pipawn ساكن مجتهد
الجنس : العمر : 31 عدد المساهمات : 1496 نقاط : 14976
| موضوع: :: ومن لم يستطع... فبقلمه السبت 25 سبتمبر - 16:45 | |
| عن كتاب ومضات على طريق الدعاة للأستاذ : المصطفى ناصريبسم الله الرحمن الرحيم في إطار الفتور الثقافي العام، تعرف الكتابة – كما القراءة عندنا – ركودا كبيرا يرجع لعوامل عديدة و مختلفة. و كل من القراءة و الكتابة يعد عملا فكريا، و بابا من الأبواب التي تثري الفكر، و تقوم السلوك، و تهذب الأخلاق، و تنشر القيم، و تشكل العقول... و بين القراءة و الكتابة علاقة و وشيجة، فالأولى مفتاح الثانية، لذلك جمعهما الله تعالى في قوله سبحانه: (اقرأ و ربك الاكرم الذي علم بالقلم، علم الانسان ما لم يعلم)العلق:3)، و هي الآية التي تبين أننا لسنا أمة "اقرأ" فحسب (كما يشيع) و لكننا أمة "اكتب" كذلك، الأمر الذي يتأكد أكثر في قسمه سبحانه بالقلم: (ن و القلم و ما يسطرون)(القلم:1).. فبالقلم تنتقل المعارف من مكان إلى مكان، و من مصر إلى مصر، و من عصر إلى عصر، و من قوم إلى الأقوام الأخرى كما حدث عن طريق الترجمات المختلفة و الكلمة مكتوبة أو منطوقة كانت و لا تزال ذات بال و أثر منذ بدء الخليقة "في البدء كانت الكلمة"، و يزداد الأثر إذا كانت هذه الكلمة "طيبة" بالمعنى القرآني : (ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت و فرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها)(ابراهيم:24)... و لقد كانت هذه الكلمة الطيبة أداة المصلحين، و الأنبياء و المرسلين، و بآيات القرآن و كلماته جاهد النبي (ص) : (و جاهدهم به جهادا كبيرا)(الفرقان:52)، و بالكتابة دعا إلى الإسلام، و فتح عيونا عميا، و قلوبا غلفا، حيث بلغت رسائله صلى الله عليه و سلم ثلاثين رسالة بعثها كلها إلى الملوك و غير الملوك يدعوهم فيها إلى الله وسبيل الحق. و الذي يستهين بالكلمة و بالكتابة، و لا يرى لها داعيا و لا أثرا هو امرؤ على بصره غشاوة و به غباء استراتيجي مزمن سيما في هذا العصر الذي أضحت فيه منابر الكلام عند غيرنا تتناسل كل دقيقة، و تصرف عليها الأموال، و تجيش لأجلها الطاقات و التجهيزات. و يكفي أن نعلم أن مقالا مكتوبا بسيطا كتبه صحافيان ب "الواشنطن بوست" حول تنصت الرئيس الأمريكي نيكسون على مداولات الحزب الجمهوري كان كفيلا بدفع الرئيس نيكسون إلى الاستقالة سنة 1970. و كما للكلمة الطيبة أثرها الطيب، و ثمارها اليانعة، فإن للكلمة الخبيثة أثرها الخبيث الناسف الذي ينسف بناء القيم و الأفكار، و يحدث ما لا يحمد من البلبلة و الأضرار. و لقد عرفت الساحة الثقافية عندنا أشباه كتاب، و أنصاف مثقفين، زاغ بهم القلم، و انعرجت بهم الأنامل، فكان سلمان رشدي، و علي عبد الرازق، و فرج فودة، و كانت "الشويعرة" :حكيمة الشاوي في قصيدة "اللعن"، و أختها: "البطار" في تجرئها على الإمام البخاري، و كان المتجرؤون على "أبي هريرة" باسم البحث العلمي، و إعادة قراءة التراث... و أعود لأقول أن الكتابة عندنا في أزمة حقيقية و فتور قاتل؛ فإذا كان الإنجيل قد ترجم إلى 1300 لغة، فإن القرآن لم يترجم إلا إلى 30 لغة فقط، ليظهر الفرق بين عنايتهم بكتابهم، و تقصيرنا في حق كتابنا. أضف إلى ذلك تخاذل أصحاب الأقلام، و حملة الشواهد العلمية من "الصالحين" الذين ألقى جم غفير، و عدد كثير منهم الأقلام جانبا بعد أن خطوا آخر حرف من رسائلهم العلمية التي كانت مبلغهم من العلم، و مرقاتهم إلى الوظائف و المناصب، الأمر الذي تعثر لأجله الإنتاج الفكري عامة، و الإعلام الإسلامي خاصة و الذي لا تخفى معاناته على المتتبع. و هنا أذكر كيف أرسل الأستاذ محمد يتيم صيحته الغاضبة في وجه من عول على عطائهم و كتاباتهم دعما لجريدة التجديد في عمود تحت عنوان: "و الذين يكنزون العلم و لا ينفقونه في سبيل الله"، و هي الصيحة التي كانت في واد، و لم تململ أولئك السادرين في فتورهم... الخلاصة أن العمل الإسلامي عامة، و الدعوة خاصة في حاجة اليوم إلى دعاة بأقلامهم، و مجاهدين بكلمتهم المكتوبة إلى جانب المنطوقة دفاعا عن الحق، و دحرا للباطل، و نشرا للفضيلة، و صدا للرذيلة، فالتغيير يكون باليد، و باللسان، و بالقلب،
و بكل وسيلة متاحة و ممكنة، و من لم يستطع فبقلمه...و اليد التي لا تكتب رجلٌ ؟!! | |
|