Lost City
عانقت جدران مدينتنا
عطر قدومك ... وتزيّنت
مساحاته بأعذب عبارات الود والترحيب
اذا كنت واحدا من سكانها فتفضل بالدخول اليها فهي بانتظارك
و ان كنت زائرا جديدا توجه نحو مكتب التسجيل و خذ مفاتيح بيتك
لتتعرف على جيرانك و اذا حصل و ضعت في مدينتنا الجا الى مكتب الاستعلامات
نرجو لك قضاء وقت ممتع
بمنتديات LOst ciTY
Lost City
عانقت جدران مدينتنا
عطر قدومك ... وتزيّنت
مساحاته بأعذب عبارات الود والترحيب
اذا كنت واحدا من سكانها فتفضل بالدخول اليها فهي بانتظارك
و ان كنت زائرا جديدا توجه نحو مكتب التسجيل و خذ مفاتيح بيتك
لتتعرف على جيرانك و اذا حصل و ضعت في مدينتنا الجا الى مكتب الاستعلامات
نرجو لك قضاء وقت ممتع
بمنتديات LOst ciTY
Lost City
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

Lost City


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 صلاح الدين الأيوبي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
pipawn
ساكن مجتهد
ساكن مجتهد
pipawn


الجنس الجنس : انثى
العمر العمر : 31
عدد المساهمات عدد المساهمات : 1496
نقاط نقاط : 14978

صلاح الدين الأيوبي    Empty
مُساهمةموضوع: صلاح الدين الأيوبي    صلاح الدين الأيوبي    Emptyالخميس 5 أغسطس - 7:59







نسبه
ونشأته


هو
أبو المظفر يوسف بن أيوب بن شاذي الملقب
بالملك الناصر صلاح الدين.






اتفق
أهل التاريخ على أن أباه وأهله من (دوين)
وهي بلدة في آخر أذربيجان وأنهم أكراد
روادية، والروادية بطن من الهذبانية، وهي
قبيلة كبيرة من الأكراد.






يقول
أحمد بن خلكان: قال لي رجل فقيه عارف بما
يقول وهو من أهل دوين إن على باب دوين قرية
يقال لها (أجدانقان) وجميع أهلها أكراد
روادية وكان شاذي ـ جد صلاح الدين ـ قد أخذ
ولديه أسد الدين شيركوه ونجم الدين أيوب
وخرج بهما إلى بغداد ومن هناك نزلوا تكريت
ومات شاذي بها وعلى قبره قبة داخل البلد.






ولد
صلاح الدين سنة 532هـ بقلعة تكريت لما كان
أبوه وعمه بها والظاهر أنهم ما أقاموا بها
بعد ولادة صلاح الدين إلا مدة يسيرة،
ولكنهم خرجوا من تكريت في بقية سنة 532هـ
التي ولد فيها صلاح الدين أو في سنة ثلاث
وثلاثين لأنهما أقاما عند عماد الدين زنكي
بالموصل ثم لما حاصر دمشق وبعدها بعلبك
وأخذها رتب فيها نجم الدين أيوب وذلك في
أوائل سنة أربع وثلاثين.







يقول
بن خلكان: أخبرني بعض أهل بيتهم وقد سألته
هل تعرف متى خرجوا من تكريت فقال سمعت
جماعة من أهلنا يقولون إنهم أخرجوا منها
في الليلة التي ولد فيها صلاح الدين
فتشاءموا به وتطيروا منه فقال بعضهم لعل
فيه الخيرة وما تعلمون فكان كما قال والله
أعلم.



ولم
يزل صلاح الدين تحت كنف أبيه حتى ترعرع
ولما ملك نور الدين محمود بن عماد الدين
زنكي دمشق لازم نجم الدين أيوب خدمته
وكذلك ولده صلاح الدين وكانت مخايل
السعادة عليه لائحة والنجابة تقدمه من
حالة إلى حالة ونور الدين يرى له ويؤثره
ومنه تعلم صلاح الدين طرائق الخير وفعل
المعروف والاجتهاد في أمور الجهاد.
صلاح
الدين في مصر


هرب
الوزير الفاطمي شاور من مصر من الوزير
ضرغام بن عامر بن سوار الملقب فارس
المسلمين اللخمي المنذري لما استولى على
الدولة المصرية وقهره وأخذ مكانه في
الوزارة كعادتهم في ذلك وقتل ولده الأكبر
طي بن شاور فتوجه شاور إلى الشام مستغيثا
بالملك العادل نور الدين بن زنكي وذلك في
شهر رمضان 558هـ ودخل دمشق في الثالث
والعشرين من ذي القعدة من السنة نفسها
فوجه نور الدين معه الأمير أسد الدين
شيركوه بن شاذي في جماعة من عسكره كان صلاح
الدين في جملتهم في خدمة عمه وهو كاره
للسفر معهم وكان لنور الدين في إرسال هذا
الجيش هدفان:






أحدهما:
قضاء حق شاور لكونه قصده ودخل عليه
مستصرخا.




