[SIZE="4"][color:5a89="Red"]وعوداً على موضوع القيادة:[/SIZE]
فالطريق لتحرير الأقصى يحتاج إلى قيادات حقيقية صادقة مستقلة قوية أمينة،
تكون على مستوى هذه الاحداث الجسام، ملمة بفقه الواقع وفقه الشريعة،
وينشؤون هيئة مناصحة لها فروع في أقطار العالم الإسلامي، تسعى لنشر البيان
والبلاغ، وتوعية عامة أبناء الأمة شرعياً وسياسياً، وعندها تتحرر العقول من
الجهل والغفلة، والنفوس من الخضوع والخنوع للحكام الخاضعين لأعدائنا.
فالمعرفة
بخطورة هذا الواقع الذي نعيشه، ودور الحكام وأعوانهم فيه، هي الخطوة
الأولى لتشكيل قوة دافعة في النفس، لتتحرك لتغيير هذا الواقع المظلم. وهنا
لا بد من إنزال فقه الشريعة على هذا الواقع، وعندها تنضبط تحركاتنا على
الطريق المستقيم، لتصحيح الأوضاع المنكرة وإزالة العدوان عن أمتنا.
كما
ينبغي أن يحرص أعضاء هذه الهيئة، على أن يكونوا في مأمن من تدخل السلاطين
في هيأتهم، متبرئين منهم جميعاً، حذرين من اختراقهم لهيئتهم عبر علماء
السوء، كما هو حال كثير من الهيئات القائمة في بلادنا، وإن من واجبهم نشر
الأحكام الشرعية ذات الصلة بهذه المواضيع، كالتأكيد على أن الجهاد متعين
اليوم إلى أن تتم الكفاية، والتأكيد على الفتوى التي صدرت عن بعض أهل العلم
في أحداث غزة، والمتضمنة بأن من ساعد الأعداء وظاهرهم على المسلمين، يكون
مرتكباً ناقضاً من نواقض الإسلام، وما يترتب على ذلك من أحكام.
كما
أضع بين يدي العلماء والدعاة بعض المقترحات في هذا المجال، راجياً بذل
الجهود لاستكمال الأمر وتطويره، ومن أهم هذه المقترحات:
أولاً:
القيام بعمل القوائم المتضمنة للعلماء والدعاة والمفكرين والكتاب الصادقين
المناصحين لأمتهم، مع أبرز مؤلفاتهم، والعمل على نشرها بين عامة الأمة،
ولا يمنع من ذلك وجود بعض الزلل غير المتعمد، فتتم الملاحظة عليه والنصح
فيه، وإلا فلن يبقى لنا عالم فضلاً عمن دونه، فينبغي العمل على إبراز
القيادات الصادقة الملتزمة بمنهج الإسلام.
ثانياً:
تصحيح المفاهيم الشرعية في فكر وحياة الأمة. ومن الكتب المفيدة في ذلك
كتاب (فتح المجيد) للشيخ عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ وهو كتاب مهم جداً
لمعرفة التوحيد والتحذير من الشرك ومنه شرك القبور وشرك القصور، وكتابي
الشيخ محمد قطب (مفاهيم ينبغي أن تصحح) و(هل نحن مسلمون)، وكتاب (التبيان
في كفر من أعان الأمريكان) للشيخ المجاهد ناصر بن حمد الفهد فك الله أسره
من سجون الرياض.
وهناك كتاب خامس مفيد، في تقييم جميع الأنظمة في العالم
الإسلامي، وإن كان عنوانه خاصاً (النظام السعودي في ميزان الإسلام)، وكثير
من الكتب المفيدة يتيسر قراءتها على شبكة المعلومات كموقع التوحيد
والجهاد.
ثالثاً: تنبيه الأمة على أن هناك
حرباً لتغيير وإماتة الأسماء والمصطلحات الشرعية، لارتكاب ما حرم الله
تعالى، فيجب تفنيد ذلك وإشاعة الأسماء والألفاظ الشرعية، ومن أمثلة ذلك:
انتهاك حرمة الربا فسموه بالفائدة، وأطلقوا على البنوك الربوية البنوك
التجارية.
وعندما أرادو انتهاك حرمة الخمر، أطلقوا عليه المشروبات
الروحية وما شابهها من أسماء.
وعندما أرادوا محاربة ذروة سنام الإسلام
الجهاد في سبيل الله، سموه بالعنف والإرهاب.
ولما أرادوا إرتكاب نواقض
الإسلام، وموالاة أعداء الله، أماتوا حد الردة ووصفوا كل من دعا لإقامة هذا
الحد بأنه تكفيري.
ويتم الحديث عن تسمية الكافر والمرتد والزنديق
والمنافق بلفظ الآخر، وينفرون عن استخدام المصطلحات الشرعية، وكذا المغالطة
بحوار الأديان، وحرية الرأي وحرية التعبير والتعايش السلمي، والدول
الصديقة وعقود تقديم التسهيلات لدعم السفن الحربية الصليبية، في الوقت الذي
يقوم به اليهود والنصارى بقتل إخواننا في فلسطين والعراق وأفغانستان
ووزيرستان والصومال وكشمير والفلبين والشيشان. فالمغالطة بالأسماء
والمصطلحات باب واسع فينبغي تتبعها وكشف حقيقتها وحقيقة ناشريها.
