الحقيقة إن الحديث عن موضوع المرأة حديث في غاية الأهمية والخطورة، وهذا
نابع من المكانة العظيمة التي منحها الإسلام، فهي الأم والأخت والزوجة
والبنت، وهي شقيقة الرجل ونصفه الآخر.
والغريب والمحير أن الخطاب العلماني يراهن على قضايا المرأة، بل وعلى
المرأة ذاتها، ويتحدث نيابة عنها، ويدعي أنها معه وأنها سوف تصوت له، وأنها
الجمهور الصامت، والأغلبية الصامتة التي تقف معه!!
ولا يشك عاقل أن هذا مجرد هراء، ويكفي صراخ أمثال ( أحمد الربعي، وأحمد
البغدادي) وهم من كبار ليبرالية الكويت، حينما قالوا: لقد سقطنا وفشلنا في
الانتخابات، لقد أسقطتنا المرأة، لقد رفضتنا!
لكن الليبراليين لا يزالون يتاجرون بالمرأة وكيف لا يفعلون ذلك، والمرأة
صامتة عندنا وكأن هذا الأمر لا يعنيها، ولذلك حق لهؤلاء الذين يتاجرون
باسمها أن يرفعوا صوتهم، ويزعموا أنهم يمثلون الأغلبية الصامتة!
أما آن للمرأة المسلمة كمثال أن تحطم جدار الصمت؟ وهي التي تتشدق أمريكا
بالمطالبة بحقوقها ( وما تقصد إلا العهر والتدمير)
أما آن لها أن تتكلم بإيمانها وإسلامها؟
نريد آلافاً أمثال: نورة السعد، رقية المحارب، فاطمة العتيبي، وكثيرات
كثيرات!
لماذا الصمت المطبق، وهؤلاء الأغراب يتحدثون باسمكن وعلى لسانكن؟!!
نريدك أيتها المرأة المؤمنة أن تحطمي جدار الصمت، لتفوتي على هؤلاء الأغراب
دعاويهم الكاذبة والمزورة.
والعجيب – يا أختي - أن الخطاب العلماني يمارس إزدواجية متناقضة تجاه
المرأة، ففي حين يطالب باستقلاليتها وتحريرها، نجده يتحدث باسمها نيابة
عنها وعلى لسانها، وكأنه بذلك يقرر ويعترف بلسان الحال على عجزها وقصورها
الذاتي عن تمثيل حقوقها الشخصية فضلاً عن تمثيل غيرها.
ولعل أكبر خللٍ في الخطاب العلماني في كتابات أصحابه المعاصرة هو ممارستهم
للمغالطات الذهنية والواقعية من خلال تبشيرهم بالمثال الغربيّ، وذلك حينما
يقدمون للمرأة المسلمة صورة المرأة الغربية كأنموذج يجب أن تحتذي به، وهم
حين يفعلون ذلك يتباهون بتقديم الحقيقة التي يزعم أنه المالك الوحيد لها،
ويتناسى ذلك الخطاب في نفس الوقت قضايا المرأة الحقيقة والواقعية، مثل
مشكلة: الفقر، والجريمة، والعنوسة، والطلاق، وتفكك الأسرة.. وغير ذلك.
ومن يتأمل حال المرأة في الغرب – والذي قدم من قبل الخطاب العلماني كأنموذج
يحتذى به - يقطع بأن الخطاب العلماني يقوم بعملية تغرير يستهدف بها أول من
يستهدف المرأة المسلمة!!
والخطاب العلماني يمتع ويرتع في التغرير، ونادراً ما يتحدث عن الحقيقة،
ولكن قد نجد منهم من يشهد بها على مضض، ومن هؤلاء الذين شهدوا بالحقيقة
المفكر السوري العلماني المشهور "بوعلي ياسين" حينما قال:
( الرجل المثقف - العلماني - في مجتمعنا يدعو إلى المساواة ويطالب المرأة
بأن تكون ندا للرجل ولكنه نادرا ما يتزوج هذه المرأة المتساوية معه أو الند
له ، إنه يقبلها صديقة ورفيقة وزميلة لكنه يخافها ويبتعد عنها كزوجة ..
إنه يريدها غرّة، ولذلك تراه يركض وراء المراهقات ).
ولذلك لا نعجب أن مجتمعاً حضارياً مدنياً وصاحب تراث عميق مثل "اليابان"
يرفض هذا النموذج الفاسد مثله مثل المسلمين، بل إن أكبر فشل منيت بها
منظمات حقوق المرأة الفاسدة هو في اليابان تلك الدولة الأكبر صناعيا
والأكثر تقدماً في مجال التقنية !
المرأة في اليابان
فيحدثنا السفير الأمريكي لدى اليابان " أدوين رايشار" الحاصل على الماجستير
والدكتوراه من اليابان عن مشاهداته وتجاربه مع المجتمع الياباني فيقول :
(التراث الياباني يشدد على التمسك بالقيم الجماعية والتكافل بين الأعضاء،
لذلك فقد كانوا يحرصون على تنشئة البنت تنشئة ممتازة ، لتكون عنصرا قيما لا
تشوبه شائبة، وينظر اليابانيون إلى تحرر النساء كسلوك فوضوي هدام بمثابة "
فخ " وقعت فيه المرأة ، والحياة الاجتماعية للمرأة اليابانية المتزوجة
تقتصر في الغالب على البيت وعلى القليل من الأقارب والصديقات !