والثاني:
أنه أراد استعلام أحوال مصر فإنه كان
يبلغه أنها ضعيفة من جهة الجند وأحوالها
في غاية الاختلال فقصد الكشف عن حقيقة ذلك.






وكان
كثير الاعتماد على شيركوه لشجاعته
ومعرفته وأمانته فانتدبه لذلك وجعل أسد
الدين شيركوه ابن أخيه صلاح الدين مقدم
عسكره وشاور معهم فخرجوا من دمشق في جمادى
الأولى سنة 559هـ فدخلوا مصر واستولوا على
الأمر في رجب من السنة نفسها.





ولما
وصل أسد الدين وشاور إلى الديار المصرية
واستولوا عليها وقتلوا الضرغام وحصل
لشاور مقصودة وعاد إلى منصبه وتمهدت
قواعده واستمرت أموره غدر بأسد الدين
شيركوه واستنجد بالإفرنج عليه فحاصروه في
بلبيس، وكان أسد الدين قد شاهد البلاد
وعرف أحوالها وأنها مملكة بغير رجال تمشي
الأمور فيها بمجرد الإيهام والمحال فطمع
فيها وعاد إلى الشام، وأقام أسد الدين
بالشام مدة مفكرا في تدبير عودته إلى مصر
محدثا نفسه بالملك لها مقررا قواعد ذلك مع
نور الدين إلى سنة 562هـ






وبلغ
نور الدين وأسد الدين مكاتبة الوزير
الخائن شاور للفرنج وما تقرر بينهم فخافا
على مصر أن يملكوها ويملكوا بطريقها جميع
البلاد فتجهز أسد الدين وأنفذ معه نور
الدين العساكر وصلاح الدين في خدمة عمه
أسد الدين، وكان وصول أسد الدين إلى
البلاد مقارنا لوصول الإفرنج إليها واتفق
شاور والمصريون بأسرهم والإفرنج على أسد
الدين وجرت حروب كثيرة.






وتوجه
صلاح الدين إلى الإسكندرية فاحتمى بها
وحاصره الوزير شاور في جمادى الآخرة من
سنة 562هـ ثم عاد أسد الدين من جهة الصعيد
إلى بلبيس وتم الصلح بينه وبين المصريين
وسيروا له صلاح الدين فساروا إلى الشام.







ثم
إن أسد الدين عاد إلى مصر مرة ثالثة وكان
سبب ذلك أن الإفرنج جمعوا فارسهم وراجلهم
وخرجوا يريدون مصر ناكثين العهود مع
المصريين وأسد الدين طمعا في البلاد فلما
بلغ ذلك أسد الدين ونور الدين لم يسعهما
الصبر فسارعا إلى مصر أما نور الدين
فبالمال والرجال ولم يمكنه المسير بنفسه
خوفا على البلاد من الإفرنج، وأما أسد
الدين فبنفسه وماله وإخوته وأهله ورجاله





يقول
بن شداد: لقد قال لي السلطان صلاح الدين
قدس الله روحه كنت أكره الناس للخروج في
هذه الدفعة وما خرجت مع عمي باختياري وهذا
معنى قوله تعالى {وعسى أن
تكرهوا شيئا وهو خير لكم}
(البقرة:216)






وكان
شاور لما أحس بخروج الإفرنج إلى مصر سير
إلى أسد الدين يستصرخه ويستنجده فخرج
مسرعا وكان وصوله إلى مصر في شهر ربيع
الأول سنة 564هـ ولما علم الإفرنج بوصول أسد
الدين إلى مصر على اتفاق بينه وبين أهلها
رحلوا راجعين على أعقابهم ناكصين وأقام
أسد الدين بها يتردد إليه شاور في الأحيان
وكان وعدهم بمال في مقابل ما خسروه من
النفقة فلم يوصل إليهم شيئا وعلم أسد
الدين أن شاور يلعب به تارة وبالإفرنج
أخرى،وتحقق أنه لا سبيل إلى الاستيلاء على
البلاد مع بقاء شاور فأجمع رأيه على القبض
عليه إذا خرج إليه، فقتله وأصبح أسد الدين
وزيرا وذلك في سابع عشر ربيع الأول سنة 564هـ
ودام آمرا وناهيا و صلاح الدين يباشر
الأمور مقرراً لها لمكان كفايته ودرايته
وحسن رأيه وسياسته إلى الثاني والعشرين من
جمادى الآخرة من السنة نفسها فمات أسد
الدين.




