نبتت زهرة الباتشولي على
نهاية حضارات الإنسان..وعلى حطام تماثيل عمرت في عقولنا..
زهرة الباتشولي زهرة كل النهايات.. إنها قصة عشق لايعرف للنهايات سوى
البداية..في كل نهاية تنبت زهرة باتشولي..لتحيي عهد جديد...
****************
يقال أن العطر يشي بشخصية الإنسان... فكم لي من العطر كي أكتشف ذاتك..
قال..
إن لزهرة الباتشولي إسطورة خلدها عاشق..
إستطرد..
كانت زهرة تنبت في جبال على الحدود الفرنسية والإسبانيه..لها لون السماء في
غمرة النور وطهر الماء في فترات الشروق..إعتقلها عاشق في قنينه ليهديها
لمعشوقته فخلدها العشق بعد الفناء رمزاً بين بات..وشولي رمز الحب الحب ذاته
كان المحتفى الوحيد بينهما..
قال..بات
أتعرفين إن المكان الذي يحتوينا كون بلا خالق وبشر بلا مخلوق..
قالت..شولي..
أعلم وأنت معلمي علمتني إن زمننا لازمن فيه ومكاننا لا مكان له..إننا حياة
خلقت ذاتها بذاتها..
قال..
كان عالمنا مليء بالدخان حتى إنتفى وكنا انا وأنت والأرض والسماء نعيد خلق
حياة دمرتها حضارة تدعى بنو إنسان..
قالت..
أعلم وأنت معلمي..غدونا دخان بلا أجساد نحرر ولا نتحرر لأننا لانزال حبيسي
أجساد..أجساد دخانيه..
كانت السماء والأرض هم صفة هذا الوجود..بعدما إنتهى عالم الإنسان
وانتفى..جاء من بعد دمار حضارة كاملة..عالم بنى ذاته وأرضه وسمائه
وكائناته..من دخان..
قال.. هنا بدأت قصتنا يا شولي..
نبتنا أنا وأنتي على سفح جبلين تعانقا منذ لحظة الإنتفاء..كانا جبلين
مغروسين على حدود دولتين تدعى فرانسا وإسبانيا وها نحن ولدنا من رحم
الطبيعة كي نعيد إستمرار وجه الحياة الآخر..وجه لا يعرفه زمن هذه الدولتين
وأقرانهما..
أنت الزهره وأنا عطرها إعتقلنا عاشق قبل الفناء في قنينه وأستمرت حياتنا
خارجها وتمددنا..تمددنا حتى عشتي وسكنت بك يا معشوقتي..كنت لك الروح وأنت
لي الجسد..فكلانا وجد الآخر..
قالت..
أعلم وأنت معلمي..فلولاك لم أستمر فلولاك لأصبحت حبيسة قنينة من زمن
الأنسان البعيد..لولاك لكنت معتقلة العشق..حبيسة الطمع..وذات ذلك الكائن
الإنسان..
قال..أعلمك يا بيتي وأتعلم..لأنني لست سوى معك بداية هذا الزمان..نحن نعيش
من جديد أتينا من بعد حضارة الدمار..بنينا أنفسنا وبنتنا الطبيعة وحررتك من
قنينه وأختذني لسجدك روح من الدخان..لنصبح يامعشوقتي الأمان في زمن لازمن
له ومكان لا مكان له ..على أرض وسماء وحياة بنت ذاتها بذاتها .. نعيش في
كون لا خالق له بين بشر من الدخان لا مخلوق له..نعيش كي تستمر الحياة فينا
بعد حياة أصبح لنا في وجه آخر..
ذاب بات في شولي ودخلوا القنينة وأستعادت وضعيتها مرة أخرى هناك على سفح
بقايا جبلين إحتضنوا بعضها منذ نهاية الحياة الأولى...