بقلم: رءوف وصفي
[size=9]المجموعة الشمسية عائلة فضائية أنيقة. تتكون من ثمانية
كواكب "بعد طرد "بلوتو" من منزل العائلة". أربعة منها صخرية نسبياً وهي:
"عطارد. الزهرة. الأرض. المريخ" والأربعة الآخرين عمالقة غازية هي:
"المشتري. زحل. أورانوس. نبتون".
إن سير كواكب مجموعتنا الشمسية في أفلاكها البيضاوية حول الشمس. دراما من
أعظم الدرامات المعروفة للبشر. وتمثل هذه الدراما الكونية الرائعة أمام
أعيننا بصفة مستمرة. وتقوم فيها الشمس بالدور الرئيسي. بينما تقوم الكواكب
الثمانية ومن بينها كوكبنا بمجرد أدوار مساعدة. وحديثنا اليوم عن عمالقة
المجموعة الشمسية.
المشتري.. ملك الكواكب
لو اقترب أحد رواد الفضاء من كوكب المشتري Jupiter لوصفه بأنه يظهر كقرص من
الذهب الداكن. تتوسطه خطوط مضيئة يتدرج لونها. من الأصفر الباهت إلي
الأحمر القاني. أما في أقصي الشمال والجنوب فتحيط به أحزمة مظلمة نسبياً.
يتدرج لونها من البني إلي الأزرق المعتم.
وعندما تقترب سفينة الفضاء من جو المشتري. فإنها تشق طريقها ببطء وبصعوبة
خلال متاهة من الجزئيات الغازية. وكرات الهيدروجين المتجمد. أما بخار
النشادر المنبعث من المحيطات الهائلة فيضفي علي الجو منظراً مرعباً. وتبدأ
أجهزة سفينة الفضاء في تسجيل العواصف العاتية التي تبلغ سرعتها آلاف
الكيلومترات. والتي هي حقاً أعاصير تكتسح كل شيء في طريقها.
ومن الأرض يبدو المشتري كوكباً هائل الحجم. عملاقاً يدور بما يحيط به من
أقمار "63 قمراً" في تؤدة حول الشمس ونتيجة لهذا الحجم الجبار "قطره حوالي
138 ألف كيلومتر". فإنه يتميز بقوة جذب كبيرة. قادرة علي تحطيم كل ما يوجد
علي سطحه. وأيضاً قادرة علي جذب الكثير من الكويكبات وإخراجها من مداراتها.
ثم تحطيمها إذ هي اقتربت من كوكب المشتري إلي مسافة قصيرة.
ولا يعلم أحد أين يبدأ الجزء الصلب من سطح المشتري. أو ما هو مقدار الكتلة
المركزية الصلبة. ولكن لا جدال في أن سطحه تعلوه آلاف الكيلومترات من أجواء
تموج فيها الغازات وتضطرب. وتبدو كغلاف محكم به خطوط معتمة. وكأنها سحب
تتحرك في شكل حزام يدور بسرعة كبيرة في المنطقة الخارجية من الكوكب. فتتكون
من غازات مجمدة من الهيدروجين والميثان والنشادر. ويتحرك كوكب المشتري حول
الشمس في مدار يبدو بطيئاً بالنسبة لسرعة دورانه حول نفسه. وتبلغ سرعته
حول الشمس حوالي 13 كيلومتراً في الثانية. ويتم دورته حولها فيما يقرب من
إثنتي عشرة سنة من سنواتنا الأرضية. ويصل متوسط بعد كوكب المشتري عن الشمس
نحو 773 مليون كيلومتر. وأهم أقمار المشتري: إيو وأوروبا وجانيميد وكاليستو
وأماليفيا.