وذكر
المؤرخون أن أسد الدين لما مات استقرت
الأمور بعده للسلطان صلاح الدين يوسف بن
أيوب فبذل الأموال وملك قلوب الرجال وهانت
عنده الدنيا فملكها وشكر نعمة الله تعالى
عليه، وأعرض عن أسباب اللهو وتقمص بقميص
الجد والاجتهاد، استعدادا لمواجهات
مستمرة مع الصليبيين من جهة ومع خزعبلات
الدولة الفاطمية من جهة أخرى.
هجوم
الإفرنج على مصر


ولما
علم الإفرنج استقرار الأمر بمصر لصلاح
الدين علموا أنه يملك بلادهم ويخرب ديارهم
ويقلع آثارهم لما حدث له من القوة والملك
واجتمع الإفرنج والروم جميعا وقصدوا
الديار المصرية فقصدوا دمياط ومعهم آلات
الحصار وما يحتاجون إليه من العدد، ولما
رأى نور الدين ظهور الإفرنج ونزولهم على
دمياط قصد شغلهم عنها فنزل على الكرك
محاصرا لها، فقصده فرنج الساحل فرحل عنها
وقصد لقاءهم فلم يقفوا له.






ولما
بلغ صلاح الدين قصد الإفرنج دمياط استعد
لهم بتجهيز الرجال وجمع الآلات إليها
ووعدهم بالإمداد بالرجال إن نزلوا عليهم
وبالغ في العطايا والهبات وكان وزيرا
متحكما لا يرد أمره في شيء ثم نزل الإفرنج
عليها واشتد زحفهم وقتالهم عليها وهو يشن
عليهم الغارات من خارج والعسكر يقاتلهم من
داخل ونصر الله تعالى المسلمين به وبحسن
تدبيره فرحلوا عنها خائبين فأحرقت
مناجيقهم ونهبت آلاتهم وقتل من رجالهم عدد
كبير.
تأسيس
الدولة الأيوبية


واستقرت
الأمور لصلاح الدين ونقل أسرته ووالده نجم
الدين أيوب إليها ليتم له السرور وتكون
قصته مشابهة لقصة يوسف الصديق عليه
السلام، ولم يزل صلاح الدين وزيرا حتى مات
العاضد آخر الخلفاء الفاطميين 565هـ وبذلك
انتهت الدولة الفاطمية وبدأت دولة بني
أيوب (الدولة الأيوبية).




ولقب
صلاح الدين بالملك الناصر وعاد إلى دار
أسد الدين فأقام بها، وثبت قدم صلاح الدين
ورسخ ملكه.




وأرسل
صلاح الدين يطلب من نور الدين أن يرسل إليه
إخوته فلم يجبه إلى ذلك وقال أخاف أن يخالف
أحد منهم عليك فتفسد البلاد، ثم إن
الإفرنج اجتمعوا ليسيروا إلى مصر فسير نور
الدين العساكر وفيهم إخوة صلاح الدين منهم
شمس الدولة توران شاه بن أيوب، وهو أكبر من
صلاح الدين.






و
ذكر ابن الأثير ما حدث من الوحشة بين نور
الدين وصلاح الدين باطنا فقال: وفي سنة 567هـ
حدث ما أوجب نفرة نور الدين عن صلاح الدين
وكان الحادث أن نور الدين أرسل إلى صلاح
الدين يأمره بجمع العساكر المصرية
والمسير بها إلى بلد الإفرنج والنزول على
الكرك ومحاصرته ليجمع هو أيضا عساكره
ويسير إليه ويجتمعا هناك على حرب الإفرنج
والاستيلاء على بلادهم فبرز صلاح الدين من
القاهرة في العشرين من المحرم وكتب إلى
نور الدين يعرفه أن رحيله لا يتأخر وكان
نور الدين قد جمع عساكره وتجهز وأقام
ينتظر ورود الخبر من صلاح الدين برحيله
ليرحل هو فلما أتاه الخبر بذلك رحل من دمشق
عازما على قصد الكرك فوصل إليه وأقام
ينتظر وصول صلاح الدين إليه فأرسل كتابه
يعتذر فيه عن الوصول باختلال البلاد
المصرية لأمور بلغته عن بعض شيعة العلويين
وأنهم عازمون على الوثوب بها وأنه يخاف
عليها مع البعد عنها فعاد إليها فلم يقبل
نور الدين عذره، وكان سبب تقاعده أن
أصحابه وخواصه خوفوه من الاجتماع بنور
الدين فحيث لم يمتثل أمر نور الدين شق ذلك
عليه وعظم عنده وعزم على الدخول إلى مصر
وإخراج صلاح الدين عنها.





