يعمل جهاز
الغدد الصماء، أو ما يعرف بالجهاز الهرموني، على إنتاج الهرمونات التي
تعتبر إشارات كيميائية تنتقل عبر الدم إلى جميع أنحاء الجسم، فتواكب وتسيطر
على جميع التغيرات الجسدية والعاطفية التي يمر بها الإنسان منذ الولادة
حتى آخر العمر. وتعمل كل غدة من هذه الغدد الموزعة في أماكن مختلفة من
الجسم على إفراز هرموناتها الخاصة بها بطريقة مرتبة ومنظمة، لتعمل جميعها
بصورة هرمونية متوازنة لمساعدة الجسم على توازنه الصحي.
خلل هرموني وفي حال حدوث خلل
ما في هذا النظام الهرموني بسبب نقص أو فرط إفراز أحد هذه الهرمونات، يبدأ
الجسم بالمعاناة من أعراض هذه المشكلة، وقد تتفاوت الأعراض في شدتها من
العرض البسيط الذي يمكن تجاهله، حتى قمة المرض.
ومن
الأعراض البسيطة التي قد يعزوها الإنسان إلى أي أمر آخر، الشعور بالتعب
والإنهاك والإرهاق المزمن، والتي تعتبر من أولى علامات مرض أديسون.
مرض أديسون (Addison"s disease) هو أحد أمراض الغدد الصماء المعروفة،
ويعرف أيضا بمرض القصور الكظري (adrenal insufficiency ) أو مرض نقص
الكورتيزول (hypocortisolism)، وتحدث الإصابة به بسبب نقص إفراز هرمونات
الغدة الكظرية (الكورتيزول والألدوستيرون)، والتي تعرف أيضا بالغدة فوق
الكلوية لوجودها فوق الكلية.
يصيب مرض أديسون النساء والرجال
بنسب متساوية في أي عمر، ولكن في الغالب ما تتم الإصابة به بين عمر
الثلاثين والخمسين.
هرمون الكورتيزول ينتمي هرمون
الكورتيزول إلى مجموعة الجلوكوكورتيكويد التي تعمل وتؤثر على جميع أعضاء
وأنسجة الجسم. وعلى الرغم من وجود مئات التأثيرات والوظائف لهذا الهرمون،
فإن تأثيره الأهم يكمن في مساعدته جسم الإنسان على التعامل مع الضغوط بجميع
أشكالها الموجهة إلى هذا الجسم.
ومن وظائفه
المهمة:
- ضبط ضغط الدم ووظائف القلب.
- إبطاء الالتهابات الناتجة عن
تفاعل جهاز المناعة.
- يساعد على عملية التوازن بين تكسير
الأنسولين واستخراج الطاقة.
- تنظيم عمليات الأيض للبروتينات
والكربوهيدرات والدهون.
- يساعد الجسم على الإحساس المضبوط
بالصحة السليمة للجسم.
هرمون
الألدوستيرون ينتمي هذا الهرمون إلى مجموعة
المينرالوكورتيكويد (mineralocorticoids) التي تفرزها الغدة الكظرية.
ووظائف
الألدوستيرون تتمثل في أنه:- يساعد في المحافظة على المعدل الطبيعي
لضغط الدم.
- يحافظ على التوازن بين الأملاح والماء في الجسم.
- يساعد الكلى على التخلص من البوتاسيوم والاحتفاظ بالصوديوم.
أسباب مرض أديسون
وتنتج أغلب حالات مرض أديسون (نحو 70%) بسبب مرض مناعي
ذاتي، حيث ينتج الجهاز المناعي في جسم الإنسان أجساما مضادة تهاجم وتدمر
الطبقة الخارجية للغدة الكظرية، والتي تعرف بالقشرة، مما ينتج عنه قلة
إفراز هرموني الكورتيزول والألدوستيرون.
وفي بعض
الحالات الأخرى (20%) ينتج المرض بسبب إصابة الغدة بالدرن الذي يعمل على
تدمير الغدة الكظرية.
وهناك أسباب أخرى تشمل: الالتهابات
المزمنة، وبالأخص الالتهابات الفطرية، وانتشار الخلايا السرطانية إلى الغدة
الكظرية من أعضاء أخرى في الجسم كالرئتين أو الثديين، أو بسبب الاستئصال
الجراحي للغدة.
وفي حالات نادرة قد يتسبب فشل الغدة النخامية
(الغدة الأم) في إنتاج الهرمون المحفز أو المنشط للغدة الكظرية لإنتاج
هرمون الكورتيزول، في حصول حالة خطرة تعرف بالقصور الكظري الثاني، كنتيجة لانخفاض إفراز هرمون الكورتيزول على الرغم من سلامة الغدتين الكظريتين، حيث إنهما لا تحصلان على تنبيه كاف
نظرا إلى الخلل الوظيفي في الغدة النخامية.
