ليلى والكنز
كان لأحد شيوخ القبائل بنت جميلة جداً ذات قلب طيب ونية صافية، لا تعرف المكر و لا الخبث، ولا الكذب و لا الخديعة، وكان اسمها ليلى.
كبرت ليلى مع الأيام وكانت تزداد حسناً وجمالاً وما إن أصبح عمرها ستة عشر عاماً حتى بدت فتاة جميلة جداً، بيضاء ذات شعر اسود ناعم تفيض رقة وخفة ظل، يحبها كل من يراها.
وكانت تعيش مع أهلها على تربية الماشية واستغلال الأرض والزراعة.
وفي سنة من السنين أمحلت البلاد وانحبس المطر، فقل الزرع وجفت الآبار...
وشح الحليب ..وهزلت الأنعام وأصبحت معيشة القبيلة صعبة... فأرسل شيخ القبيلة اثنين من حراسه يقتشان عن مكان ينتقلون اليه، يكون أوفر ماء و أخصب أرضاً.
قال الشيخ للحارسـين : اذهبا وتجولا في الأرض المجاورة، علكما تجدان أرضا خصبة وماء كثيرا.
وبعد مدة، عاد الحارسان مستبشرين، فقررت القبيلة الانتقال الى الأرض الجديدة ، يعيشوا فيها، ويؤمنوا الطعام لأطفالهم ونسائهم، والماء والكلأ لأنعامهم.
سافر جميع أفراد القبيلة وأمضوا يومهم في السفر، وحل الظلام عليهم في سهل مقفر، فحطوا رحالهم فيه وناموا. وفي الصباح نهضت القبيلة واستعدت للرحيل.
ومضت ليلى خلف التلال لقضاء ضرورة ملحة ؛ وابتعدت خلف الجبل ، ولما رجعت فوجئت بأن وجدت القبيلة قد ارتحلت...
فأخذت تبكي وتصرخ وتنادي والدها وهي تركض ولا من مجيب....
جلست ليلى قرب شجرة واخذت تحدث نفسها:
لابد ان يفتقدوني فيرجعوا لأخذي، أو يرسلوا من يرجع بي اليهم ولذلك فخير ما أفعله أن أظل في مكاني.
وظلت في مكانها حتى الظهر، ولم يرجع أحد لأخذها أو التفتيش عنها، ولم يمر بها انسان أو حيوان، فاستوحشت وبكت وأحست بالجوع، فقامت تمشي وتفتش عن أي شيء تأكله، وأعياها المشي دون أن تجد شيئاً، فبلغت شجرة فجلست بجانبها، وانخرطت في البكاء، وبتأثير من الجوع والتعب نامت.
وفي تلك الأثناء مر قربها حطاب فقير الحال، فلما رأى فتاة نائمة تحت الشجرة، اقترب منها قد راى جمالها وظنها ملاكا من ملائكة الرحمة نائماً.
فاقترب منها وهزها من كتفها، فاستيقظت ليلى على صوت ويد تهزها، فهبت فرحه تحسبه واحدا من أهلها قد عاد لأخذها؛ لكنها وجدت أمامها حطاباً يحمل حزمة من الحطب وأخذ يسألها.
الحطاب : ما قصتك؟
فقصت عليه ليلى قصتها باختصار، واخبرته عن جوعها فأعطاها ما معه من الطعام وقال لها:
- هلمي معي، أنا لا أهل ولا أحد يعيش معي هلمي معي نعيش معأ.
- قالت ليلى : كيف أروح معك وأنت لا أهل لك ولا أحد يعيش معك كما تقول؟
- قال لها : أتزوجك.
- قالت له : اذا كان الأمر كذلك فانني موافقة؛ أين بيتك؟
- قال : ليس بيتي بعيداً إنه هناك، والواقع أنه ليس بيتأ حقيقياً، بل مغارة منحوتة في الصخر، تبعد قليلاً عن قريتنا.
- قالت لا بأس بهذا البيت، وسيكون مقر سعادة لك ولي إن شاء الله...
- ما اسمك؟..
قال : اسمي سالم...
