Anneliese عمدة المدينة
الجنس : العمر : 29 عدد المساهمات : 5370 نقاط : 24792
| موضوع: شـــهر رجب ... فضائله وبدعـــه الثلاثاء 22 يونيو - 5:54 | |
| شهــر رجب فضائله وبدعـــه
نعيش هذه الأيام مع الثلث الأول من شهر حرام هو شهر رجب ، وهو أحد الأشهر الحرم الأربعة ، التى قال الله عز وجل عنها فى كتابه العزيز: " إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ " ( ) بمعنى أن الله سبحانه وتعالى لما ابتدأ خلق السماوات والأرض جعل السنة أثنى عشرا شهرا منها أربعة حرم ، وقد فصلها النَّبِيُّ صلي الله عليه وسلم فى خطبته فى حجة الوداع ، قال صلي الله عليه وسلم : " إن الزَّمَانُ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ " ( ) وقد اشتهر على كثير من الألسـنة فضائل كثيرة لشهر رجب ، بناء على أحاديث ، يصفها العلماء المنصفون بأن الصحيح منها غير صريح ، والصريح منها ضعيف أو موضوع ؛ لهذا اشتدت حاجة الناس إلى معرفة الخطأ من الصواب ، والتمييز بين الحق والباطل ، والتفرقة بين ما هو سـنة هدى صحيحة ، وما هو بدعة ضلالة قبيحة. وقد أبدى بعضهم لما استقر عليه الحال من ترتيب هذه الأشهر الحرم مناسبة لطيفة حاصلها أن للأشهر الحرم مزية على ما عداها ، فناسب أن يبدأ بها العام ( المحرم ) ، وأن تتوسطه ( رجب ) ، وأن تختم به ( ذو القعدة وذو الحجة ) ، وإنما كان الخَتم بشهرين لوقوع الحج ختام الأركان الأربع فى هذين الشهرين؛ ولما كانت أركان الإسـلام تشتمل على عملِِِِ مالٍ محض وهو الزكاة ، وعملِِ بدنٍ محض وذلك تارة يكون بالجوارح وهو الصلاة وتارة بالقلب وهو الصوم لأنه كف عن المفطرات ، وتارة عملٍ مركبٍ من مال وبدن وهو الحج ، فلما جمعهما الحج (عمل المال وعمل البدن) ناسب أن يكون له ضعف ما لواحد منها ، فكان له من الأربعة الحرم شهران ، فكان الحاصل الابتداء بشهر حرام ، ويختم بشهر حرام ، وتوالى شهران في الآخِر لإرادة تفضيل الختام. ( ) وقد عرف العرب فى جاهليتهم فضل شهر رجب الحرام فعظموه ومنعوا فيه الحروب والخلافات العصبية والقبلية ، وخلدوا فيه الى السلم والسلام ، ثم جاء الإسلام ليؤكد ويبين مكانة شهر رجب بين الأشهر الحرم ؛ فنرى الحديث المذكور يشير إشارة إلى إبطال ما كانوا يفعلونه في الجاهلية من النسىء ، وهوتأخير أو تقديم بعض الأشهر الحرم فلذلك قال صلي الله عليه وسلم : " ثَلاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ " ووصفه صلي الله عليه وسلم بكونه " بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ " تأكيدا لموقعه بالنسبة لأشهر السنة ، التي بدلوها بسبب النسيء. وقال الخطابي : كانوا يخالفون بين أشهر السنة بالتحليل والتحريم والتقديم والتأخير لأسباب تعرض لهم منها : استعجال الحرب فيستحلون الشهر الحرام ، ثم يحرمون بدله شهرا غيره فتتحول في ذلك شهور السنة وتتبدل ، فإذا أتى على ذلك عدة من السنين استدار الزمان وعاد الأمر إلى أصله ، وقد اتفق وقوع حجة النبي صلي الله عليه وسلم فى ذلك ؛ ولهذا قال صلي الله عليه وسلم فى الحديث : " إن الزَّمَانُ قَدْ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ثَلاثَةٌ مُتَوَالِيَاتٌ ذُو الْقَعْدَةِ وَذُو الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمُ وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشَعْبَانَ " ( ) وكانت مضر تبالغ في تعظيم شهر رجب ؛ فلهذا أضيف إليهم في الحديث المذكور حيث قال : " وَرَجَبُ مُضَرَ " والظاهر أنهم كانوا يخصونه بمزيد التعظيم مع تحريمهم القتال في الأشهر الثلاثة الأخرى إلا أنهم ربما أنسأوها ولم ينسأوا رجبا. ( ) ومن مظاهر تعظيمهم للشهر الحرام ـ قديما