناه هذه الأسرة , تبعثرت في الهواء, واختزلت جل أحلامهم في بيت كريم يصون العائلة, ويحفظ كرامتها, وإنسانيتها التي كفلتها كل الشرائع والقوانين الوضعية .
تلك الحالة وغيرها يجب إعطائهم الأولوية من قبل المسئولين والجمعيات الخيرية, والمؤسسات التي تتلقى المال الوفير باسم هذا الشعب ومعاناته.. ولكن للأسف معظم هذه الجمعيات , تقوم بتوزيع هذه الأموال لغير مستحقيها, وللأقارب والمعارف, والجزء الأكبر منها يذهب إلى جيوب موظفيها ومؤسسيها .
إلى هنا انتهت كلماتنا .. وتبقى صرخات عائلة أبو ربيع تجلجل في السماء لعلها تجد من يصادفها ...
</td></tr></table> | | <table border="0" cellpadding="0" cellspacing="0"><tr></tr></table> |
| |
|