عاشت ليلى مع سالم وكانت عيشة فقر؛ ليلة يأكلان وليلة يبيتان على الجوع وعلى الرغم من هذه الحياة القاسية كانت ليلى دائماً راضية مشرقة الوجه، تستقبل زوجها بترحاب وابتسام؛ وتأخذ منه الفأس التي يحطب بها والحبل الذي يحزم به الحطب، وتتناول ما أحضره من طعام، فتجهزه بسرعة وتقدمه له شهياً لذيذأ، ثم تقدم له الماء النقي يغسل به يديه ووجهة.
وفي يوم من الأيام وبينما ليلى ترمي الماء خارج المغارة، اذا بها تلمح شبحا قرب المغارة يتلصص ويختفي خلف الصخر...
نظرت ليلى مليا علها ترى من هذا الذي لمحته ولكنها لم تر شيئا، فظنت أنها مخطئة، وأنه لا أحد هناك، وعادت تنام قرب زوجها سالم.
وفي الصباح ودّعت ليلى زوجها ليذهب الى عمله ولم تلحظ أنّ هذا الغريب لا يزال يراقبها من خلف الصخر.
انطلق سالم و اخذ الحطب وبدأ يحزمه، وبدأ الشخص يقترب منه!
التفت سالم فجأة فرأى رجلاً غريباً ينظر إليه نظرات غريبة، فيها الخبث فأوجس منه خيفة وتأمله، فعرف أنه يهودي من أنفه المعقوف ونظراته الخائنة الماكرة...
قال سالم : ماذا تريد؟.
قال اليهودي جئت أريحك من هذا التعب.
قال سالم : وكيف؟.
قال اليهودي : أدفع لك مائة دينار لأدخل بيتك.
قال سالم : ثـم ماذا؟
قال اليهودي : ان مائة دينار لا تجمعها بعملك المضني هذا في عشر سنين.
قال سالم : هذا صحيح، ولكن ماذا بعد دخولك البيت؟ وكم ستقيم فيه؟
قال اليهودي : أنظر إلى جنباته فإن أعجبتني شريته منك بمائتي دينار!
قال سالم : ثم مـاذا؟
قال اليهودي : ألا يكفيك هذا؟
قال سالم : ثم ماذا؟
قال اليهودي : ألا يكفيك هذا؟
قال سالم : إن لؤمك لا يجعلك تدفع ثلاثمائة دينار في شيء لا يساوي ثلاثين دينارأ، إلا لغرض خبيث أو نفع يعود عليك بربح جزيل.
قال اليهودي : وأريد أن أشتري زوجتك بألف دينار! وهو مبلغ لا تجمعه في حياتك ولو عشت مائة سنة.
فقال سالم وقد بلغ الغيظ منه مبلغا عظيما:
وهل تباع الزوجة كالمتاع؟ خسئت يا خاسر!
قال اليهودي : إنك لقيتها في الطريق ولم تتكلف في زواجها شيئا، وأنا أعرض عليك مبلغا ضخما.
وكظم سالم غيظة وأراد أن يعرف حقيقة مراده فقال : فتصنع بها ماذا؟
قال اليهودي ضاحكا : أنا حر ! أفعل بها ما أشاء بعد أن أشتري البضاعة. أذبحها مثلاً!!
قال سالم و قد اغتاظ :انصرف قبل أن أتطهر إلى الله بتطهير الجو من أنفاسك النتنة.
قال اليهودي : اسمع يا سالم.
قال سالم بدهشة : وكيف عرفت اسمي ؟
قال اليهودي : ليس هذا بالامر المهم.
اسمع يا سالم ستأخذ الفا وثلاثمائة دينار ، ففكر !!
قال سالم بقوة : انصرف؛ قبل أن ينفد صبري فأطيح برأسك بضربة من هذا الفأس!!
قال اليهودي : كن عاقلا، وتصرف بحكمة وحزم. في بيتك كنز لا ينفتح الا اذا ذبحت امرأتك ليلى، وجرى دمها على الصخرة الملساء فيه. فإذا ذبحتها واستخرجت الكنز، أعطيتك الفا أخرى، ويمكنك أن تتزوج خيرا منها بثلاثين ديناراً!
وما أن أتم كلامه حتى هجم سالم عليه بفأسه يريد أن يسلطها على عنقه. فحرك اليهودي الساحر يده مشيرا الى سالم وقال:- حق شوبش، شمهورش قف مكانك كما أنت!!