ووصل
الخبر إلى صلاح الدين فجمع أهله وفيهم
والده نجم الدين أيوب وخاله شهاب الدين
الحارمي ومعهم سائر الأمراء وأعلمهم ما
بلغه عن عزم نور الدين على قصده وأخذ مصر
منه واستشارهم فلم يجبه أحد منهم بشيء
فقام تقي الدين عمر ابن أخي صلاح الدين
وقال إذا جاء قاتلناه وصددناه عن البلاد
ووافقه غيره من أهله فشتمهم نجم الدين
أيوب وأنكر ذلك واستعظمه وكان ذا رأي ومكر
وعقل وقال لتقي الدين اقعد وسبه وقال
لصلاح الدين أنا أبوك وهذا شهاب الدين
خالك أتظن أن في هؤلاء كلهم من يحبك ويريد
لك الخير مثلنا فقال لا فقال والله لو رأيت
أنا وهذا خالك شهاب الدين نور الدين لم
يمكنا إلا أن نترجل له ونقبل الأرض بين
يديه ولو أمرنا أن نضرب عنقك بالسيف
لفعلنا فإذا كنا نحن هكذا كيف يكون غيرنا
وكل من تراه من الأمراء والعساكر لو رأى
نور الدين وحده لم يتجاسر على الثبات على
سرجه ولا وسعه إلا النزول وتقبيل الأرض
بين يديه وهذه البلاد له وقد أقامك فيها
وإن أراد عزلك فأي حاجة له إلى المجيء
يأمرك بكتاب مع نجاب حتى تقصد
خدمته ويولي
بلاده من يريد وقال للجماعة كلهم قوموا
عنا ونحن مماليك نور الدين وعبيده يفعل
بنا ما يريد فتفرقوا على هذا وكتب أكثرهم
إلى نور الدين بالخبر.






ولما
خلا أيوب بابنه صلاح الدين قال له أنت جاهل
قليل المعرفة تجمع هذا الجمع الكثير
وتطلعهم على ما في نفسك فإذا سمع نور الدين
أنك عازم على منعه عن البلاد جعلك أهم
الأمور إليه وأولاها بالقصد ولو قصدك لم
تر معك أحدا من هذا العسكر وكانوا أسلموك
إليه وأما الآن بعد هذا المجلس فسيكتبون
إليه ويعرفونه قولي وتكتب أنت إليه وترسل
في المعنى وتقول أي حاجة إلى قصدي يجبي
نجاب يأخذني بحبل يضعه في عنقي فهو إذا سمع
هذا عدل عن قصدك واستعمل ما هو أهم عنده
والأيام تندرج والله في كل وقت في شأن
والله لو أراد نور الدين قصبة من قصب سكرنا
لقاتلته أنا عليها حتى أمنعه أو أقتل ففعل
صلاح الدين ما أشار به والده فلما رأى نور
الدين الأمر هكذا عدل عن قصده وكان الأمر
كما قال نجم الدين أيوب وتوفي نور الدين
ولم يقصده وهذا كان من أحسن الآراء
وأجودها.
توسع
الدولة الأيوبية





قال
ابن شداد: لم يزل صلاح الدين على قدم بسط
العدل ونشر الإحسان وإفاضة الإنعام على
الناس إلى سنة 568هـ فعند ذلك خرج بالعسكر
يريد بلاد الكرك والشوبك وإنما بدأ بها
لأنها كانت أقرب إليه وكانت في الطريق
تمنع من يقصد الديار المصرية وكان لا يمكن
أن تعبر قافلة حتى يخرج هو بنفسه يعبرها
فأراد توسيع الطريق وتسهيلها فحاصرها في
هذه السنة وجرى بينه وبين الإفرنج وقعات
وعاد ولم يظفر منها بشيء ولما عاد بلغه خبر
وفاة والده نجم الدين أيوب قبل وصوله إليه.






ولما
كانت سنة 569هـ رأى قوة عسكره وكثرة عدده
وكان بلغه أن باليمن إنسانا استولى عليها
وملك حصونها يسمى عبد النبي بن مهدي فسير
أخاه توران شاه فقتله وأخذ البلاد منه
وبلغ صلاح الدين أن إنسانا يقال له الكنز
جمع بأسوان خلقا عظيما من السودان وزعم
أنه يعيد الدولة المصرية وكان أهل مصر
يؤثرون عودهم فانضافوا إلى الكنز، فجهز
صلاح الدين إليه جيشا كثيفا وجعل مقدمه
أخاه الملك العادل وساروا فالتقوا
وهزموهم وذلك في السابع من صفر سنة 570هـ.