وحديثا ـ خلاف منعهم فيه الحروب والخلافات العصبية والقبلية : 1 - ما يعرف بالعتيرة ( ) وهي شاة تذبح في أول رجب في معنى الأضحية ، كانوا يذبحونها فى الجاهلية يتقربون بها إلى أصنامهم . [size=21]( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم قَالَ : " لا فَرَعَ وَلا عَتِيرَةَ وَالْفَرَعُ أَوَّلُ النِّتَاجِ كَانُوا يَذْبَحُونَهُ لِطَوَاغِيتِهِمْ وَالْعَتِيرَةُ فِي رَجَبٍ " ( صحيح البخارى برقم 5051 ) وقد ذكر ابن حجر أن الشافعي نص على أن العتيرة مستحبة ، وقال : ويؤيده ما أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجة وصححه الحاكم وابن المنذر عن نُبَيْشَة قَالَ : نَادَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا نَعْتِرُ عَتِيرَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي رَجَبٍ فَمَا تَأْمُرُنَا قَالَ اذْبَحُوا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَيِّ شَهْرٍ كَانَ " ( فتح الباري ج 9 ص 597 ) قلت إن الحديث لا يفيد الاستحباب لأن بقية النص : " ... اذْبَحُوا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي أَيِّ شَهْرٍ كَانَ وَبَرُّوا لِلَّهِ وَأَطْعِمُوا " وقد فسره البيهقي في سننه : اذبحوا لله أي اذبحوا إن شئتم واجعلوا الذبح في رجب وغيره سواء . وجاء فى " عون المعبود شرح سنن أبى داود : كان الفرع والعتيرة في الجاهلية وفي أول الإسلام ثم نسخ . وقيل : نفي التقرب بالإراقة كالأضحية ، وأما التقرب باللحم وتفريقه على المساكين فبر وصدقة كذا في فتح الودود ) 2 - اتخاذه موسما وعيدا : وقال ابن رجب : ويشـبه الذبح فى رجب اتخاذه موسما وعيدا كأكل الحلوى ونحوها . 3 - صيام أيام معينة أو تخصيصه بصلاة معينة : قال الإمام ابن القيم : " وكل حديث في ذكر صوم رجب وصلاة بعض الليالي فيه فهو كذب مفترى" ( ) وقال الحافظ بن حجرالعسقلانى : " لم يرد في فضل شهر رجب ولا في صيامه ولا في صيام شيء منه معين، ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث صحيح يصلح للحجه ، ثم بين الحافظ ابن حجر مذهبه : وهو عدم العمل مطلقا بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال ولا غيرها ، حيث قال : ولا فرق في العمل بالحديث في الأحكام أو في الفضائل ؛ إذ الكل شرع ". ( ) والحقيقة أن هذه قاعدة فقهية هامة يجب أن يلتزم بها المسلم الذى يحرص على سلامة دينه . وقال أيضا إن : الأحاديث الصريحة الواردة فى فضل رجب ، أو فضل صيامه ، أو فضل صيام شىء منه ، تنقسم إلى قسمين : قسم ضعيف وقسم موضوع ، وقد جمع ــ رحمه الله ــ الضعيف فكان أحد عشر حديثا ، وجمع الموضوع فكان واحدا وعشرين حديثا ( 11+ 21 = 32 حديث بين الضعيف و الموضوع ). مما سبق يتضح أن شهر رجب من الأشهر المحرمة التى ثبتت حرمتها ، وهذا هو الفضل الوحيد الثابت له بالكتاب والسنة ، ولكن طاب لبعض المبتدعة أن يزيدوا على ما جعله له الشارع من مزية ، باختراع عبادات واحتفالات ما أنزل الله بها من سلطان ، بنوها وأسسوها على اعتقادات خاطئة ، وأحاديث ضعيفة أو موضوعة فى فضل رجب . ولكن ليس معنى هذا أن الصيام فى رجب حرام أو بدعة ، بل إن من كانت عادته مثلا صيام الاثنين والخميس ، أو من عادته صيام الأيام الثلاثة البيض من كل شهر ، فلا حرج عليه فى صوم هذه الأيام ، باعتبار أنها أيام صيام عادية ، لها فضلها العام فى جميع شهور السنة ، دون أن يربط ذلك بفضل مخصوص يرجع إلى شهر رجب سوى أنه شهر حرام ؛ لأن الميزان فى إثبات أفضلية شهر أو يوم أو ليلة أو ساعة ـ كما سبق ـ هو شرع الله تعالى ، فما ثبت فى الكتاب والسنة الصحيحة أن له فضلا نثبت له ذلك الفضل ، وماخلا ذلك من الأحاديث