ولكن الشيء الذي يحيِّر العلماء في كوكب المشتري. هو تلك البقعة الحمراء
الهائلة التي تبدو علي سطحه. إذ أن هناك منطقة مميزة فوق سطح كوكب المشتري
يطلق عليها البقعة الحمراء الكبري" وتبدو كعلامة هائلة لونها يتأرجح بين
الوردي والبرتقالي. وهي بيضاوية الشكل ويبلغ امتدادها 48 ألف كيلومتر
وعرضها 24 ألف كيلومتر. ويعتقد العلماء أنها ناتجة عن العواصف الرهيبة التي
تهب علي سطح الكوكب العملاق.
زïحل.. جوهرة المجموعة الشمسية:
إذا كان كوكب المشتري هو أكبر كواكب المجموعة الشمسية. فإن كوكب زïحل
Saturn هو أجملها علي الإطلاق. فقد جذب الأنظار إليه منذ اختراع التليسكوب.
لما يتميز به شكله الفريد الجذاب. حيث تحيط به هالة من الحلقات ذهبية
اللون. أما إذا نظرنا إلي كوكب زïحل بالعين المجردة. فإنه لا يزيد عن كونه
مجرد نقطة صفراء خافتة غير مميزة.
وتمثل حلقات الكوكب لغزاً أمام العلماء. ولايعلم أحد علي وجه اليقين كيف
تكونت هذه الحلقات الغريبة. والرأي الراجح بين علماء الفلك أنها بقايا أحد
الأقمار التي كانت تابعة له. ولكنه تناثر في دور تكوينه عندما حاول أن يتخذ
له مساراً بالقرب من الكوكب العملاق. ونتج عن ذلك أن تكون من بقاياه شريط
من الرمال والأتربة والشظايا في شكل طبقي رقيق متميز. وتتكون الحلقات حول
كوكب زïحل من مجموعات بعضها لامع والآخر معتم. وإذا أمكن رؤيتها بحيث
نواجهها. فإنها لا تكاد تïري علي الإطلاق لرقتها وقلة سمكها. مع أنها تمتد
إلي مسافة شاسعة من الكوكب. وتدور الأجزاء الداخلية من حلقات كوكب زïحل
بسرعة كبيرة. بالمقارنة بالأجزاء الخارجية. وهو ما يتوقع حدوثه لو أن هذه
الحلقات كانت مكونة من بقايا متناثرة لأحد الأقمار. ويقدر سمك حلقات زïحل
بحوالي 15 كيلومتراً فقط. أما طولها فيبلغ ما يقرب من 275 ألف كيلومتر.
وزïحل كوكب عملاق. ذو "جو" ثقيل ومناطق متلألئة ونطاقات من الغيوم. وله
نواة مركزية من الصخر والحديد تلتف حولها قشور من الجليد. ويتم زïحل دورته
حول الشمس كل 29.5 سنة. ويبعد عنها حوالي 1425 مليون كيلومتر. وهو يدور حول
نفسه في 10 ساعات و14 دقيقة فقط وهناك ستون قمراً تدور حول الكوكب. وأهمها
تيتان وجانس وميماس وديون وريا.
أورانوس.. الكوكب الغريب
لقد كان زïحل هو آخر الكواكب السيارة المعروفة منذ القديم. ولكن في عام
1781م اكتشف كوكب أورانوس Uranus . فأثار دهشة العالم. إذ كان سطحه اللامع
صغيراً نسبياً. تنعكس عليه أضواء خضراء وزرقاء. وسبب ظهور الكوكب بالسطح
الصغير. هو بعده الشاسع عن الشمس "حوالي 2860 مليون كليومتر".
وقد تمضي قرون عديدة قبل أن يصل أحد رواد الفضاء إلي كوكب أورانوس ذلك
الكوكب النائي. ومن ثم كان إرسال مركبات فضاء بلا رواد. هو السبيل الوحيد
لمعرفة معلومات عن هذا الكوكب البعيد.
