بسم الله الرحمن الرحيم
إن من أحبّ الحبيب عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم كسب ثمرات كثيرة تجلت في
:
1/ الفوز بمحبة الله
قال تعالى : ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم
ذنوبكم والله غفور رحيم )
قال ابن كثير رحمه الله :[ هذه الاية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة
الله وليس هو على الطريقة المحمدية فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر حتى
يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأفعاله وأحواله ] .
قال الحسن البصري وغيره من السلف : زعم قوم أنهم يحبون الله فابتلاهم الله
بهذه الاية فقال { قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله }
قال ابن القيم : [لما كثر المدعون للمحبة طولبوا بإقامة البينة على صحة
الدعوى فلو يعطى الناس بدعواهم لادعى الخلي حرفة الشجي فتنوع المدعون في
الشهود فقيل : لا تثبت هذه الدعوى إلا ببينة { قل إن كنتم تحبون الله
فاتبعوني يحببكم الله } ( آل عمران : 31 ) فتأخر الخلق كلهم وثبت أتباع
الرسول في أفعاله وأقواله وهديه وأخلاقه ]
2/ حلاوة الإيمان و السعادة و الهناء :
عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( ثلاث من كن فيه وجد حلاوة
الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه
إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار) رواه
البخاري
قال شيخ الإسلام : [فالثواب على ما جاء به الرسول والنصرة لمن نصره
والسعادة لمن اتبعه وصلوات الله وملائكته على المؤمنين به والمعلمين للناس
دينه والحق يدور معه حيثما دار وأعلم الخلق بالحق وأتبعهم له أعملهم بسنته
وأتبعهم لها ]منهاج السنة ج5 233
يقول ابن القيم رحمه الله : [لا سبيل إلى السعادة و الفلاح في الدنيا و
الآخرة إلا على أيدي الرسل
و لا سبيل إلى معرفة الطيب من الخبيث على التفصيل إلا من جهتهم
و لا ينال رضى الله البتة إلا على أيديهم
فالطيب من الأعمال و الأقوال و الأخلاق ليس إلا هديهم و ما جاؤوا به
فالضرورة إليهم أعظم من ضرورة البدن إلى روحه و العين إلى نورها و الروح
إلى حياتها
فأي ضرورة وحاجة فرضت فضرورة العبد وحاجته إلى الرسل فوقها بكثير
وما ظنك بمن إذا غاب عنك هديه وما جاء به طرفة عين فسد قلبك وصار كالحوت
إذا فارق الماء ووضع في المقلاة فحال العبد عند مفارقة قلبه لما جاء به
الرسل كهذه الحال بل أعظم
ولكن لا يحس بهذا إلا قلب حي و ما لجرح بميت إيلام.
وإذا كانت سعادة العبد في الدارين معلقة بهدي النبي صلى الله عليه وسلم
فيجب على كل من نصح نفسه وأحب نجاتها وسعادتها أن يعرف من هديه وسيرته
وشأنه ما يخرج به عن الجاهلين به ويدخل به في عداد أتباعه وشيعته وحزبه
والناس في هذا بين مستقل ومستكثر ومحروم والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء
والله ذو الفضل العظيم ]0زاد المعاد ج1 ص68
3/ مغفرة الذنوب وذهاب الهموم
عن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
إذا ذهب ثلثا الليل قام فقال : ( يا أيها الناس أذكروا الله اذكروا الله
جاءت الراجفة تتبعها الرادفة جاء الموت بما فيه جاء الموت بما فيه) قال أبي
قلت يا رسول الله: إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي ؟ فقال: (
ما شئت ) قال قلت الربع قال: ( ما شئت فإن زدت فهو خير لك) قلت النصف قال :
(ما شئت فإن زدت فهو خير لك) قال قلت فالثلثين قال : (ما شئت فإن زدت فهو
خير لك) قلت أجعل لك صلاتي كلها قال : ( إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك) رواه
الترمذي و حسنه الألباني
4/ الرحمة و النور في الدنيا و الآخرة :
قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا
بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ
نُوراً تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
)الحديد28
5/ مرافقة الأنبياء و المرسلين و الصديقن و الشهداء :
قال تعالى : {وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ
الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ
وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقاً }النساء69
6/ الشفاعة يوم القيامة :
عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( من ققال حين
يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمد الوسيلة
والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة )رواه
البخاري .
