* ثلاثون 30 تنبيها حول المخالفات الشرعيه للمعتمرين *
ثلاثون تنبيها المخالفات الشرعيه للمعتمرين
د. يوسف بن عبد الله الأحمد(*) 15/9/1429
15/09/2008
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان. أما بعد.
فمن مظاهر الخير كثرة إقبال الناس على العمرة في رمضان وفي الإجازة الصيفية وسائر السنة، وحق لهم فقد ثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما.." متفق عليه من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه -، وعن ابن عباس – رضي الله عنهما - قال: "لما رجع النبي صلى الله عليه وسلم -، من حجته ، قال لأم سنان الأنصارية : "ما منعك من الحج؟" قالت: أبو فلان -تعني زوجها- لـه ناضحان (أي جملان) حجَّ على أحدهما، والآخر يسقي أرضاً لنا. فقال لها النبي – صلى الله عليه وسلم -: "فإذا جاء رمضان فاعتمري، فإن عمرة فيه تقضي حجة معي" متفق عليه.
وقد لحظت ولحظ غيري من طلاب العلم كثرة أسئلة الناس وإشكالتهم في العمرة، وتكثر كذلك المخالفات الشرعية في أدائهم للنسك أو أثناء بقائهم في مكة، فرأيت من المناسب إعداد هذه المطوية لتتضمن الإجابة على ما أمكن من أسئلة المعتمرين المتكررة، وكذلك التنبيه على كثير من الأخطاء والمخالفات الشرعية التي يقع فيها بعضهم ، مع ذكر بعض الطرق والوسائل للدعاة وأهل الخير في كيفية الاحتساب عليها ، ويمكن أن آتي عليها في النقاط الآتية:
(1) يعتقد بعض الناس أن ثوب المرأة للإحرام محدد باللون الأخضر أو الأسود أو الأبيض ؛ وهذا غير صحيح ؛ فإنه لم يثبت في تحديد لون الثوب شيء .
(2) التلفظ بالنية كأن يقول: (اللهم إني أريد ، أو نويت نسك كذا فيسره لي) غير مشروع ، والمشروع أن يلبي بنسكه فيقول: لبيك عمرة.
(3) يجوز للمحرم أن يستعمل الصابون، ووسائل النظافة الأخرى، والمرهم؛ لأنها ليست من محظورات الإحرام، بشرط: ألا تكون معطرة.
(4) يجوز للمحرم أيضاً أن يستعمل السواك و فرشاة و معجون الأسنان. أما النكهة الطيبة التي تصاحب معجون الأسنان كرائحة النعناع مثلاً فلا تضر؛ لأنها ليست طيباً.
(5) التلبية الجماعية بصوت واحد - التي يفعلها بعض الحجاج - بدعة، لم تثبت عن النبي – صلى الله عليه وسلم-، ولا عن أحد من أصحابه. والصواب أن يلبي كل معتمر بصوت منفرد.
(6) لا يلـزم أن يستمر المحرم (رجـلاً كـان أو امـرأة) في الثوب الذي أحرم فيـه طيلة النسك، بل يجوز أن يغيره مـتى شـاء ، ويجوز له أن يغتسل للتنظف؛ لأن ذلك ليس من محظورات الإحرام.
(7) يجوز للمرأة أن تمشط شعرها ، وأن تحك بدنها ؛ بشرط أن لاتتعمد إزالة الشعر. لقول أسماء بنت أبي بكر -رضي الله عنهما- : "كنّا نغطي وجوهنا من الرجال، وكنا نمتشط قبل ذلك في الإحرام" . أثر صحيح أخرجه الحاكم وغيره.
(
القادمون للعمرة بالطائرة إلى جدة: الواجب عليهم أن يحرموا في الطائرة إذا حاذوا الميقات. وإذا رغب القادم للعمرة أن يمكث في جدة يوماً أو يومين ثم ينزل إلى مكة، فالأفضل في حقه أن يبادر بالعمرة ثم يرجع إلى جدة، فإن لم يفعل مكث في جدة بإحرامه فإذا انتهى من عمله أكمل عمرته، أو أنه لا يحرم أصلا فإذا انتهى من عمله في جدة رجع إلى الميقات فأحرم منه.