فجمد سالم في مكانه ويده مرفوعة بالفأس كأنه تمثال لا حراك به، وتركه اليهودي كما هو في وهج الشمس، ومضى؛ فقعد تحت شجرة يتفيأ ظلالها، وأخرج طعاما، وشرع يأكل ويشرب ويضحك من حال سالم.
ولما انتهى من ذلك ورقد نحوا من ساعة، التفت التفت إلى سالم وقال له : إذا كنت لا تقبل شرطي، أمضي عنك وأتركك كما أنت إلى الأبد، إلى أن تموت جوعا وعطشا وتعبا، ولا يستطيع أحد أن ينجيك، وإذا قبلت بشرطي تركتك الآن وأطلقتك.
استيقن سالم أن هذا اليهودي ساحر قادر، وخبيث لئيم ماكر، ورأى نفسه مكرها على القبول بشرطه، أو التظاهر بذلك، وسيسلم أمره لله أن يخلصه من هذا الساحر العنيد فقال له :
-خلصني مما أنا فيه واعمل مابدا لك. أن زوجتي لا تهون علي، ولو دفعت لي كنوز الارض، ولكن لا حيلة لي فيك ولا طاقة لي بكيدك، ولا قدرة لي على مقاومة سحرك.
قال اليهودي :
يعجبني أن يسيطر عقلك على تفكيرك، وأن تهتم بنفسك وتأمين مستقبلك، وسأخلصك من هذه الحالة التي ورطك فيها فساد رأيك وسوء عملك. ولكني أحذرك أن تبدل أو تغير، لأنك اذا بدلت أو غيرت، أو حاولت أن تتخلص من وعدك، فسأمسخك قردا.
حرك اليهودي يده ثلاث حركات غريبة، وقال :
- بحق شوبش شمهورش عد كما كنت!
فتحرك سالم وعاد كما كان، وبدا له هذا اليهودي قويا قوة مخيفة، وأحس له برهبة شديدة. فناوله اليهودي ورقة خمسة دنانير وقال له :
- خذ هذه النقود، وغدا عند الظهر أجيء لأذبح امرأتك!
واتنصرف اليهودي، وسالم في مكانه ينظر إليه، وما هي الا لحظات حتى غاب عن عينيه، فتحرك سالم نحو البيت وأحس بالورقة النقدية تحرق يده، فرماها بعيداً، وحمل الكيس الذي فاذا به ثقيل جداً، وهو متعب جداً..
فنظر الى الدنانير ثانية، فعاد والتقطها عن الأرض وجعل يجر رجليه جرا يفكر في هذه النازلة والمصيبة التي حلت به.
واستقبلته ليلى كعادتها مرحبة مبتسمة، وتناولت منه فأسه وحباله .. وقدمت له الطعام فما أكل لقمة واحدة. وبينما هي في طريقها لاحضار الماء ليغسل يديه ووجهه،
أخرج النقود من جيبه و أخذ يقلبها بين يديه بين يديه، ويقارن بين هذا المال وبين زوجته ليلى... إنها تساوي كنوز الأرض جميعها...
خبأ سالم النقود عن عيون ليلى حتى لا تسأله عن مصدرها... وخرج يتمشى وهو يفكر في طريقه يتخلص بها من هذا اليهودي، وأطال المشي، حتى مضى وقت طويل من الليل، فعاد الى البيت وهنا ظهر له اليهودي وقال:
ما الذي يقلقك يا سالم!؟ أنت تفكر في طريقة تتلخص بها مني وتقتلني! ولكن هيهات! أما كفاك ما رأيت في يومك؟! ألم تتعظ بما كان؟ غير أفكارك، وإلا .. وإلا ذبحتك وذبحتها وأخذت الكنز وحدي.
فتملك سالماً رعب عظيم، ورجع الى بيته يلتفت خلفه ويستعيذ بالله من هذا الشيطان الرجيم. ولما دخل بيته وجد ليلى نائمة، تعلو محياها مسحة من الطمأنينة. لقد انتظرته طويلا غلبها النعاس، ولما دخل لم تصح، فتركها نائمة.
ظل سهرانا حتى الفجر، عندها انسل من المغارة وهي نائمة، ومضى للقرية؛ واشترى لحما وخضرا وفاكهة ودجاحة بدينار، وابقى معه الباقي وقال في نفسه:
- لقد أقامت معي مدة ثلاثة اشهر وهي تسهرعلى راحتي وتحاول اسعادي، ولم أجد ما أسعدها به، وهذا آخر يوم من عمرها، فلتطبخ وتأكل وتهنأ. وحمل ما اشتراه ومضى به الى ليلى فاستقبلته مرحبة، وقالت له : -لقد شغلت قلبي بغيبتك.