ومن الأسباب التي تفسر عدم استجابة المرأة اليابانية بصورة أكبر لحركة
التحرير النسائية ، أن هذه الحركة ببساطة لا تناسب أسلوب حياتها، فهي تحظى
بصفات " السيدة المحترمة " كما أن النقطة الأكثر أهمية أن اليابانية لا
تشعر برد الفعل الذي تشعر به المرأة الغربية ، نتيجة الظلم الواقع عليها ،
فالمرأة اليابانية تفخر بدورها الأساسي في الأسرة ). انتهى كلام السفير
الأمريكي .
وقد جرى استطلاع للرأي العام في اليابان سنة 1986م حول الأسرة ، وقد تبين
أن أكثر من (90%) من اليابانيين ممن شاركوا في الاستطلاع قالوا : إن تدبير
أمور المنزل ، ورعاية الأطفال هي المجال الأول للمرأة !
ولأن حال المرأة في الغرب يندى له جبين كل إنسان حر لديه مثقال ذرة من
إنسانية، ويكفي أن يطلع العاقل على النسب الحزينة التي تعاني منها المرأة
هناك:
- ففي دراسة أمريكية أجريت في عام (1407-1987م ) أشارت إلى أن (79 % ) من
الرجال يقومون بضرب النساء، بخاصة إذا كانوا متزوجين منهن، وقد اعتمدت
الدراسة على استفتاء أجراه الدكتور ( د . جون بيرير ) الأستاذ لمادة علم
النفس في جامعة (كارولينا) الجنوبية بين عدد من طلبة الجامعة .
وفي دراسة أعدها المكتب الوطني الأمريكي للصحة النفسية ، أن نسبة ( 83%) من
النساء دخلن المستشفيات سابقا مرة على الأقل للعلاج من جروح وكدمات أصبن
بها كان دخولهن نتيجة للضرب !
- 71% من النساء الأمريكيات العاملات اللواتي اشتكين للمكتب من مضايقات
رؤسائهن الجنسية ، انتهى بهن الأمر إلى ترك العمل ، فقد فصلت منهن 28 %
بينما نقلت 43 % منهن إلى وظائف أخرى تعرضن فيها إلى قدر كبير من المضايقات
مما حملهن على الاستقالة .
1- ونقلت صحيفة ( فرانس سوار ) الفرنسية عن الشرطة في تحقيق نشرته حول
الموضوع :
( أن 93% من عمليات الضرب التي تتم بين الأزواج تقع في المدن . وأن 60% من
الدعوات الهاتفية التي تتلقاها شرطة النجدة في باريس أثناء الليل هي نداءات
استغاثة من نساء يسيء أزواجهن معاملتهن ).
- وذكرت مجلة التايم 4/7/ 1994 أن نصف الشاكيات ُيغتصبن في البيوت
الأمريكية !
- وطبقا لدراسة أجراها ( لويسنز ) فإن ما بين ( 50 - 70 % ) من الرجال
الأمريكان يخونون زوجاتهم على فراش الزوجية.
2- وطبقاً لنتائج المؤتمر الوطني الذي عقد في باريس في عام 1987م جاء فيها:
(70 % ) من الشابات الفرنسيات يعشن وحيدات وقلقات، (20% ) من الولادات
كانت عن طريق الزنا، ( 73 % ) من طلبات الطلاق كانت من المرأة، بسبب خيانة
واعتداء الزوج.
3- يقول ( أندرو شابيرو ) في كتابه ( نحن القوة الأولى - 57) :
(إن أكثر من عشرة آلاف فتاة أمريكية تضع مولوداً غير شرعي سنوياً، وهي لم
تبلغ بعد الرابعة عشرة من عمرها، إن الولايات المتحدة هي الدولة الوحيدة من
بين الدول المتقدمة التي زادت فيها نسبة المراهقات اللاتي يحملن بسبب
الممارسة الجنسية في السنوات الأخيرة).
4- ويقول ( اكتافيو باث ) في ( زمن الغيوم - 29 ) :
( إن المنظور الروحي للغرب يدعو إلى الحزن ، فالسائد الآن هو الابتذال
والسطحية وانبعاث الخرافات وانحطاط العنصر الشهواني والتلذذ في خدمة
التجارة والحرية التي تحولت إلى قوادة لوسائل الإعلام ) .
ويقول المستشرق المشهور ( إميل درمنغم ) في كتابه (حياة محمد - ص 329 ) . :
(فعلى الإنسان أن يطوف في الشرق ليرى أن الأدب المنزلي فيه قوي متين، وأن
المرأة فيه لا تًحسُدُ بحكم الضرورة نساءنا ذوات الثياب القصيرة والأذرع
العارية ولا تحسد عاملاتنا في المصانع وعجائزنا، ولم يكن العالم الإسلامي
ليجهل الحب المنزلي والحب الروحي، ولا يجهل ما أخذناه عنه من الفروسية
المثالية والحب العذري).
والسؤال الآخر : إلى متى ستظل المرأة المسلمة تلتزم الصمت أو الهمس في أعظم
قضاياها المصيرية؟ لماذا يتحدث بلسانها كل من هب ودب؟ لماذا ينتحل مصالحها
الأغراب؟ لماذا يشهد بعزتها وكرامتها في الإسلام بعض المستشرقين وفلاسفة
الغرب وهي صماتة وكأن الأمر لا يعنيها؟
أختي المسلمة.. آن لك أن تحطمي جدار الصمت.. آن لك الآن.