صلح وضياع ..حياة ونسيان ..جزر وجزر.. منعت هذه الحياة المد من زيارة سواحلي وحبست النسيم الجميل عني فوق قمة الجبل بجانب ثلج السماء المتكور في كرات الغيم البيضاء المضيئة في ظلمة الليل... نسيت تلك الاماكن نسيت ذلك الإحساس اشتقت إلى غروب الشمس يكلمني .. قريب لعيني وقلبي يبعدني عن حياة البشر تلك اللحظات . اشتقت لذلك العصفور الشاعر الذي يجلس بجانبي كل غروب يوم فوق صخرة الموعد ننظر ونتأمل بدون خوف نحلم ننسى ونتكاسل . لم أدري قط ما الذي يفكر فيه ذلك الكائن الصغير . ولماذا يحضر كل مواعيد وداع الشمس بانتظام .. وهل يستطيع رؤيتي وأنا الجالس فوق الصخرة معه ؟؟..لكن ما كنت أراه ينسيني وينسيه كل شيء . لكنني متأكد أنه يفهم ويعشق منظر الشمس من ذلك المنظور ...
أين ذلك القصر ؟ أين قلبي الأن من قلبي ذاك أين اشتياقي الذي قتلته هذه الأيام أين طموحي الذي قتله هؤلاء الناس بدون أن يعرفوه داسوا عليه بدون أن يفهموه . أين أحلامها التي كنت احلمها وأكتبها لتقطر أشعارا ترقص مع الزرع الأخضرالذي ينمحي لونه مع لون الغروب الأبيض ويرقص مع نسيم الوداع بخفة متمايلا مع النسيم كل مرة . وعدتها بحياة جميلة وقلب كبير يعشقها ويحتويها بكل ما يمتلك من خلايا . وعدتها لو وقفت كل الدنيا كلها على قلبي لأخرجها ما فكرت في ذلك لحظة ...أين ضحكاتها من أيامي أين ابتسامتها في ظلامي .. أين أجد عينيها في ألواني ..أين رنتها في خلوتي ..كانت دائما تتعجب من كلمات الشوق التي أقابلها بها كل ما اشم ريحها ..تسميني شاعرا ؟؟..تتهمني بالرومانسية وهي التي علمتني الشجون وعلمت قلبي النبض على موسيقى كلماتها الجميلة لتغيب تقاسيم حياتي في بسمتها الدائمة التي تمسح ذاكرتي كل مرة .
لا أتذكر أني صارحتها بحبي أبدا ... أين هي الان.. وأين قلبي.. ما رقمها ؟ لأرن لها بهاتفي ..الحاج كما تسميه لأنني مازلت متأكدا أنها تتذكر تلك النغمة التافهة – وهي أحسن ما في هاتفي اللعين – لتكون أسوء عودة في تاريخ المحبين بدل أن تتنبه على عودتي بصهيل حصاني الأبيض لأخطفها عليه وننطلق على شاطئ البحر الجميل نسابق الريح والبشر التي تموت غيرة ... لماذا اذكرها الأن ولماذا أذكر الماضي الذي فرحت مرة لرحيله...ما الأمر, ما الذي أريده ... لأتذكر من بعدها, بعد رغبة في النسيان أنني مغادر ....
لا أدري ..لدي شيء في قلبي يجرني إلى هذا التفكير دائما ... مناد من الداخل دائما يمنعني من التفكير في المستقبل ..من التخطيط ...جدار يحجب رؤيتي للقادم , إنذار لتجميع هذه الذكريات في ملف قريب علني قد أحتاجها .أو أنه أمل في لملة شظايا الحياة البسيطة التي كنت انعم بها حياة البراءة التي كنت اعبدها ...
اختلطت الوسوسات في قلبي .. ليضاف ألمها إلى طول هذا الليل البارد ..وينال مني التعب الحقير لأستمر في عيشة العبيد هذه . المسؤولية.. كما يسمونها . العمل لأجل الدنيا حتى المساء وتقضي الليل نائما كالخروف .. تشبيه جميل يستعمله أجدادنا لتشبيه روعة النوم ولذته..لكن للأسف نسي الجميع نهاية هذا الخروف لأنني متأكد أنه لن يصل مرحلة الشيخوخة أبدا ...يقضون عمرهم في الجري كالعميان من أجل الدينار الأحمق حتى ينسى معظمهم جمال النهار وروعته ..واتساع الدنيا وحلاوتها ...فبعد كل ذلك التعب يؤلمه قلبه أن ينفق تلك الأموالعلى حلاوة زائلة !! على كلام فارغ...ليصل عند حافة الموت وحياته أو مع أحفاده ليتذكر أمرا جميلا أو قصة عجيبة يحكيها ... معجزة حدثت قريبة منه ... ليتذكر بعدها أن شيخوخته بدأت عند بلوغه وحياته انتهت برضوخه لتيار البشر. وكل الأمور الجميلة حدثت في صغره لكن...أمه المرحومة هي التي أخبرته عنها... عاش حياته مقاتلا ببسالة ليعيش كالتماثيل عيشة مرسومة بمسطرة مجموعة البشر الفانية .. كل همه تتبعهم بنقصهم البشري ويرضي لنفسه أن ينتهي نهايتهم السعيدة في قبور بعيدة حتى عن طريق الأحياء ....لست بالحكمة التي تجعل الكلمات المفيدة تسيل بضغطة زر لكن هذه الحكاية هي التي تعيدني إلى صوابي .. الحبل الذي يجذبني من رمال الواقع المتحركة ..أعود لتلك الصور.. لأعود ...لأبتسم ولو بمرارة ...أتجهز للواقع ..علني أكون طرفا في معجزة أو من يدري قد أكون المعجزة.....
ها انا اكتب هذه السطور لأجعلها اللحظة الثابتة في حياتي ..المرجع ..ليس لروعتها, لكن لطولها ... لأتساعها لطول حياتي الماضية ... لأبد من جديد.. كصفحة بيضاء ناصعة مخططة بأهدافها ...واضحة المعالم والأبعاد ...