وكان
نور الدين رحمه الله قد خلف ولده الملك
الصالح إسماعيل وكان بدمشق عند وفاة أبيه
ثم إن صلاح الدين بعد وفاة نور الدين علم
أن ولده الملك الصالح صبي لا يستقل بالأمر
ولا ينهض بأعباء الملك

واختلفت الأحوال
بالشام وكاتب شمس الدين ابن المقدم صلاح
الدين فتجهز من مصر في جيش كثيف وترك بها
من يحفظها وقصد دمشق مظهرا أنه يتولى
مصالح الملك ال
صالح فدخلها في سنة 570هـ
وتسلم قلعتها وكان أول دخوله دار أبيه،
وهي الدار المعروفة بالشريف العقيقي،
واجتمع الناس إليه وفرحوا به وأنفق في ذلك
اليوم مالا جليلا وأظهر السرور
بالدمشقيين وصعد القلعة وسار إلى حلب
فنازل حمص وأخذ مدينتها في جمادى الأولى
من السنة نفسها ولم يشتغل بقلعتها وتوجه
إلى حلب ونازلها في يوم الجمعة آخر جمادى
الأولى من السنة وهي المعركة الأولى.





ولما
أحس سيف الدين غازي بن قطب الدين مودود بن
عماد الدين زنكي صاحب الموصل بما جرى علم
أن صلاح الدين قد استفحل أمره وعظم شأنه
وخاف إن غفل عنه استحوذ على البلاد
واستقرت قدمه في الملك وتعدى الأمر إليه
فأنفذ عسكرا وافرا وجيشا عظيما وقدم عليه
أخاه عز الدين مسعود بن قطب الدين مودود
وساروا يريدون لقاءه ليردوه عن البلاد
فلما بلغ صلاح الدين ذلك رحل عن حلب في
مستهل رجب من السنة عائدا إلى حماة ورجع
إلى حمص فأخذ قلعتها ووصل عز الدين مسعود
إلى حلب وأخذ معه عسكر ابن عمه الملك
الصالح بن نور الدين صاحب حلب يومئذ
وخرجوا في جمع عظيم فلما عرف صلاح الدين
بمسيرهم سار حتى وافاهم على قرون حماة
وراسلهم وراسلوه واجتهد أن يصالحوه فما
صالحوه ورأوا أن ضرب المصاف معه ربما
نالوا به غرضهم والقضاء يجر إلى أمور وهم
بها لا يشعرون فتلاقوا فقضى الله تعالى أن
هزموا بين يديه وأسر جماعة منهم فمن عليهم
وذلك في تاسع شهر رمضان من سنة570 هـ عند
قرون حماة ثم سار عقيب هزيمت
هم ونزل على
حلب وهي الدفعة الثانية فصالحوه على أخذ
المعرة وكفر طاب وبارين ولما جرت هذه
المعركة كان سيف الدين غازي يحاصر أخاه
عماد الدين زنكي صاحب سنجار وعزم على
أخذها منه لأنه كان قد انتمى إلى صلاح
الدين وكان قد قارب أخذها فلما بلغه الخبر
وأن عسكره انكسر خاف أن يبلغ أخاه عماد
الدين الخبر فيشتد أمره ويقوى جأشه فراسله
وصالحه ثم سار من وقته إلى نصيبين واهتم
بجمع العساكر والإنفاق فيها وسار إلى
البيرة وعبر الفرات وخيم على الجانب
الشامي وراسل ابن عمه الصالح بن نور الدين
صاحب حلب حتى تستقر له قاعدة يصل عليها ثم
إنه وصل إلى حلب وخرج الملك الصالح إلى
لقائه أقام
معركة
حطين