ولما تناولت منه الحاجات قالت له: ما هذا؟ألديك دعوة؟حسنا... سأقوم بواجب ضيوفك خير قيام.
وخنقته العبرة وقال لها : لا ليس عندي ضيوف. كل ما في الامر أني لأقيت دينارا، فاشتريت هذه الحاجة لكي نتغدى معا ونشبع ولو يوما في العمر، فإني لا أنوي أن أذهب الى العمل ، و سأبقى قريبا منك.
قالت ليلى:
-شكرا لك.. اسأل الله أن يفتح لك سبل الرزق، وتلاقي كنزا، وتعيش غنيا هانيء البال موفور النعمة.
لم يتحمل سالم كلام زوجته اللطيف، خصوصا وقد دعت له بأن يلاقي كنزا، ولذلك تركها والدموع في عينيه وانصرف خارج البيت. وقعد في جوار صخرة يبكي بحرقة أما ليلى فقد غسلت الفاكهة، ووضعت اللحم والدجاج على النار لتنضجها بسرعة وهي تحدث نفسها:
- إنّ سالماً جائع .. لم يطعم في ليلته ولم يفطر في صباحه، فلأجعل له الغداء، وقامت تقشر الباذنجان بسرعة، وكانت السكين حادة، فجرحت يدها جرحا عميقا. وتدفق الدم غزيراً، فنفضت يدها بقوة من الألم فانتشر الدم على الصخرة الملساء في المغارة، وكانت المفاجاة الكبرى ..! سمعت دوياً هائلاً في أسفلها، والذهب ينساب منها قطعاً صغيرة وكبيرة.
صرخت ليلى ...
-ما هذا؟ ما هذا..كنز؟ ذهب؟ ماذا أفعل ..؟
خرجت ليلى مسرعة تدعو زوجها... ولكنه وضع يديه على أذنيه لا يريد أن يرد عليها لشدة حزنه.. فلما وصلته وجدته يبكي بحرقة وألم، فأشفقت عليه وسألته :
- ما الذي يبكيك؟
قال : لا شـــيء ...
قالت : بل تقل لي .. لا بد أن أعرف .. وظلت تلح عليه فأخبرها بسره، وحدثها عن كل ما جرى له منذ أن شاهد اليهودي على تلك الساعة .. ولكن ليلى ابتسمت وهي تقول :
- قم لا تحزن إن تحزن إن الله معنا ..لقد انفتح ، وهو لنا ، ولن ينال اليهودي منه شيئاً. هو لنا ونحن أصحاب الحق فيه وسندافع عنه، ولو أدى الأمر الى قتل ذلك اللئيم.
قام معها ومضيا الى البيت فوجدا الذهب لا يزال نازلا والمغارة تكاد تمتلىء. عجب سالم لما رأى، وأدهشه لطف الله بهذه المرأة الطيبة، ولكنه تذكر اليهودي اللئيم فقال: وماذا نفعل اذا حضر اليهودي؟
قالت ليلى : ترد له نقوده وترجعه من حيث أتى.
قال سالم : إنه لا يقبل بذلك، وهو خبيث المكر ، شديد الدهاء، صعب المراس، ولن يرضى بأقل من نصف الكنز.
قالت ليلى : الكنز كنزنا ولن ندفع له شيئاً منه، ولن نسمح له بأن يغتصب حقنا؛ واعلم ان اليهودي لا يستطيع قتلي الا بدون معاونتك لحضر قبل اليوم وقتللني في غيابك. فلقد كنت ألاحظه أحياناً يمر من هنا ...
ادرك سالم ان كلامها صحيح، فقويت عزيمته. وفجأة دق الباب دقا عنيفا فاذا هو اليهودي قد حضر. قال اليهودي :
- إفتح لي الباب يا سالم.
قال سالم : ارجع من حيث أتيت فقد انتهى الأمر.
قال اليهودي : افتح والا لقيت جزاء عنادك.
قال سالم : قلت لك ارجع، والا قاومناك.
قال اليهودي وقد زاد غيظه وحنقه :
-افتح يا سالم، والا خلعت الباب ودخلت عليك عنوة فذبحتك وذبحت امرأتك جزاء عنادك وخلافك.
قالت ليلى :
- يبدو أن أجلك قد حضر يا شقي ، جرب وادخل، ولسوف تلقى مصرعك الآن. وحملت ليلى السكين ووقفت على يمين الباب، وحمل سالم فأسه الحادة على يسار الباب. وبعد قليل خلع اليهودي الباب وانتزعه من موضعه، ودخل هائجا ثائراً. ولكن! ما أن
- أبصر الذهب بلمعانه ووهجه ، حتى هجم عليه لا يريد تركه. وقد صمم أن يستولي عليه كله. ونظر الى الخلف فرأى ليلى تحمل السكين، ورأى سالماً يحمل الفأس، فأسرع يحرك يديه بحركات غريبة في وجه سالم ويقول :
- بحق شوبش شمهورش قف كما أنت : وفعلاً تجمد سالم كالتمثال حاملا فأسه بيده.. وهجم متردداً على ليلى، يريد أخذ السكين منها، فما كان منها ألا أن صرخت : يا مغيث..
وفجأة دوى صوت هائل ، وظهر عملاق كبير، هو خادم الكنز؛ وأخذ يقول:
- شبيك لبيك عبدك بين ايديك.. وهجم العملاق على اليهودي وضربه ضربة قوية على رأسه، فوقف لها قبله، وتلفت منها أعصابه ودماغه ومات... فحمله ورمى به بعيداً خلف الجبال برمية من يده وكأنه يحمل حجراً صغيراً..
تنهدت ليلى وقالت : الحمد لله... ونظرت إلى زوجها وهي متألمة لما حصل له .. فقال العملاق خادم الكنز لسالم :
- لولا أنك قاومت هذا اليهودي، ودافعت عمن نفسك وزوجك، ورفضت الخضوع لارادته الخبيثة بأن يذبح امرأتك، لألحتقك به ... ولمس العملاق سالما فعاد سالم إلى وضعه.
قال العملاق لليلى : اسمحي لي الآن أن انصرف، وإذا احتجت أمراً؛ ادعيني فأحضر لك.
لست ليلى مع زوجها سالم يفكران بالكنز الذي فتح لهما .. وبالذهب الذي أصبح لهما. قال سالم :
- سأبنى لنا بيتاً كبيراً في المدينة، وسأشتري لك خواتم جميلة... وسيارة جديدة... وبينما كان سالم يتحدث عن مشاريعه الجديدة؛ كانت ليلى تفكر بأمر آخر ... تفكر بأبيها وأهلها .. وقالت: سالم : أريد أمراً واحدأ لا غير.
قال سالم : وما هو؟... أريد أن أرى والدي فلقد طالت غيبتي عنه وعن أهلي. ثلاثة أشهر وأنا أحلم بهم ليل نهار، وقد كنت لا أتكلم عن هذا الموضوع لانني كنت أقدِّر وضعك وتعبك طول النهار في جلب الحطب.. أما الآن فيجب أن أسعى لمعرفة مكانهم.
قال سالم بعد تفكير : ليس عندنا الا العملاق خادم الكنز هو الذي يستطيع أن يساعدنا في ذلك. وقفت ليلى ونادت على العملاق :
-يا مغيث. يا مغيث. ودوى صوت هائل خرج إثره العملاق يقول: شبيك لبيك عبدك ما بين ايديك.
قالت ليلى :
-أريدك أن تفتش لي عن والدي الشيخ غانم أريد أن أراه ... وفي الحال اختفى العملاق وبعد لحظات ، كان العملاق عائداً يحمل بين يديه الشيخ غانم، والشيخ غانم مندهش خائف لا يعرف ماذا يحصل له... وما إن رأى الشيخ غانم إبنته حتى أقبل عليها يعانقها من بعد طول غياب ودموع الفرح في عينيهما... وحدثته ليلى بقصتها، وحدثها الاب أنه لم يفتقدها في ذلك اليوم إلا عند العصر، وقد قطعوا مسافة طويلة، فأرسلوا اثنين يفتشون عنها.
وحمدوا الله على لمِّ شملهم.. وعاش الجميع في سعادة وثبات، وخلَّفت ليلى البنين والبنات.
النهاية