الأعراض تظهر أعراض مرض أديسون تدريجيا، فتبدأ
الأعراض الأساسية للمرض في الظهور بالتعب والإرهاق والضعف، ثم تتطور إلى
ضعف وألم في العضلات مع فقدان للشهية، الأمر الذي يؤدي إلى فقدان الوزن.
وتشمل
الأعراض الأخرى:- الغثيان والقيء والإسهال.
- الإحساس بالدوار
أو الدوخة أو الإغماء عند الوقوف بسبب انخفاض ضغط الدم.
- تغير
لون الجلد إلى اللون الداكن أو البرونزي الغامق، في أجزاء الجلد المغطاة
والمكشوفة على السواء، ولكن التغير يلاحظ بشدة في ثنيات الجلد وأماكن الضغط
كالمرفقين والركبتين والمفاصل والشفاه والأغشية المخاطية. ويتغير لون
الجلد بهذا الشكل بسبب زيادة إنتاج هرمون الغدة النخامية الذي يحفز إنتاج
وإفراز صبغة الميلانين.
- الإصابة بأعراض انخفاض السكر.
- الشعور بالاكتئاب وعدم الاتزان والهيجان.
- تصاب النساء
باضطرابات الدورة الشهرية أو انقطاعها.
- الرغبة القوية في
تناول الطعام المالح، وذلك بسبب نقص ملح الصوديوم في الجسم.
صدمة
أديسون
من الملاحظ أنه بسبب عمومية الأعراض وتقدمها بشكل تدريجي وبطيء، فقد
يتجاهلها المصاب ولا يعيرها الاهتمام الكافي، حتى يصاب فجأة بما يعرف بصدمة
أو أزمة أديسون (addisonian crisis)، أو نوبة القصور الكظري الحاد، والتي
تحدث للمرضى المصابين بمرض أديسون دون تشخيص المرض لدى تعرضهم لأي أزمة
حادة، كالإجهاد الشديد أو الضغط أو التوتر النفسي أو الإصابات الجسدية أو
حالات العدوى.
ومن المهم جدا اللجوء إلى العناية الطبية نظرا
لخطورة صدمة أديسون على حياة المريض في حال عدم تناول العلاج الإسعافي
اللازم.
أعراض صدمة
أديسون
- الغثيان والقيء.
- ألم حادّ أسفل البطن والظهر والأرجل.
- إسهال شديد وجفاف.
-
انخفاض في ضغط الدم.
- الارتباك أو
الذهول.
- فقدان الوعي.
التشخيصيتم
التشخيص بالتعرف على التاريخ المرضي والأعراض التي يعاني منها المريض،
وعلى الأخص التغيرات اللونية الجلدية التي قد توجه الطبيب نحو هذا المرض،
ومن ثم إجراء الفحوصات الطبية التي تشمل اختبار تحفيز الغدة النخامية،
وقياس نسبة الكورتيزول في الدم والبول، وإجراء أشعة سينية للبطن، والتي قد
تظهر ترسبات الكالسيوم على الغدة الكظرية في حال إصابتها بالدرن، وعمل
اختبارات الدرن، وعمل أشعة مقطعية على الدماغ لمعرفة وضع الغدة النخامية في
حالات القصور الكظري الثانوي.
أما العلاج فيتم باستبدال أو
تعويض الهرمونات الناقصة التي لا تستطيع الغدة إنتاجها، فيعطى هرمون
الكورتيزول على شكل حبوب، مرتين يوميا، والفلودروكورتيزون وهو الهرمون
المعوض لنقص الألدوستيرون. وقد يوصي الطبيب بالإكثار من تناول ملح الطعام.
علاج صدمة أديسون
إن انخفاض ضغط الدم، ونقص السكر في الدم، وارتفاع ملح البوتاسيوم، وانخفاض
ملح الصوديوم في الدم، لهي من الخطورة التي قد تودي بحياة المريض، لذا يتم
العلاج فورا عن طريق الحقن بالوريد لمحاليل الملح والجلوكوز وهرمون
الكورتيزون، وباعتماد هذه العلاجات الأساسية الحيوية يتم التحسن بشكل سريع
في حالة المريض.
وعند استطاعة المريض (بعد التغلب على الصدمة)
تناول العلاج عن طريق الفم، يتم إنقاص جرعة الكورتيزون عن طريق الوريد
وتعويضها بتناول الهرمون التعويضي للكورتيزول والألدوستيرون عن طريق الفم