الضعيفة التى يأخذ بها البعض فيما يسمونه فضائل الأعمال ، فهذا لا يلزم المسلم ؛ لأن الذى يحدد ويبين فضائل الأعمال هو الكتاب والسنة الصحيحة ، وما عندنا من الكتاب والسنة الصحيحة يغنينا عما فى الضعيف والموضوع . *** *** *** عرفنا أنه من البدع التي استحدثت في رجب : العتيرة : وهي ذبيحة تذبح في رجب علي غرار الأضحية . اتخاذه موسما وعيدا : يوسع في بعض أيامه علي العيال بأنواع معينة من الطعام والحلوى. صيام أيام معينة : مثل صيام أول أيام من رجب أو صيام يوم 27 منه ، أو تخصيص الشهر كلِّه بالصيام . وقد ثبت أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يضرب أكف الرجال في صوم رجب ، حتى يضعونها في الطعام ، ويقول : " رجب وما رجب ؟ إنما رجب شهر كان يعظمه أهل الجاهلية ، فلما جاء الإسلام ترك " ( ) تخصيصه بصلاة معينة : كصلاة الرغائب وهي التي يصلونها في ليلة أول جمعة من رجب بين صلاة المغرب والعشاء ، وأيضا صلاة النصف من رجب . تخصيصه بعمرة يسمونها " العمرة الرجبية " والمعروف أن العمرة مشروعة فى أيام العام كلها ، ولا فضل لعمرة فى شهر دون شهر إلا ما ورد فى فضل العمرة فى رمضان ، لقَوله صلي الله عليه وسلم : " عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَعْدِلُ حَجَّةً معى" ( ) الاحتفال بليلة سبع وعشرين : على أساس أنها ليلة الإسراء والمعراج ، ( وهذا الموضوع سنفرد له خطبة مستقلة إن شاء الله حرصا علي عدم الإطالة اليوم ) . كل هذه من البدع المحدثة التي حذر منها العلماء و التي لم تثبت عن المصطفى صلي الله عليه وسلم بالإضافة إلي أن فيها تعظيم لشهر رجب علي غير ما شرع الله ، وتخصيصه بذلك دون غيره من الشهور، والمخصصون له استندوا إلى أحاديث بعضها ضعيف وكثير منها موضوع كما رأينا . و حرى بالمسلم أن يتبع لا أن يبتدع ؛ إذ أن محبة الله سبحانه وتعالى ومحبة رسوله صلي الله عليه وسلم لا تنال إلا بالإتباع لا بالابتداع ، قال : عز وجل " قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ " ( ) ولا شك أن حالة الضعف والوهن التي تعيشها الأمة الإسلامية في هذه الأيام ، والتي أصبحت فيها دماء المسلمين أرخص حتي من دماء الكلاب ، لهو بسبب تخاذلها وبعدها عن كتاب ربها وسنة نبيها صلي الله عليه وسلم. فها هي دماء المسلمين ما زالت تنزف في العراق منذ أن وطئتها قوات التآمر بقيادة راعية قوى الشر والعدوان رعاة البقر، فما من يوم يمر إلا ونشاهد بأعيننا علي الفضائيات مئات القتلى والجرحى ، والتدمير والتخريب ،على أيدي عصابات القتل الأمريكية ، أو العصابات الشيعية العميلة للأمريكان ، والملفت للنظر أن الشيعة يتظاهرون برفع راية العصيان علي إله الشر الأمريكي ، وفي نفس الوقت يستعين بهم الأمريكان في حكمهم للعراق ، فماذا يعني ذلك ... إن الشيعة أشد خطرا علي الأمة الإسلامية من اليهود ، فاعتبروا أيها المخدوعين فيهم إن كنتم تعقلون . وعلى أرض فلسطين المسلمة ، نجد الحكومة الصهيونية تقتل وتحاصر وتجوع الشعب الفلسطيني ، وتعتقل من تشاء من أجل جندي حقير أختطف ، بينما يقبع الفلسطينيون بالآلاف في معتقلات الصهاينة يلاقون أشد العذاب دون أن يحرك ذلك ساكنا لدى مسئول غيور . وقد رأي العالم وقائع الهجوم الأخير على أسطول المساعدات إلى غزة ، كحلقة جديدة من حلقات إعدام مسلمي فلسطين صبرا في سجنهم الكبير غزة ، وتضيف واقعة الهجوم عشرة جثث جديدة إلى حصيلة القتلى في الشرق الأوسط ، ولم يصدر رد فعل واحد مناسب بحق إسرائيل ، ويلتزم الزعماء الصمت إلا من بعض عبارات الشجب والاستنكار والتصريحات العنترية التي لا تغني شيئا عن واقع الذل والخنوع الذي يعيشه المسلمون في هذه الأيام . [/size] | |
|