(9) من سافر إلى جدة وهو لم يرد العمرة، أو كان متردداً في العمرة، ثم عزم على العمرة وهو في جدة: أحرم من جدة لأنه لم يعزم على العمرة إلا منها، فأصبح حكمه حكم أهل جدة، وأهل جدة يحرمون منها لأنهم دون المواقيت كما ثبت في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: "وقت رسول الله – صلى الله عليه وسلم - لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشأم الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم، فهن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن لمن كان يريد الحج والعمرة، فمن كان دونهن فمهله من أهله وكذاك حتى أهل مكة يهلون منها" أخرجه البخاري ومسلم.
(10) من فعل محظوراً من محظورات الإحرام وهو ناسٍ أو جاهل فلا شيء عليه، لقوله تعالى: "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا" قال ابن عباس: "لما نزلت هذه الآية، قال الله: قد فعلت" أخرجه مسلم.
(11) على المعتمر أن يحرص على ستر عورته؛ فإن بعض الرجال قد تنكشف عورته أمام الآخرين أثناء الجلوس أو النوم وهو لا يشعر.
(12) الطهارة شرط لصحة الطواف عند جماهير أهل العلم . بخلاف السعي فلا تشترط له الطهارة ، فمن سعى على غير طهارة ، فسعيه صحيح، ولا شيء عليه.
(13) إذا أقيمت الصلاة أثناء الطواف، أو حضرت صلاة جنازة؛ فصلِّ معهم ثم أكمل الطواف من حيث توقفـت. ولا تنس تغطية العاتقين أثناء الصلاة ؛ فإن تغطيتهما في الصلاة واجبة.
(14) إذا احتجت للجلوس قليلاً، أو لشرب ماء، أو للانتقال من الدور الأرضي إلى الدور العلوي، أو العكس أثناء الطواف فلا حرج.
(15) إذا شككت في عدد الأشواط فتحرَّ الصواب ؛ فإن غلب على ظنك شيء فاعمل به، وإن لم يغلب على ظنك شيء فابن على اليقين: وهو الأقل؛ فإذا شككت هل طفت ثلاثة أشواط أو أربعة فاجعلها ثلاثة.
(16) بعض المعتمرين يضطبع من أول لبس الإحرام ، ويبقى مضطبعاً حتى ينتهي من العمرة، وهذا خطأ، والمشروع أن يغطي كتفيه، ولا يضطبع إلا في الطواف الأول.
(17) ركعتا الطواف يسن فعلهما خلف المقام. ومن الخطأ ما يفعله بعض المعتمرين من الصلاة خلف المقام في أوقات الزحام فيؤذون بذلك الطائفين، والصواب: أن يرجع إلى الخلف حتى يبتعد عن الطائفين فيجعل المقام بينه وبين الكعبة . وإن صلاها في أي موضع من الحرم أجزأت.
(18) ينتشر بين بعض الناس في الطواف و السعي بدعتان:
الأولى: التزام دعاءٍ معين لكل شوط، كما هو موجود في بعض الكتيبات.
الثانية: دعاء مجموعة من الحجاج خلف قائد لهم بصوت واحد مرتفع. فعلى الحاج أن يحذر من هاتين البدعتين؛ لأنه لم يثبت فيهما شيء عن النبي –صلى الله عليه وسلم- أو أحد من أصحابه –رضي الله عنهم -. وفيه أيضاً إيذاء وتشويش شديد على الطائفين.
(19) المحظور في حق المرأة مخيط الوجه واليدين؛ فلا يجوز أن تغطي وجهها بالنقاب، أو البرقع، أو اللثام، ويجوز لها أن تغطي وجهها بغير ذلك كالغطاء العادي. ولا يجوز أن تلبس القفازين، ولكن يجب أن تغطيهما أمام الرجال الأجانب بإدخال اليدين في العباءة؛ لحديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: أن النبي – صلى الله عليه وسلم- قال: "..ولا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين" أخرجه البخاري.
و يعتقد بعض النساء جواز كشف الوجه أمام الرجال ما دامت محرمة وهذا خطأ، والواجب تغطيته؛ ومن الأدلة على ذلك:
أ. قول عائشة –رضي الله عنها-: "كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم - محرمات، فإذا حاذوا بنا أسدلت إحدانا جلبابها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه" أخرجه أحمد وأبو داود وسنده حسن.
ب. وعن أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنهما - قالت: "كنّا نغطي وجوهنا من الرجال، وكنا نمتشط قبل ذلك في الإحرام" . أثر صحيح أخرجه الحاكم وغيره.
