لم أكن يوماً أقبل أن أنشغل بمعارك كنت أسميها جانبية ، ومنها المعركة مع
الصفويين ، الذين يهمهم ـ كما سنرى ـ نشـر مذهبهم على حساب مذهب أهل السنة
والجماعة ، ولكن طفـح الكيل ، وأحـدق الخطر ، وتكلم الحلماء الصامتون ، لذا
لم أعـد أطـق صمتـاً لما يجري في بلاد الشـام الحبيبـة ....
يصل لي ولكم كل يوم تقارير في الشبكة الدولية ( الانترنت ) خلاصتها أن
انتشار التشيع قائم على قدم وسـاق في سوريا الحبيبة ، وأن حكومة طهران
تدفـع ملايين الدولارات من أجل نشـر التشيع في بلاد الشام عامة وسوريا
خاصـة ...لذا رأيت أن أبدأ منذ البداية ...
1- أرى أن كلمة شـيعة لاتطابق كلمة ( صفويون ) ـ فالشيعة معناها أقارب
وأحباب رسول الله ، ونحن المسلمين ـ أهل السنة والجماعة ـ نحب رسول الله
، ونحب آلـه وأقاربـه وصحـابتـه الكرام ونقول دائماً [ صلى الله عليه وعلى
آلـه وصحبـه وسـلم ] . ومصطلح ( شـيعة ) بـريء من ترهات الصفويين السبئيين
وشطحاتهم وشركهم ونواياهم الخبيثة نحو تدميـر الإسلام والمسلمين ...لذلك
مازلت وسوف أبقى ألتـزم بموقـف جمهور العلماء من أهل السـنة والجماعـة وهو
عـدم تكفير الشيعة ، وأنهم أهل قبلـة ، موحدون ، وقد يوجد فيهم التقي الورع
الذي يبغـي الآخـرة ...
2- سنبدأ من الشاه إسماعيل الصفوي ، وربما عدت يوماً إلى ( ابن سـبأ ) لأنه
بدايـة الـداء العضـال ، ولضعف الهمـة ، وضيق الوقت ، وقلة الأعوان ،
سأبدأ من الشاه إسماعيل الصفوي ...
الـمولـد والنــشأة
ولد إسماعيل الصفوي في (25 من رجب 892هـ=25 من يوليو 1487م)، وعاش بعد وفاة
أبيه في كنف "كاركيا ميرزا" حاكم "لاهيجان" الذي كان محباً للصفويين. ظل
إسماعيل الصفوي خمس سنوات تحت سمع هذا الحاكم وبصره، حتى شبّ قويا محباً
للفروسية والقتال، قادراً على القيادة والإدارة.
وفي أثناء هذه الفترة كانت الدولة تعيش فترة صراعات بين أفراد أسرة آق
قويونلو التي كانت تحكم فارس آنذاك، وهو ما استغله أنصار الصفويين، وأمّروا
عليهم إسماعيل الصفوي، وكان صغيراً لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره، لكنه
كان مهيأ للقيادة والزعامة بفضل الرعاية التي أحاطه بها حاكم لاهيجان.
تمكن إسماعيل الصفوي وأنصاره من خوض عدة معارك ضد حكام بعض المناطق في
إيران والتغلب عليهم، وتساقطت في يده كثير من المدن الإيرانية، وتوج جهوده
بالاستيلاء على مدينة "تبريز" عاصمة آق قويونلو، ودخلها دخول الفاتحين، ثم
أعلنها عاصمة لدولته.
وبدخول إسماعيل مدينة تبريز تم تتويجه ملكا على إيران، ولقبه أعوانه بأبي
المظفر شاه إسماعيل الهادي الوالي، وذلك في سنة (907هـ = 1502م) وأصدروا
العملة باسمه.
المذهب الشيعي.. المذهب الرسمي للدولة
كانت إيران سنية المذهب - وإن كانت العناصر الشيعية متمركزة في بعض المدن
مثل: كاشان، وقم، والرَّي- وعقب تتويج إسماعيل الصفوي ملكاً على إيران أعلن
فرض المذهب الشيعي مذهباً رسمياً للدولة دون مقدمات.