رابعاً:
القيام بعمل القوائم المتضمنة لأعدائنا من المنافقين ووسائلهم، ولاسيما
الإعلامية كالصحف والكتب والمجلات والإذاعات والقنوات الفضائية، وأخطرها
الأخيرتان كهيئة الإذاعة البريطانية وأخواتها وقناة الحرة وقناة العربية.
وكذلك
إعداد القوائم للذين تصب جهودهم في صالح أعدائنا دون أن يشعروا، كالمرجفين
والمخذلين والمثبطين من المسلمين، وذلك بالضوابط الشرعية، ونشرها على
الأمة بالوسائل المتاحة لتحذرهم، مرفقين تلك القوائم بوثائق وبراهين من
أقوالهم وأفعالهم، تدلل على ذلك مع تفنيدها، وأذكر هنا بقول الله تعالى
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء
بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ
تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ
إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) المائدة 8.
فكشف حقيقة
المنافقين منهج قرآني، كما أجمع العلماء على وجوب كشف المنافقين
والمبتدعين، وقد سئل الإمام أحمد رحمه الله: الرجل يصوم ويصلي ويعتكف أحب
إليك، أو يتكلم في أهل البدع؟ فقال (إذا قام وصلى واعتكف، فإنما هو لنفسه،
وإذا تكلم في أهل البدع، فإنما هو للمسلمين. هذا أفضل). انتهى كلامه.
فالأمة
بحاجة ماسة اليوم، وخاصة بعد هذه الحرب على غزة، أن تعرف المنافقين على
جميع الأصعدة، لتحذرهم فتجاهدهم، كما في قوله تعالى (وَإِذَا رَأَيْتَهُمْ
تُعْجِبُكَ أَجْسَامُهُمْ وَإِن يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ
كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُّسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ
هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ)
سورة المنافقون 4
وقول الله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ
الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ
جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) سورة التوبة 73
فخلاصة القول: لا بد
من قادة صادقين وتوعية شرعية وسياسية وجهاد في سبيل الله وكشف لحقيقة
المنافقين وتمايز ومفاصلة معهم، مع العلم أن المفاصلة هي أمر قائم من جهة
الحكام، فلديهم أجهزة أمنية يصل تعداد أفرادها إلى مئات الألوف، ترصد
الناصحين لأمتهم، وتتجسس عليهم، وتعد بهم قوائم تسمى سوداء لمحاربتهم بطرق
عدة، إغراء وإغواء، وفصلاً وسجناً، ومنعاً من السفر، ومطاردة وتشويهاً
لسمعتهم، بل وقتلاً، وذلك كله للحيلولة بينهم وبين منابر التوجيه، لنصح
أمتهم وتحذيرها من مؤامراتهم، وفي المقابل انفردوا هم وعلماؤهم وإعلامهم
بالدجل على الأمة وتضليلها. وفيما يخص قوائم أعدائنا، فنظراً لضيق المقام
فسأكتفي بوصف كبار أئمتهم في بلادنا. ففي هذه الأحداث تمايز الناس، وخاصةً
السادة والكبراء حكاماً وعلماء، وقد بدا واضحاً أن بعض حكام العرب، تواطؤوا
مع التحالف الصليبي الصهيوني على أهلنا، وهم من تسميهم أمريكا بحكام دول
الاعتدال. وفي الحقيقة أن دول العالم الإسلامي من اندونيسيا إلى موريتانيا
بلا استثناء، تنقسم إلى قسمين اثنين: دول معوجة ودول أكثر اعوجاجاً
والإسلام بريء من حكامها جميعاً.
ولا يخفى أن مما ساعد الجماعة
الأولى في صدر الإسلام، على أن يصلب عودها ويقوى عمودها، لتحمل أعباء إقامة
الدولة الإسلامية، عدد من الأمور كان من أهمها بعد الإيمان الصحيح والزهد،
التمايز بين المؤمنين والمنافقين، فالأحداث العظام والمصائب الجسام ولا
سيما الحروب والصدمات، نفضت الخبيث عن الطيب وميزت الصادق من المنافق، كما
في قوله تعالى (وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ
اللّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ وَلْيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُواْ
وَقِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَوِ ادْفَعُواْ
قَالُواْ لَوْ نَعْلَمُ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ
يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا
لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ) سورة آل
عمران 166-167
وإن من المصائب التي وقعت على المسلمين يوم أحد، أن
ثلث الجيش خضع وانقاد لرأس المنافقين ابن سلول، فانخذل بهم وأمرهم أن لا
يقاتلوا الأعداء، وأما اليوم فجميع الجيوش الرسمية للأمة تحت قيادة
المنافقين من حكام المنطقة، كما أن معظم الجيوش غير الرسمية تحت قادة
الجماعات الإسلامية، وكثير منهم يرون أن هؤلاء الحكام ولاة أمر شرعيين،
يحرم الخروج عليهم، فكيف لاتتوالى علينا المصائب؟! وقد بدا ذلك واضحاً في
خذلان هذه الجماعات لغزة وأهلها، وهم ينتظرون إذناً من المنافقين حتى
يجاهدوا، فأي استغفال هذا للشباب المسلم!