وكثير من النساء القادمات للعمرة يكشفن وجوههن أثناء الإحرام وبعده، حتى أصبح كشف الوجه ظاهرة في الحرم، فلابد أن تعلم المرأة أن كشفها للوجه أمام الرجال الأجانب أمر محرم شرعاً لما سبق من الأدلة وغيرها، والواجب عليها التوبة إلى الله وستره أمام الرجال الأجانب.
(20) كثير من النساء لايلبسن الجلباب ، وتكتفي بلبس الثوب أو البنطال. والواجب على المؤمنة أن تلبس الجلباب (العباءة) إذا خرجت أمام الرجال، والدليل على ذلك قوله تعالى: "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفوراً رحيماً" [الأحزاب 59]. وعن أم سلمة – رضي الله عنها - قالت: "لما نزلت "يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ" خَرَجَ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ كَأَنَّ عَلَى رُؤوسِهِنَّ الْغِرْبَانَ مِنَ الْأَكْسِيَةِ" أخرجه أبوداود بسند صحيح .
والدليل الثاني على وجوب لبس الجلباب: حديث أم عطية – رضي الله عنها- قالت: "أُمرنا أن نخرج الحيض يوم العيدين وذوات الخدور (وهي المرأة التي لم تتزوج) فيشهدن جماعة المسلمين ودعوتهم ويعتزل الحيض عن مصلاهن قالت امرأة: يا رسول الله إحدانا ليس لها جلباب، قال: لتلبسها صاحبتها من جلبابها" أخرجه البخاري ومسلم.
(21) بعض الناس يكتفي بتقصير جزء من شعر الرأس من الأمام والخلف، وهذا التقصير لا يكفي، والواجب أن يعمّ جميع الرأس بالحلق أو التقصير، لقوله تعالى :"محلقين رؤوسكم ومقصرين".
(22) المرأة الحائض يجوز لها أن تحرم بالعمرة ولكن لا تطوف بالبيت حتى تطهر. وإذا كانت تخشى أن يرجع أهلها من مكة وهي لم تطهر وهي مضطرة للرجوع معهم، فالحل هنا : ألا تحرم وتدخل مكة بدون إحرام ، فإن رجع أهلها وهي لم تطهر رجعت معهم ولا حرج عليها لأنها لم تحرم، وإن طهرت وهي في مكة أحرمت بالعمرة كأهل مكة من أدنى الحل كالتنعيم وطافت وسعت وقصرت؛ لأنها تجاوزت الميقات وهي غير جازمة بالعمرة.
أما إذا تجاوزت الميقات وهي عازمة على العمرة لكنها لا تريد أن تبقى محرمة عدة أيام قبل الطهر، فالواجب عليها أن ترجع إلى الميقات وتحرم منه؛ لأنه وجب في حقها الإحرام من الميقات.
(23) لا يجوز المرور أمام المصلي إذا كان إماماً أو منفرداً. أما المأمومون فيجوز المرور أمامهم وبين الصفوف.
وينبغي على المصلي أن يبتعد عن مكان مرور الناس في الحرم. وعليه أن يتخذ سترة يصلي إليها ويقرب منها كالجدار والعامود ورف المصاحف ونحو ذلك ولا يضره من مرّ وراء السترة، وألا يقل طولها عن ذراع. فعن أبي سعيد – رضي الله عنه - قال: سمعت النبي – صلى الله عليه وسلم- يقول: "إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان" أخرجه البخاري ومسلم.
ولا فرق في أحكام السترة بين الحرم المكي وغيره على القول الراجح من قولي العلماء ، فإذا كان المرور بين يدي المصلي في غير الحرم محرماً ففي الحرم من باب أولى، بل قد ثبت اتخاذ السترة في الحرم من فعل الصحابة – رضي الله عنهم-؛ فعن يحي بن كثير قال: "رأيت أنس بن مالك دخل المسجد الحرام فركز شيئاً أو هيأ شيئاً يصلي إليه". رواه ابن سعد.
وعن صالح بن كيسان قال: "رأيت ابن عمر _ يصلي في الكعبة ولا يدع أحداً يمرّ بين يديه". رواه أبو زرعة في تاريخ دمشق وابن عساكر في تاريخ دمشق . (وإسناد الأثرين صحيح كما قال الألباني في كتابه حجة الرسول – صلى الله عليه وسلم - ص22).