كانت
معركة حطين المباركة على المسلمين في يوم
السبت 14 ربيع الآخر سنة 583هـ في وسط نهار
الجمعة وكان صلاح الدين كثيرا ما يقصد
لقاء العدو في يوم الجمعة عند الصلاة
تبركا بدعاء المسلمين والخطباء على
المنابر فسار في ذلك الوقت بمن اجتمع له من
العساكر الإسلامية وكانت تجاوز العد
والحصر على تعبئة حسنة وهيئة جميلة وكان
قد بلغه عن العدو أن
ه اجتمع في عدة كثيرة
بمرج صفورية بعكا عندما بلغهم اجتماع
الجيوش الإسلامية فسار ونزل على بحيرة
طبرية ثم رحل ونزل على طبرية على سطح الجبل
ينتظر هجوم الصليبيين عليه إذا بلغهم
نزوله بالموضع المذكور فلم يتحركوا ولا
خرجوا من منزلهم وكان نزولهم يوم الأربعاء
21ربيع الآخر فلما رآهم لا يتحركون نزل على
طبرية وهاجمها وأخذها في ساعة واحدة وبقيت
القلعة محتمية بمن فيها ولما بلغ العدو ما
جرى على طبرية قلقوا لذلك ورحلوا نحوها
فبلغ السلطان ذلك فترك على طبرية من يحاصر
قلعتها ولحق بالعسكر فالتقى بالعدو على
سطح جبل طبرية الغربي منها وذلك في يوم
الخميس 22 ربيع الآخر وحال الليل بين
المعسكرين قياما على مصاف إلى بكرة يوم
الجمعة فركب الجيشان وتصادما والتحم
القتال واشتد الأمر وذلك بأرض قرية تعرف
بلوبيا وضاق الخناق بالعدو وهم سائرون
كأنهم يساقون إلى الموت وهم ينظرون وقد
أيقنوا بالويل والثبور وأحست نفوسهم أنهم
في غد يومهم ذلك من زوار القبور ولم تزل
الحرب تضطرم والفارس مع قرنه يصطدم ولم
يبق إلا الظفر ووقع الوبال على من كفر فحال
بينهم الليل بظلامه وبات كل واحد من
الفريقين في سلاحه إلى صبيحة يوم السبت
فطلب كل من الفريقين مقامه وتحقق المسلمون
أن من ورائهم الأردن ومن بين أيديهم بلاد
العدو وأنهم لا ينجيهم إلا الاجتهاد في
الجهاد فحملت جيوش المسلمين من جميع
الجوانب وحمل القلب وصاحوا صيحة رجل و
احد
فألقى الله الرعب في قلوب الكافرين وكان
حقا عليه نصر المؤمنين ولما أحس القوم
بالخذلان هرب منهم في أوائل الأمر وقصد
جهة صور وتبعه جماعة من المسلمين فنجا
منهم وكفى الله شره وأحاط المسلمون
بالصليبيين من كل جانب وأطلقوا عليهم
السهام وحكموا فيهم السيوف وسقوهم كأس
الحمام وانهزمت طائفة منهم فتبعها أبطال
المسلمين فلم ينج منها أحد واعتصمت طائفة
منهم بتل يقال له تل حطين وهي قرية عندها
قبر النبي شعيب عليه السلام فضايقهم
المسلمون وأشعلوا حولهم النيران واشتد
بهم العطش وضاق بهم الأمر
حتى كانوا
يستسلمون للأمر خوفا من القتل لما مر بهم
فأسر مقدموهم وقتل الباقون.



وكان
ممن سلم من مقدميهم الملك جفري وأخوه
والبرنس أرناط صاحب الكرك والشوبك وابن
الهنفري وابن صاحبة طبرية ومقدم الديوية
وصاحب جبيل ومقدم الأسبتار.






قال
ابن شداد: ولقد حكي لي من أثق به أنه رأى
بحوران شخصا واحدا معه نيف وثلاثون أسيرا
قد ربطهم بوتد خيمة لما وقع عليهم من
الخذلان.






وأما
أرناط فان صلاح الدين كان قد نذر أنه إن
ظفر به قتله وذلك لأنه كان قد عبر به عند
الشوبك قوم من مصر في حال الصلح فغدر بهم
وقتلهم فناشدوه الصلح الذي بينه وبين
المسلمين فقال ما يتضمن الاستخفاف بالنبي
(صلى الله عليه وسلم) وبلغ السلطان فحملته
حميته ودينه على أن يهدر دمه.
أواخر
أيامه


بعد
الصلح سنة 588هـ توجه السلطان إلى القدس
ليتفقد أحوالها وتوجه أخوه الملك العادل
إلى الكرك وابنه الملك الظاهر إلى حلب
وابنه الأفضل إلى دمشق وأقام السلطان
بالقدس يقطع الناس ويعطيهم دستورا ويتأهب
للمسير إلى الديار المصرية وانقطع شوقه عن
الحج ولم يزل كذلك إلى أن صح عنده مسير
مركب الانكتار متوجها إلى بلاده في مستهل
شوال فعند ذلك قوي عزمه أن يدخل الساحل
جريدة يتفقد القلاع البحرية إلى بانياس
ويدخل دمشق ويقيم بها أياما قلائل ويعود
إلى القدس ومنه إلى الديار المصرية.