فالواجب أن نبعد المنافقين
والمخذلين عن ميادين القيادة والتوجيه، كما فعل الصحابة رضي الله عنهم
بعد غزوة أحد، فلما قام ابن سلول ليخطب بالمسلمين كما كان يفعل من قبل،
وكان سيداً في قومه يريد بذلك أن يحافظ على مكانته في توجيه الجماعة
الأولى، أخذ الصحابة بثيابه من نواحيه وقالوا "اجلس أي عدو الله لست لذلك
بأهل وقد صنعت ما صنعت".
فما أكثر الرجال الذين يعتلون منابر التوجيه
بصورها المختلفة، ليخادعوا الأمة لتلتف حول حكام المنطقة المنافقين،
ويخذلوها عن القتال لتحرير فلسطين، فما أحرانا أن نقول لكل واحد من هؤلاء
مواجهة أو عبر الهاتف كما قيل لرئيسهم الأول ابن سلول "اجلس أي عدو الله
لست لذلك بأهل وقد صنعت ما صنعت". فما فعله الصحابة رضي الله عنه بابن سلول
هو فضح وإزالة له عن منابر التوجيه في الجماعة المسلمة، حتى لا يعيد الكرة
في غزوة أخرى، فينثني بثلث الجيش وتتكرر المصائب، وهذا ما ينبغي علينا
فعله، فالمنافقون والمخذلون يكررون علينا المصائب منذ عقود.
فهذه بعض
المقترحات، أرجو أن تصب في صالح المشروع العام لإنقاذ الأمة وفك وكسر
القيود التي كبل بها كثير من أبنائها، فيتحررون منها، وينطلق منهم من يكفي
بما يلزم للقيام بأوجب الوجبات بعد الإيمان، دفع العدو الصائل، الذي يفسد
الدين والدنيا. وإن فك حلقة من حلقات السلسة الغليظة الملقاة على رقابنا،
تعيننا على إسقاط وطرح لبقية الحلقات بإذن الله.
فالفرصة متاحة اليوم،
للقيام بهذا الواجب في عدد من ساحات الجهاد المفتوحة، وخاصة في العراق
وأفغانستان وباكستان والصومال والمغرب الإسلامي. فأرجوا الله أن يوفقنا
لنصرة الدين وللجهاد في سبيله، حتى نحرر بلاد المسلمين، ولا سيما العراق
لننطلق منها إلى فلسطين.
[SIZE="4"][color:5a89="Red"]وختاماً،[/SIZE]
أذكر أمتي بأهمية تعاهد قلوبنا بمقويات الإيمان، وتجنيبها مواطن الفتن
والنفاق، ويعيننا على ذلك: أن تكون ألسنتنا رطبة بذكر الله تعالى، وقرآءة
جزء يومياً من القرآن الكريم بتدبر وتفكر، فهو يجلي القلوب وينير العقول،
ويبصرنا بالصفات المشتركة لأعدائنا، من المشركين والمنافقين على مر العصور.
واقرؤا قول الله تعالى (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ
مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ
لِّلْمُؤْمِنِينَ) سورة يونس 57
وكذلك أذكر بأهمية قراءة الكتب
المقترحة، ومتابعة كتيبات القوائم والاطلاع عليها ونشرها، لأنها منارات وسط
ظلمات الهجمات الداخلية والخارجية علينا.
وأخيراً، أحرض نفسي
وإخواني بهذه الأبيات:
[color:5a89="Blue"]
وتسألني
عزائمنا علام الجبن والخور
وقد ملأت عوالمنا
طواغيت لها صور
ليوهنوا من عقيدتنا
وفيهم يكمن الخطر
أخي يا قوة عظمى سبيل الله غايتك
أأنت
الموت تخشاه وأنت الموت جنتك
عمود الدين لا يقوى
بتصويت وتخذيل
فغير السيف لا يجدي
يميناً فتية الجيل
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا
اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
اللهم أبرم لهذه الأمة
أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويذلُّ فيه أهل معصيتك ويؤمر فيه بالمعروف وينهى
فيه عن المنكر.
اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة وقنا
عذاب النار.
اللهم انصر المجاهدين في كل مكان وتقبل شهداءهم واشف جرحاهم
وفك أسراهم إنك على كل شيء قدير.
اللهم عليك بالتحالف الصليبي
الصهيوني ومن ناصرهم.
اللهم لا حول لنا ولا قوة إلا بك فأمدنا بمدد من
عندك وانصرنا على القوم الكافرين.
وصلي اللهم وبارك على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.