استقبل الناس هذا القرار بعدم رضا، حتى إن علماء الشيعة أنفسهم ذهبوا إلى
الشاه إسماعيل وقالوا له: "إن ثلاثة أرباع سكان تبريز من السنة، ولا يدرون
شيئاً عن المذهب الشيعي، ونخشى أن يقولوا: لا نريد مُلك الشيعة"، لكن
إسماعيل لم يهتم باعتراضهم، وأمر الخطباء والمؤذنين أن يتلوا تشهد الشيعة
(أشهد أن علياً ولي الله، حي على خير العمل) في الأذان.
استسلم الناس لهذا الجبر في فرض مذهب الشيعة عليهم، ما عدا بعضهم الذين
لقوا حتفهم على يد إسماعيل الذي تمكن من فرض المذهب الشيعي بحد السيف،
بالإضافة إلى سعيه لإنشاء عدد من المدارس لتدريس المذهب ونشره بين الناس.
الصفوي في مواجهة الأوزبك
بعد أن فرغ إسماعيل الصفوي من القضاء على منافسيه المتفرقين في مختلف أنحاء
إيران، بدأ يوجه همه إلى تدعيم الوحدة السياسية لدولته، ويعد العدة ليضع
يده على كل بلاد فارس، وكان لا بد من الاصطدام بقبائل الأوزبك التي كانت
تموج في المناطق الشمالية الشرقية من فارس.
كانت قبائل الأوزبك تعتنق المذهب السني، وتحت زعامة محمد شيباني الذي نجح
في أن يقيم ملكاً على حساب الدولة التيمورية، وأن يستولى على عاصمتها
"سمرقند" وأن يمد سيطرته على "هراة" في مطلع سنة (913هـ = 1507م).
وهكذا أصبح الأوزبك وجها لوجه أمام إسماعيل الصفوي، وزاد من الصراع بينهما
التراشق المذهبي بينهما، وبلغ من اعتداد محمد شيباني أن أرسل إلى إسماعيل
الصفوي يدعوه إلى ترك المذهب الشيعي والعودة إلى مذهب السنة والجماعة،
ويهدده بحرب ضروس في قلب إيران ذاتها، وبهذا أصبح لا مفر من الحرب بينهما.
كان شيباني يتصف بالجرأة والإقدام، لكنه لم يكن على مستوى عدوه إسماعيل
الصفوي في المراوغة والخداع في الحروب، فاستغل إسماعيل ذلك، وجرَّ خصمه إلى
معركة كان قد استعد لها تماماً، وتمكن من إلحاق هزيمة مدوية به في "محمود
آباد" -وهي قرية تبعد قليلاً عن مرو- وذلك في سنة (916هـ= 1510م).
استشهد شيباني نفسه في المعركة، وبعد استشهاده أعمل إسماعيل الصفوي القتل
في أهل مرو، وأمضى فصل الشتاء في هراة، وأعلن فيها المذهب الشيعي مذهباً
رسمياً، على الرغم من أن أهالي هذه المناطق كانت تدين بالمذهب السني.
وفي الموضوع القادم سنرى مواجهتـه مع العثمانيين ، وانهزامـه في ( جالديران
)
النقاط الهـامـة في الموضوع :
1- كان ثلاثة أرباع سكان إيران من أهل السنة والجماعة في القرن التاسع
الهجري ... قبل تولي الشاه إسماعيل الصفوي الحكم .
2- من هو ( "كاركيا ميرزا" حاكم "لاهيجان" الذي كان محباً للصفويين. والذي
ربى إسماعيل الصفوي خمس سنوات تحت سمع هذا الحاكم وبصره، حتى شبّ قوياً
محباً للفروسية والقتال، قادراً على القيادة والإدارة ) .
وأتمنى من إخواني الشباب ذوي الهمـة أن يبحثوا في ( جوجل ) وغيره عن هذا
الذي قد يكون من ألـد أعـداء المسلمين ...
3- سـوء أخلاق الشاه إسماعيل الصفوي ، ومعاقرته للخمـر ... هل هي مؤشـر على
شيء مـا !!! وقسـوته على أهالي ( مرو ) بعد استشهاد قائدهم محمد الشيباني
يرحمه الله ...
4- انشـغال العثمانيين في مجابهة الصفويين عن الدعوة الاسلامية والفتـح
الاسلامي في أوربـا ...