قال
ابن شداد: وأمرني صلاح الدين بالمقام في
القدس إلى حين عوده لعمارة مارستان أنشأه
به وتكميل المدرسة التي أنشأها فيه وسار
منه ضاحي نهار الخميس السادس من شوال سنة
ثمان وثمانين وخمسمائة ولما فرغ من افتقاد
أحوال القلاع وإزاحة خللها دخل دمشق بكرة
الأربعاء سادس عشر شوال وفيها أولاده
الملك الأفضل والملك الظاهر والملك
الظافر مظفر الدين الخضر المعروف بالمشعر
وأولاده الصغار وكان يحب البلد ويؤثر
الإقامة فيه على سائر البلاد وجلس للناس
في بكرة يوم الخميس السابع والعشرين منه
وحضروا عندهم وبلوا شوقهم منه وأنشده
الشعراء ولم يتخلف أحد عنه من الخواص
والعوام وأقام ينشر جناح عدله ويهطل سحاب
إنعامه وفضله ويكشف مظالم الرعا
يا فلما
كان يوم الاثنين مستهل ذي القعدة عمل
الملك الأفضل دعوة للملك الظاهر لأنه لما
وصل إلى دمشق وبلغه حركة السلطان أقام بها
ليتملى بالنظر إليه ثانيا وكأن نفسه كانت
قد أحست بدنو أجله فودعه في تلك الدفعة
مرارا متعددة ولما عمل الملك الأفضل
الدعوة أظهر فيها من الهمم العالية ما
يليق بهمته وكأنه أراد بذلك مجازاته ما
خدمه به حين وصل إلى بلده وحضر الدعوة
المذكورة أرباب الدنيا والآخرة وسأل
السلطان الحضور فحضر جبرا لقلبه وكان يوما
مشهودا على ما بلغني.





ولما
تصفح الملك العادل أحوال الكرك وأصلح ما
قصد إصلاحه فيه سار قاصدا إلى البلاد
الفراتية فوصل إلى دمشق في يوم الأربعاء
سابع عشر ذي القعدة وخرج السلطان إلى
لقائه وأقام يتصيد حوالي غباغب إلى الكسوة
حتى لقيه وسارا جميعا يتصيدان وكان
دخولهما إلى دمشق آخر نهار يوم الأحد حادي
عشر ذي الحجة سنة ثمان وثمانين وأقام
السلطان بدمشق يتصيد هو وأخوه وأولاده
ويتفرجون في أراضي دمشق ومواطن الصبا
وكأنه وجد راحة مما كان به من ملازمة التعب
والنصب وسهر الليل وكان ذلك كالوداع
لأولاده ومراتع نزهه ونسي عزمه إلى مصر
وعرضت له أمور أخر وعزمات غير ما تقدم.
وفاة
صلاح الدين


قال
ابن شداد: وصلني كتاب صلاح الدين إلى القدس
يستدعيني لخدمته وكان شتاء شديدا ووحلا
عظيما فخرجت من القدس في يوم الجمعة
الثالث والعشرين من المحرم سنة 589هـ وكان
الوصول إلى دمشق في يوم الثلاثاء ثاني عشر
صفر من السنة وركب السلطان لملتقى الحاج
يوم الجمعة خامس عشر صفر وكان ذلك آخر
ركوبه، ولما كان ليلة السبت وجد كسلا
عظيما وما تنصف الليل حتى غشيته حمى
صفراوية وكانت في باطنه أكثر منها في
ظاهره وأصبح يوم السبت متكاسلا عليه أثر
الحمى ولم يظهر ذلك للناس لكن حضرت عنده
أنا والقاضي الفاضل ودخل ولده الملك
الأفضل وطال جلوسنا عنده وأخذ يشكو قلقه
في الليل وطاب له الحديث إلى قريب الظهر ثم
انصرفنا وقلوبنا عنده فتقدم إلينا
بالحضور على الطعام في خدمة ولده الملك
الأفضل ولم تكن للقاضي الفاضل في ذلك عادة
فانصرف ودخلت إلى الإيوان القبلي وقد مد
السماط وابنه الملك الأفضل قد جلس في
موضعه فانصرفت وما كانت لي قوة في الجلوس
استيحاشا له وبكى في ذلك اليوم جماعة
تفاؤلا لجلوس ولده في موضعه ثم أخذ المرض
يتزيد من حينئذ ونحن نلازم التردد طرفي
النهار وندخل إليه أنا والقاضي الفاضل في
النهار مرارا وكان مرضه في رأسه وكان من
إمارات انتهاء العمر غيبة طبيبه الذي كان
قد عرف مزاجه سفرا وحضرا ورأى الأطباء
فصده ففصدوه فاشتد مرضه وقلت رطوبات بدنه
وكان يغلب عليه اليبس ولم يزل المرض
يتزايد حتى انتهى إلى غاية الضعف واشتد
مرضه في السادس والسابع والثامن ولم يزل
يتزايد ويغيب ذهنه ولما كان التاسع حدثت
له غشية وامتنع من تناول المشروب واشتد
الخوف في البلد وخاف الناس ونقلوا أقمشتهم
من الأسواق وعلا الناس من الكآبة والحزن
ما لا تمكن حكايته ولما كان العاشر من مرضه
حقن دفعتين وحصل من الحقن بعض الراحة وفرح
الناس بذلك ثم اشتد مرضه وأيس منه الأطباء
ثم شرع الملك الأفضل في تحليف الناس، ثم
إنه توفي بعد صلاة الصبح من يوم الأربعاء
السابع والعشرين من صفر سنة 589هـ وكان يوم
موته يوما لم يصب الإسلام والمسلمون بمثله
منذ فقد الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم
وغشي القلعة والملك والدنيا وحشة لا
يعلمها إلا الله تعالى وبالله لقد كنت
أسمع من الناس أنهم يتمنون فداء من يعز
عليهم بنفوسهم وكنت أتوهم أن هذا الحديث
على ضرب من التجوز والترخص إلى ذلك اليوم
فإني علمت من نفسي ومن غيري أنه لو قبل
الفداء لفدي بالأنفس.