وتدل الحقائق المعروفة عن كوكب أورانوس. أن طريقة دورانه الغريبة حول الشمس
يتميز بها عن أي كوكب آخر في المجموعة الشمسية. إذ يميل محوره عن الوضع
العمودي بزاوية كبيرة. دون أن يïعرف السبب في ذلك. فكوكب أورانوس يميل
كثيراً علي جانبه. وكأنه "يتدحرج" في مداره حول الشمس بينما تدور توابعه
حوله. كما تدور العربات المثبتة حول عجلة الدوران الكبري التي نشاهدها في
مدن الملاهي.
ويحتفظ أورانوس بغلاف جوي سميك يحتوي علي غازي الميثان والنشادر اللذين
يغلفان الجزء الداخلي الصلب. والذي يتركب من الصخور المغطاة بالثلوج وبعض
المعادن.
وتبلغ درجة حرارة الكوكب 170 درجة مئوية تحت الصفر. وهو يتخذ لنفسه مداراً
بيضاوياً حول الشمس. بحيث يقطع الدورة الواحدة في مدة 84 سنة من سنواتنا
الأرضية. منطلقاً بسرعة تبلغ 7 كيلومترات في الثانية. ويظهر في سماء كوكب
أورانوس 27 قمراً تتسابق علي طول الأفق بسرعة مذهلة من أهمها. ميراندا
وأريبل وأمبرييل وتيتانيا وأوبرون.
نبتون.. كوكب إله البحار
لقد كان اكتشاف كوكب نبتون Neptune انتصاراً لقدرة العقل البشري. فقد تم
التنبوء بوجوده قبل رصده فعلاً في الفضاء إذ لاحظ علماء الفلك انحرافاً
غريباً في مدار كوكب أورانوس. وفسروا ذلك باقترابه من كوكب مجهول. وحددوا
مكانه بالتقريب. ثم ثبت فيما بعد وجود كوكب في نفس المكان الذي حددوه من
قبل.
وقد أطلق علي هذا الكوكب النائي. اسم إله البحار عند الرومان بسبب لونه
الأخضر المميز. والذي يشبه لون أعماق البحار. ولا يختلف كوكب نبتون عن
الكواكب العملاقة في المجموعة الشمسية. إلا في احتواء جوه علي كمية أكبر من
غاز الميثان. وفي عدم وجود الاضطرابات والأعاصير علي سطحه.
ويسير كوكب نبتون في طريق طويل حول الشمس. فيقطع دورة كاملة في 166 سنة
أرضية. بسرعة تبلغ 5.5 كيلو متر في الثانية. ويصل بïعد نبتون عن الشمس إلي
4800 مليون كيلومتر. ومن ثم تبلغ درجة الحرارة فوق سطحه نحو 220 درجة مئوية
تحت الصفر. ويدور حوله 13 قمراً أهمها ترايتون. ومن المعتقد أن القمر
ترايتون. هو أثقل الأقمار الكائنة في المجموعة الشمسية. ويعني هذا أن
كثافته. لابد أن تكون كبيرة للغاية. ولا يستبعد أن يحيط به غلاف جوي.
وأقمار نبتون عجيبة. فعلي سبيل المثال. إن القمر فيزيد الصغير الحجم. يسلك
مسلكاً أقرب إلي المذنبات Comets . فيقترب من كوكب نبتون إلي مسافة 2 مليون
كيلومتر. ثم يبتعد عنه حتي تبلغ هذه المسافة 10 ملايين كيلومتر. كما أن
بعض أقمار كوكب نبتون تسير في حركة تقهقرية بالنسبة له.
إن كواكب المجموعة الشمسية الأقزام منها والعمالقة سوف تكون في بؤرة
الاهتمام العملي في المستقبل. وذلك لأنها تمثل مواطن محتملة للهجرة. عندما
يفكر الجنس البشري في الارتحال إلي الفضاء. ¼
المصدر : مجلة علم ، عدد ديسمبر 2008 |.[/size]