7/صلاة الله على العبد عشراً
عن عبدالله بن عمرو بن العاص أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( إذا
سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى
الله عليه بها عشرا ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي
إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له
الشفاعة) رواه مسلم
8/ ورود الحوض
عن حذيفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : بين حوضي كما بين أيلة
ومضر آنيته أكثر أو قال مثل عدد نجوم السماء ماؤه أحلى من العسل وأشد بياضا
من اللبن وأبرد من الثلج وأطيب من المسك من شرب منه لم يظمأ بعده) قال
شعيب الأرنؤوط : حديث صحيح
عن أبي هريرة أنه كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ( يرد علي
يوم القيامة رهط من أصحابي فيجلون عن الحوض فأقول يا رب أصحابي ؟ فيقول إنك
لا علم لك بما أحدثوا بعدك إنهم ارتدوا على أدبارهم القهقرى) رواه البخاري
9/ نضارة الوجه
قال صلى الله عليه وسلم نضر الله امرءاً سمع مقالتي فوعاها فأداها كما
سمعها، فرب مبلغ أوعى من سامع ) رواه أحمد والترمذي
قال الخطابي : معناه الدعاء له بالنضارة و هي النعيم و البهجة ...
و قال السيوطي رحمه الله : ( قال أبو عبد الله محمد بن إحمد بن جابر : ( إي
ألبسه الله نضرة ً و حسناً و خلوص لون و زينة و جمالاً ، أوصله لنضرة
الجنة نعيماً و نضارةً
قال تعالى( و َلَقَّاهُمْ نَضْرَة) : ( تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ
النَّعِيمِ) (المطففين:24)
قال ابن القيم رحمه الله : ( فإن النضرة البهجة و الحسن الذي يكساه الوجه
من آثار الإيمان و ابتهاج الباطن به و فرح القلب و سروره و التلذاذه به
فتظهر هذه البهجة و السرور و الفرحة نضارة على الوجه و لهذا يجمع له سبحانه
بين البهجة و السرور و النضرة) مفتاح دار السعادة صـ89ـ
قال المباركفوري رحمه الله : نضر الله أمرأ : المعنى خصه الله بالبهجة و
السرور لما رزق بعلمه و معرفته من القدر و المنزلة بين الناس في الدنيا و
نعّمه في الآخرة حتى يرى عليه رونق الرخاء و النعمة تحفة الأحوذي صــ
2025ــــ
قال الشيخ بن عثيمين : المراد بذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا
للإنسان إذا سمع حديثاً عن رسول الله فبلغه أن يحسن الله وجهه يوم القيامة .
شرح رياض ج 4 صـ 517
و تمام ذلك أن يفوز بالنظر إلى وجه لله عز وجل فينال من النضارة و النعيم
ما لا عين رأت و لا أذن سمعت و لا خطر على قلب بشر , فطوبى لك أيها الداعية
يوم أن تكون ممن قال الله عنهم : ( تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ
النَّعِيمِ) (المطففين:24) و قال سبحانه (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ *
إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) (القيامة:23)
قال السعدي رحمه الله : [{ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ } أي: حسنة بهية،
لها رونق ونور، مما هم فيه من نعيم القلوب، وبهجة النفوس، ولذة الأرواح، {
إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } أي: تنظر إلى ربها على حسب مراتبهم: منهم من
ينظره كل يوم بكرة وعشيا، ومنهم من ينظره كل جمعة مرة واحدة، فيتمتعون
بالنظر إلى وجهه الكريم، وجماله الباهر، الذي ليس كمثله شيء، فإذا رأوه
نسوا ما هم فيه من النعيم وحصل لهم من اللذة والسرور ما لا يمكن التعبير
عنه، ونضرت وجوههم فازدادوا جمالا إلى جمالهم، فنسأل الله الكريم أن يجعلنا
معهم ] تيسير الكريم الرحمن صـ 899ـ900
أسأل الله الكريم الجواد البر الرحيم بمنه و كرمه و جوده و إحسانه أن
يرزقنا محبه رسوله صلى الله عليه و سلم و تباع سنته و أن يحشرنا في زمرته و
أن يجعل محبتنا له أعظم من حبنا لأنفسنا و أبائنا و أمهاتنا و زوجاتنا و
ذرياتنا و أموالنا و أن يعمر ظاهرنا و باطننا بمتابعة سنته و صلى الله و
سلم على نبينا محمد