ثم
جلس ولده الملك الأفضل للعزاء وغسله،
وأخرج بعد صلاة الظهر رحمه الله في تابوت
مسجى بثوب فوط فارتفعت الأصوات عند
مشاهدته وعظم الضجيج وأخذ الناس في البكاء
والعويل وصلوا عليه أرسالا ثم أعيد إلى
الدار التي في البستان وهي التي كان
متمارضا بها ودفن في الصفة الغربية منها
وكان نزوله في حفرته قريبا من صلاة العصر.




وأنشد
بن شداد في آخر السيرة بيت أبى تمام الطائي
وهو:




ثم
انقضت تلك السنون*****وأهلها فكأنها وكأنهم
أحلام






رحمه
الله تعالى وقدس روحه فلقد كان من محاسن
الدنيا وغرائبها، وذكر ابن شداد : أنه مات
ولم يخلف في خزانته من الذهب والفضة إلا
سبعة وأربعين درهما ناصرية وجرما واحدا
ذهبا صوريا ولم يخلف ملكا لا دارا ولا
عقارا ولا بستانا ولا قرية ولا مزرعة.




وفي
ساعة موته كتب القاضي الفاضل إلى ولده
الملك الظاهر صاحب حلب بطاقة مضمونها {لقد
كان لكم في رسول الله أسوة حسنة}
{إن زلزلة الساعة شيء عظيم}
كتبت
إلى مولانا السلطان الملك الظاهر أحسن
الله عزاءه وجبر مصابه وجعل فيه الخلف في
الساعة المذكورة وقد زلزل المسلمون
زلزالا شديدا وقد حفرت الدموع المحاجر
وبلغت القلوب الحناجر وقد ودعت أباك
ومخدومي وداعا لا تلاقي بعده وقد قبلت
وجهه عني وعنك وأسلمته إلى الله تعالى
مغلوب الحيلة ضعيف القوة راضيا عن الله
ولا حول ولا قوة إلا بالله وبالباب من
الجنود المجندة والأسلحة المعدة ما لم
يدفع البلاء ولا ملك يرد القضاء وتدمع
العين ويخشع القلب ولا نقول إلا ما يرضي
الرب وإنا عليك لمحزونون يا يوسف وأما
الوصايا فما تحتاج إليها والآراء فقد
شغلني المصاب عنها وأما لائح الأمر فإنه
إن وقع اتفاق فما عدمتم إلا شخصه الكريم
وإن كان غيره فالمصائب المستقبلة أهونها
موته وهو الهول العظيم والسلام



الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
صلاح الدين الأيوبي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» صلاح الدين الأيوبي - فارس في ميدان التاريخ
» ¨{}{شخصيات تاريخية }؛؛؛؛؛؛هو السلطان ناصر الدين أبو ادخل لترى
» الا هذا الدين لايقدر عليه ,
» الدعاء عند إرجاع الدين ( القرض
» مسلمة اليوم : بنت الدين أم بنت الدنيا ؟مسلمة اليوم : بنت الدين أم بنت الدنيا ؟

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
Lost City :: حول العالم :: عبر التاريـخ-
انتقل الى: