سحر قطرات .. تتسلل مع برودة دموع السماء على قسوة العباد .تكسو الدنيا الجامدة بلمعان شباب شفاف ليزيدها ظلام
الليل وضوحا ..موسيقى هادئة .. قمر يلمع وراء السحاب السخي ينتظر دوره لإثارة قلوب العاشقين ..ينتظر اللحظة التي ينتهي فيها دور هذا اللامع الجميل لزيادة اشتياق الأحباب ويؤجج لوعة القلوب بغروب الهدوء المبلول ورؤية الموعود ...أجلس إلى النافذة التي تطل على الخلاء أين تبدو قطرات المطر الجميلة تسارع شوقا لرؤية البشر لتحضن وجوههم وشعورهم حاملة جرعة من الحنان و اللذة الباردة لتذكرهم ببشريتهم و رومانسيتهم التي نسوها في ظل أيامهم المشمسة ... جمال الإحساس الذي خلقوا به و فطموا عليه ... روعة الطبيعة و مؤثراتها حلاوة اللحظات تحت هذا المرسول الحامل لرسالة مقدسة ... رسالة تبعث فيك الحياة تبعث فيك الأمل تمحي بقطراتها اللامعة ذكرياتك التي لا تريدها . وتحفظ داخلها لحظات الحب الجميل التي عايشتها .. ونسيتها أو تجاهلتها , ترغمك , تذكرها بوجهها ابتسامتها الشفافة ... تتذكر حلاوة كلماتها عند تلامس قطراته مسامات جلدك... نقط الإحساس في قناعك الجامد... ضحكاتها , قهقهاتها الجميلة مع صوت المطر الدافئ.. تختفي دموعها ودموعك عند الفراق مع القطرات الحساسة التي أرادت التخفيف عنكم ومشاركتكم ..تبكي معكم وتخفي دمعاتكم بين ألاف القطرات عن أعين المتربصين الرابضين عند الزوايا المظلمة تختلط القطرات للحظات بأعصاب إحساسك , ترتاح بروعتها ويصبح سحرها جزءا من كيانك ...وأترك الإحساس بذلك لمن يريد أن يجربها ... أو يريد تذكر ما خفي ففي تلك اللحظة يكون القلب مخدرا والعقل طربا يسيل مع الدمع بذكريات نسيتها مع الصدمة أو لم ترد تصديقها..
وليس هذا بالأمر السيئ أو الخطر فتلك الذكريات تفقد تركيزها الكيميائي مع المطر الجميل وتنزل باردة منعشة على قلبك الراقص في هذا المشهد المقدس.. .أما بالنسبة لي... فللأسف ..ولأن حكايتي لم تنتهي بعد - كما أظن- لأنها مازالت مدينة لي بتفسير ووداع إذا قنعت بتفسيرها الوهمي التي تخيلته مرات ومرات حللت و بررت لكن لضعف حيلتي عجزت عن تمثيل المشهد ... وذلك لأنانيتي ..ورغبتي الكبيرة في بقائها بجانبي مهما كان عذرها فسوف أتشبث بذكريات قلبي لأقنعها بصحة قصتنا واختلافها عن قصة المحبين الماضية برغم أن حبي وحده لها يغطي كل تلك الحكايات .. إلا أنني كنت متأكدا من قوة موقفي .. في بدايتنا دخلت حياتي عنوة .واقتحمت نقاهتي بقوة ... ملوحة بقلبها الدواء الوحيد لقلب كسر قبل ذلك مرات كثيرة ..
نسيت يوم لقائها ولكن أذكر يوم مصارحتها وشجاعتي الغريبة رغم صعوبة الموقف وتلعثم في البداية حيث انعدمت الكلمات تقريبا .. لكن كان هناك من يربت على ظهري ليزيد من قوتي ... دافع مادي جعلني أتحدث بفصاحة ...وهو المطر فكان علي أن أحميها منه؟؟ فوضعت المظلة في المنتصف بيننا –كما ظنت- فقد كان ظهري معرضا وببساطة لم أهتم فقد رأيت ابتسامتها وعينيها عن قرب .. المنظر الذي يجب أن أتعلم الرسم من أجله ...ففزت بها ذلك النهار وخسرتها في يوم كثيرا الرياح و الزوابع ..خسارة لم أدري ما سببها حتى الآن ....رغم أنني أحق الناس بالرد..
بعد الوقوف بهدوء أمام مرور شريط ذكرياتي معها ..مللت من نفسي , كرهت من قرب ماضي إلى نفسي و غلبتني موسيقى المطر التي تناديني للرقص .. تجذبني بأنامل خفية بطريقة جميلة برائحة رائعة فتركت ماضي معلقا مرميا وانسلخت منه بسرعة نحو الباب لمداواة جروحي لغسيل نفسي من أوهامها لأهزم وحدتي بجنوني ركضت كالأحمق .. أضرب الأرض بحب.. بحقد.. لترتفع المياه المستسلمة لأوقظها من غفلتها لتشاركني الرقص لندوس الأحزان عند قفزنا أعلى من البشر المختبئة من الجمال المقدس لنتسابق مع القطرات الفرحة من يشتاق أكثر للأخر .. أدور حول نفسي رافعا جناحي ...أدور ..أراقب القطرات تطير مع ذراعي أفقيا .. كأنني أطير ..فأطير ..أغمض عيني لأصبح أعلى من كل الأحزان منيعا من كل أمراض البشر ... لأنسى أنني بشر