Lost City
عانقت جدران مدينتنا
عطر قدومك ... وتزيّنت
مساحاته بأعذب عبارات الود والترحيب
اذا كنت واحدا من سكانها فتفضل بالدخول اليها فهي بانتظارك
و ان كنت زائرا جديدا توجه نحو مكتب التسجيل و خذ مفاتيح بيتك
لتتعرف على جيرانك و اذا حصل و ضعت في مدينتنا الجا الى مكتب الاستعلامات
نرجو لك قضاء وقت ممتع
بمنتديات LOst ciTY
Lost City
عانقت جدران مدينتنا
عطر قدومك ... وتزيّنت
مساحاته بأعذب عبارات الود والترحيب
اذا كنت واحدا من سكانها فتفضل بالدخول اليها فهي بانتظارك
و ان كنت زائرا جديدا توجه نحو مكتب التسجيل و خذ مفاتيح بيتك
لتتعرف على جيرانك و اذا حصل و ضعت في مدينتنا الجا الى مكتب الاستعلامات
نرجو لك قضاء وقت ممتع
بمنتديات LOst ciTY
Lost City
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

Lost City


 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 ميزان الحقّ.....

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Anneliese
عمدة المدينة
عمدة المدينة
Anneliese


الجنس الجنس : انثى
العمر العمر : 29
عدد المساهمات عدد المساهمات : 5370
نقاط نقاط : 24792

ميزان الحقّ..... Empty
مُساهمةموضوع: ميزان الحقّ.....   ميزان الحقّ..... Emptyالثلاثاء 22 يونيو - 5:14



ميزان الحقّ..... Bsm-allah3


السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ربك يحبك

حين يتأمل العبد شعائر الإسلام العظيمة وتشريعاته
الربانية
يخرج بالعديد من الدروس والعبر ،
ومن أهم الدروس التي يقف عندها كثيرا يقينه بأن الله تعالى يحبه ويريد به
الخير واليسر والهداية ، يريد بعبده أن يتشبه بالملائكة الذين هم : ( عِبَادٌ مُكْرَمُونَ )(الأنبياء: من الآية26).وهم
أيضا : ( لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ
وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُون
َ)(التحريم: من الآية6).

إنك حين تتأمل تصل إلى هذه النتيجة ولابد ، فالصلاة
التي هي آكد أركان الإسلام العملية قال الله تعالى عنها: ( وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ
الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ
)(العنكبوت: من الآية45).
وقال عنها النّبيّ ميزان الحقّ..... Sala : " أرأيتم
لو أن نهرا بباب أحدكم ، يغتسل فيه كل يوم خمسا ، ما تقول : ذلك يبقي من
درنه
. قالوا : لا يبقى من درنه شيئا ،
قال : فذلك مثل الصلوات الخمس ، يمحو الله بها
الخطايا
".

أما الصيام فقد قال الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ
الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ
تَتَّقُونَ
) (البقرة:183). وقال عنه النبي ميزان الحقّ..... Sala: " من
صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه
".

وأما الحج فقد ذكر النبي ميزان الحقّ..... Sala أن " من
حج فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه
".كما بين ميزان الحقّ..... Sala أن "الحج
المبرور ليس له جزاء إلا الجنة
".

إن جميع ما ذكرناه سابقا ليؤكد نفس المعنى وهو أن الله تعالى يحب عبده ،
يحب أن يرحمه ، يحب له أن يكون كالملائكة مبرأ من كل نقص وآفة ، ولعلمه
سبحانه وتعالى بأن العبد خطاء فقد شرع له ما يطهره من آثار هذه الذنوب
والمعاصي والأوزار لأنه سبحانه وهو الغني يحب عبده ويحب رحمته ، هذا مع
كمال غنى الرب جل وعلا وكمال فقر العبد إليه سبحانه : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى
اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ
) (فاطر:15).

وقد بين الله تعالى كمال غناه عن عباده وطاعاتهم وأنه
أيضا لا تضره معاصيهم كما في الحديث عن
النبي ميزان الحقّ..... Sala ، فيما روى عن الله
تبارك وتعالى أنه قال: " يا عبادي ! إني حرمت الظلم
على نفسي وجعلته بينكم محرما . فلا تظالموا . يا عبادي ! كلكم ضال إلا من
هديته . فاستهدوني أهدكم . يا عبادي ! كلكم جائع إلا من أطعمته .
فاستطعموني أطعمكم . يا عبادي ! كلكم عار إلا من كسوته . فاستكسوني أكسكم .
يا عبادي ! إنكم تخطئون بالليل والنهار ، وأنا أغفر الذنوب جميعا .
فاستغفروني أغفر لكم . يا عبادي ! إنكم لن تبلغوا ضري فتضروني . ولن تبلغوا
نفعي فتنفعوني . يا عبادي ! لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم . كانوا على
أتقى قلب رجل واحد منكم . ما زاد ذلك في ملكي شيئا . يا عبادي ! لو أن
أولكم وآخركم . وإنسكم وجنكم . كانوا على أفجر قلب رجل واحد . ما نقص ذلك
من ملكي شيئا . يا عبادي ! لو أن أولكم وآخركم . وإنسكم وجنكم . قاموا في
صعيد واحد فسألوني . فأعطيت كل إنسان مسألته . ما نقص ذلك مما عندي إلا كما
ينقص المخيط إذا أدخل البحر . يا عبادي ! إنما هي أعمالكم أحصيها لكم . ثم
أوفيكم إياها . فمن وجد خيرا فليحمد الله . ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا
نفسه
".

ومع ذلك فإنه يحب أن يرحم عباده فشرع لهم هذه الشرائع لتقربهم منه سبحانه
ولينالوا بها رحمته ومحبته.

وقد ذكر بعض أهل العلم في حكم الطواف بالبيت الحرام أن الله تعالى قد اتخذ
بيتا في السماء هو البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون
إليه ، ولأنه يحب عباده المؤمنين ويريد لهم أن يكونوا كالملائكة فقد اتخذ
بيتا في الأرض وأوجب على الناس حجه ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ
إِلَيْهِ سَبِيلاً
)(آل عمران: من الآية97).

ثم هو سبحانه يباهي بأهل عرفات أهل السماء كما في الحديث: " إن الله تعالى يباهي بأهل عرفات ملائكة السماء ، يقول :
انظروا إلى عبادي ، أتوني شعثا غبرا من كل فج عميق ، أشهدكم أني قد غفرت
لهم
".وأهل السماء عباد مطهرون والله تعالى لا يباهي المطهر إلا
بمطهر مثله فكأنه تعالى قد وضع عنهم الأوزار وتجاوز لهم عن الخطيئات.
فحري بنا أن نستشعر هذا المعنى أن الله تعالى يحبنا ويحب لنا أن نتشبه
بالملائكة فنقبل على طاعته والإكثار من ذكره وإن بدرت منا معصية أو إساءة سارعنا إلى التوبة والندم على ما بدر منا .
يا أيها الأحبة الله تعالى يحب عبده المؤمن ويحب
أن يتقرب عبده منه فلماذا الإعراض والغفلة والصدّ؟!.

وفقنا الله وإياكم إلى طاعته، وأعاننا وإياكم
على ذكره وشكره وحسن عبادته.






الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://chobits.tk
Anneliese
عمدة المدينة
عمدة المدينة
Anneliese


الجنس الجنس : انثى
العمر العمر : 29
عدد المساهمات عدد المساهمات : 5370
نقاط نقاط : 24792

ميزان الحقّ..... Empty
مُساهمةموضوع: رد: ميزان الحقّ.....   ميزان الحقّ..... Emptyالثلاثاء 22 يونيو - 5:15



ميزان الحقّ..... Bsm-allah3


الإفتقار إلى الله سبحانه

إن الافتقار إلى الله سبحانه وتعالى من العبادات القلبية العظيمة التي لا بد أن يستحضرها
المؤمن امتثالا لأمر الله سبحانه وتعالى لعباده، حيث قال: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى
اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ
) (فاطر:15)

فالعبد ينبغي أن يكون مفتقرا
إلى الله تعالى
، لا إلى أحد من الناس، ولا
إلى شيء من الدنيا، فهو قد نفض يديه من الدنيا، فلا
يطمع ولا ينافس فيها، ولا يتعلق قلبه بها،
لأنه مفتقر إلى الله وحده
لا شريك له، وأكثر الناس قد افتقروا إلى الدنيا، إلى شهواتها ولذاتها، لا
يفترون عنها، منهم من افتقر إلى المال، ومنهم من افتقر إلى الجاه، وعامة
الناس، يفتقرون إلى الأهلين والأصحاب، ويضحون من أجلهم بدينهم في كثير من
الأحيان.
كما قال إبراهيم عليه السلام، قال الله تعالى عنه: (وَقَالَ
إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً مَوَدَّةَ
بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ
بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ
وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ
) (العنكبوت:25)
،فهم كما قال الله تعالى: (فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ
مِمَّا يَعْبُدُ هَؤُلاءِ مَا يَعْبُدُونَ إِلَّا كَمَا يَعْبُدُ
آبَاؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ وَإِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ
مَنْقُوص
ٍ) (هود:109).
فكثير من الناس يبيع ما فطره الله عليه من التوحيد لأجل ألا يفقد الروابط
الاجتماعية، فهو مفتقر إلى هذه الروابط أشد من
افتقاره إلى الله تعالى،
ولذا كان الفقر إلى الله يستلزم نفض اليدين من الدنيا بأنواع الشهوات التي فيها: النساء والمال والجاه والعلاقات الاجتماعية والمساكن و
التجارة
التي يخشى كسادها وغير ذلك من متاع الدنيا، ونفض اليدين
يكون بالتخلص من البخل ومن الحرص، فلا يبخل بها إذا
وجدت، ولا يحرص عليها إذا فقدت
، أما إن كان يتطلع إليها ويريد أخذ
المزيد منها، فهو لم يتخلص منها، وأكثر الناس فقراء لكونهم متطلعين ، فقد
يجمعون بين الفقر من جهة فقد الدنيا من أيديهم، وبين الفقر من جهة طلب
الدنيا، فهم فقراء من الدنيا وإلى الدنيا، فقد ضاع
منهم الأمران فلم يتمتعوا بشهواتها؛ لأنها مفقودة
، وهذا الفقد أمر
طبيعي أصلي؛ لأن الشهوات لا تتسع لينالها كل أحد، فالمُلْك مثلا لا يناله
إلا آحاد الناس، فلا يمكن أن يكون هناك مَلك في كل بقعة، أو أن يكون كل
إنسان مَلكا، وكذلك الغِنى، فالمال لا يكون في يد أكثر الناس، فالفقر أكثر
من الغنى، والجاه مثله، فهذه أمور لا يستمتع أكثر
الناس بشهواتهم فيها،
ولكن المصيبة أنهم يحرمون تخلُّصَ قلوبهم
منها، فيظلون متعلقين بها، يجرون وراءها وهم محرومون، ومن وُجدت في يده ولم
ينفُضْ قلبَه منها، فهو يتطلع إلى المزيد، كما قال النبي ميزان الحقّ..... Sala: " لو
أن لابن آدم واديا من ذهب أحب أن يكون له واديان ولن يملأ فاه إلا التراب

وفي الرواية الأخرى: " لو أن لابن آدم واديا من
مال؛ لابتغى إليه ثانيا، ولو كان له ثان؛ لابتغى إليه ثالثا، ولا يملأ جوف
ابن آدم إلا التراب، ويتوب الله على من تاب
".

صفة المفتقر إلى الله:
لكي يكون الإنسان مفتقرا إلى الله وحده لا شريك له ، لا
بد أن يكون غافلا بقلبه عن قدر الدنيا
، غير ملتفت إليها، فإنما
قيمتها عنده كما أخبر عنها النبي ميزان الحقّ..... Sala : " كجَدْيٍ
أَسَكّ
"، أي: مقطوع الأذنين " ميت "
ولذلك هو يسلم منها طلبا وتركا، يسلم من أن يطلبها، فهو سالم منها؛ لأنه
يراها لا تساوي، ولا تستحق المنافسة، وإذا
تركها لم يشعر أنه ضحى بشيء ذي قيمة ، فهذه رؤية مطلوبة لازمة للإنسان؛ لأن
الله تعالى قال: (اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ
الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ
فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ
نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرّاً ثُمَّ يَكُونُ حُطَاماً
وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانٌ
وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُور
ِ)
(الحديد:20)
فالمؤمن سلم منها طلبا، فلا ينافس في عزّها، ولا
يجزع من ذلها، ولا يأسى على ما فاته منها، ولا يفرح بما آتاه الله منها
فرح
العجب والغرور ونسبة الكمال للنفس ونسبة تحصيل الدنيا بنفسه، كمن قال : " إنما أوتيته على علم عندي"، وكمن قال : " هذا لي"، وكمن قال: " أنا
أكثر منك مالا وأعز نفرا
".
فهذه الألفاظ صدرت عن أناس وصلوا إلى الكفر بسبب
هذا الفرح بالدنيا والعجب بها، أما المؤمن فإنه
يفرح برحمة الله،
يفرح بالله تعالى ويستغني به عز وجل، وهو عين
الافتقار إليه، فهذه عبادات قلبية ضرورية ،
الافتقار إلى الله والغنى به عن الخلق سبحانه وتعالى والفرح به تعالى ،
فيجب أن تفرح بفضل الله وبرحمته وتفرح بنعمة الإسلام،
وهو في الحقيقة سبب الاستغناء عن الخلق، و الافتقار إلى الله تعالى.
فالغرض المقصود أن يسلم الإنسان من الدنيا طلبا وتركا فلا ينافس فيها، فهو
لم يبخل ولم يتطلع ولم ينافس، وعندما تركها لم يعظم تركها، لم يقل: أنا تركت شيئا غاليا، فهو يسلم منها حين يتركها.

الفقر إلى الإلهية:

ومن الافتقار إلى الله عز وجل أيضا الافتقار إليه في إلهيته سبحانه وتعالى
أي: في التوفيق إلى الأعمال الصالحة، وهو
الافتقار إليه في أمر الهداية وعدم حصول العُجب،
كما عند أهل الدنيا، فأهل الدنيا يحصل لهم عجب وكبر وغرور بسبب حصول
الدنيا، وأما أهل الدين فيدخل الشيطان إليهم مدخلا آخر؛ فهم يتمدحون بالجهاد، وبالكرم، وبالدعوة، وبالقراءة،
وبأنواع المدائح الشرعية، فالعبد المؤمن مفتقر إلى الله تعالى، في عبادته
ويعرف أن منازله التي يحصلها والعبادات التي يوفق لها هي محض توفيقه عز وجل ومنة منه تعالى، فيفتقر إلى الله في
الهداية، لذلك يقول: " اهدنا الصراط المستقيم* صراط
الذين أنعمت عليهم
".
فهو يشهد نعمة الله عليه وعلى غيره، ويسأله الهداية ليل نهار، ويعلم أن التوفيق من عند الله
تعالى وأنه لا يثبت على الخير بنفسه، بل يثبته الله عز وجل مقلب القلوب ومصرف القلوب
سبحانه وتعالى، فهو لا يملك لنفسه نفعا ولا ضرا في
أمر الدين،
كما لم يملكه في أمر الدنيا، فيزول من قلبه إعجاب النفس بالأحوال والمقامات، ونسبة هذه الأعمال
إلى نفسه والتمدح بها، فهذه الأمور في حقيقتها من الدنيا لكنها مغلفة
بستار الدين، فطلب المدح بها أو طلب التعالي بها موجود عند أهل الطاعات كما
هو موجود عند أهل الدنيا بالدنيا.
فالمؤمن يشهد فقره إلى الله تعالى إلها معبودا،
وأن الله عز وجل هو الذي سبق فضله إلى كل شيء.
فما كان به من خير فمن الله، فهو لم يتغير
حاله إلى الطاعة وإلى الإيمان وإلى الحب وإلى الخوف وإلى الرجاء وإلى
التوكل وإلى الافتقار وإلى الصلاة والزكاة والصيام والحج والعمرة بنفسه، ولم يوفق إلى ذلك بنفسه إلا أن هداه الله، كأهل
الجنة الذين يقولونميزان الحقّ..... Frown الحمد
لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله
). وهذا يحصل
بأن يراجع ويطالع سبق فضل الله سبحانه
وتعالى عليه بكل سبب ومنّة، وأنه كان عدما محضا،
فهيأ الله له في ذلك العدم أسباب الطاعات
، ورقاه إلى أهل المنازل
العالية والمناصب السامية، فلم يتعال على الناس بعلمه ولا بعمله ولا بزهده،
فمن فقد هذا الفقر إلى الإلهية مَرِض أمراضا أخطر
من أمراض أهل الغنى بالدنيا،
فمن يرى نفسه في منزلة فوق الناس بعلمه
أو عمله أو جهاده، ويطلب مدحهم على ذلك، فهو من أول من تسعر بهم النار.
وتنبع هذه الأمراض من رؤية الإنسان لنفسه في هذه الأعمال، فلو تخلص منها،
وافتقر إلى الله فيها، وشهد أن هذا ليس من نفسه بل بتوفيق
الله تعالى؛
فلن يطالع نفسه في مقام فوق الناس، ولن يرى لنفسه فضلا
على الخلق، ولن يرى لنفسه تفضلا على أحد، فلا يمن عليهم بعلمه أو بعمله.
ومن الافتقار إلى ربه سبحانه وتعالى إلها أن
يشهد نفسه بغير قدرة على الطاعات ولا قوة إلا
بالله سبحانه وتعالى، وأنه مفتقر إلى أن يكون قريبا من الله سبحانه وتعالى
في كل عباداته وأعماله، فبهذا يصل إلى شهود أن الأسباب مجرد أسباب يسرها
الله عز وجل بما فيها الأعمال الصالحة، كما
قال النبي ميزان الحقّ..... Sala: " لا يُدخِلُ أحداً منكم عملُه الجنة" قيل: ولا أنت يا رسول الله؟ قال:" ولا
أنا؛ إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل
".
فهذا مقام الافتقار إلى الله سبحانه وتعالى في كل شيء، حيث يرى الأسباب
كلها ويرى نفسه ضعيفة، لا تؤثر شيئا إلا أن
يجعلها الله كذلك، فيحقق حقيقة: " لا حول ولا قوة
إلا بالله
"، ويحقق حقيقة:" اهدنا الصراط
المستقيم صراط الله الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين
".

فإذا اكتمل له ذلك حقق كمال الافتقار إلى الله تعالى،
فاستغنى به سبحانه وتعالى، فالغِنى عن الخلق هو عين الافتقار إلى الله
تعالى، وهو غنى النفس وغنى القلب بالله عز وجل، كما قال النبي ميزان الحقّ..... Sala:" ليس
الغِنى عن كثرة العرض، ولكن الغنى غنى النفس
"، وقال: " إنما الغنى غنى القلب، والفقر فقر القلب"، فالفقر
إلى الدنيا يجعل العبد مستغنيا عن الله سبحانه وتعالى، فقيرا إلى غيره.
وهذا حال أكثر أهل الدنيا بمن يظهرون الدين، ويعملون
الأعمال الصالحة لأجل الدنيا لا لأجل الدين
، فأما من افتقر إلى
الله سبحانه وتعالى فقد اقترب منه ، ومن اقترب أغناه الله تعالى، فهو
يستغني بالله: بحبه عن حب من سواه، وبالخوف منه عن خوف من سواه، وبالرغبة
فيما عنده عن الرغبة فيمن سواه
، وبرجائه عن
رجاء ما سواه
، فيستغني بالله سبحانه وتعالى عن كل من دونه، ويغنيه
الله تعالى بركعة أو بسجدة، أو بدعاء، أو بآية من آيات الله يتلوها، وكل ما
يقربه إلى الله سبحانه وتعالى، فيستحضر معية الله
تعالى في كل وقت
، ويستحضر تدبير الله تعالى للكون في كل وقت، وذلك
من شدة قربه من الله، أما من أخلد إلى الأرض فإنه يرى الدنيا كبيرة جدا،
ويرى أسبابها عظيمة، فلا يرى إلا القوى الأرضية، وأما من علت نفسه واقترب
من الله تعالى، فإنه لا يرى حركة لذرة في الكون إلا بأمر من الله: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ
لَهُ كُنْ فَيَكُونُ
). (يّـس:82)

ولا يشهد ملكا إلا ملك الله تعالى، ولا يشهد غنى إلا غنى ربه سبحانه
وتعالى، فيشهد كل شيء فقيرا لا يملك ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا
نشورا، ( مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ
بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ
)(هود: من
الآية56).
وهذا يدفعه دائما إلى أن يرجو لقاء الله: (مَنْ
كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَهُوَ
السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
) (العنكبوت:5).
هذا الدين يدفع من أطاع الله تعالى أن يطيعه، ومن جاهد في سبيله أن يجاهد؛
لأنه يستحضر نفسه في تلك الحال، يرجو لقاء الله سبحانه وتعالى، ويشتاق إلى
الله عز وجل، كما كان النبي ميزان الحقّ..... Sala يسأل ربه سبحانه وتعالى: " وأسألك لذة النظر إلى وجهك، والشوق إلى لقائك".

فالافتقار والشوق إلى لقاء الله تعالى، لذة
هي أعظم لذات الدنيا وهو رجاء لقاء الله سبحانه
وتعالى
، وهو الذي يدفع المؤمن ويحدوه إلى السير في الطريق مهما كانت العقبات.







الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://chobits.tk
Anneliese
عمدة المدينة
عمدة المدينة
Anneliese


الجنس الجنس : انثى
العمر العمر : 29
عدد المساهمات عدد المساهمات : 5370
نقاط نقاط : 24792

ميزان الحقّ..... Empty
مُساهمةموضوع: رد: ميزان الحقّ.....   ميزان الحقّ..... Emptyالثلاثاء 22 يونيو - 5:17



ميزان الحقّ..... Bsm-allah3


وأتبع الحسنة السيئة تمحها

تكلمنا في مقال سابق عن سعة رحمة رب العالمين ومحبته
جل وعلا للعفو والمغفرة، وأن من أسمائه سبحانه الغفور والغفار والغافر ،
وذكرنا أن أولى الناس بهذا العفو والمغفرة من تعرض لأسبابها ونبدأ الحديث
عن بعض أسباب المغفرة، ومن أهم هذه الأسباب:

فعل الحسنة بعد السيئة
إن الخطأ والوقوع في بعض المعاصي لا يكاد يسلم منه أحد ، وإن كان الناس
يتفاوتون بين مقل ومستكثر.وقد قال النبي ميزان الحقّ..... Sala:" والذي نفسي بيده لو لم
تخطئوا لجاء الله عز وجل بقوم يخطئون ثم يستغفرون فيغفر لهم".
وقد جاء رجل إلى النبي ميزان الحقّ..... Sala يخبره أنه قد أصاب من امرأة
قبلة، فأنزل الله قوله تعالى: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ
طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الحَسَنَاتِ
يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ
){هود:114} ،
إنها منة عظيمة من الله على هذه الأمة أن جعل حسناتهم تكفر سيئاتهم: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا
أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ
يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا
وَهُمْ يَعْلَمُونَ . أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ
وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا
وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ
) (آل عمران: 135ـ 136 )
وقد أكد الرسول ميزان الحقّ..... Sala هذا المعنى حين قال لمعاذ بن
جبل رضي الله عنه: " وأتبع الحسنة السيئة تمحها".
إن الذنوب يا أيها الأحبة الكرام توبق العبد وتهلكه ، والنجاة منها التعرض
لأسباب المغفرة...ومنها فعل الحسنة بعد السيئة ، وقد بين النبي ميزان الحقّ..... Sala هذا المعنى وجلاه ووضحه حين
قال: " إن مثل الذي يعمل السيئات ثم يعمل الحسنات
كمثل رجل كانت عليه درع ضيقة، قد خنقته، ثم عمل حسنة فانفكت حَلْقة، ثم عمل
أخرى فانفكت حلقة أخرى، حتى يخرج إلى الأرض
".
وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال: كنت عند النبي ميزان الحقّ..... Sala فجاء رجل فقال: يا رسول الله
إني أصبت حدا فأقمه عليّ، ولم يسأله النبي ميزان الحقّ..... Sala، فحضرت الصلاة فصلى مع النبي ميزان الحقّ..... Sala، فلما قضى النبي ميزان الحقّ..... Sala الصلاة، قال ـ أي الرجل ـ : يا
رسول الله إني أصبت حدا فأقم فيّ كتاب الله، فقال ميزان الحقّ..... Sala: "أليس
قد صليت معنا؟
" قال: بلى. قال: " فإن الله قد غفر ذنبك".
كما ورد عنه ميزان الحقّ..... Sala قوله: "إن رجلا أذنب ذنبا ,
فقال : يا رب , إني أذنبت ذنبا فاغفره . فقال
الله : عبدي عمل ذنبا , فعلم أن له ربا يغفر الذنب
ويأخذ به , قد غفرت لعبدي ,
ثم عمل ذنبا آخر فقال : رب , إني عملت ذنبا فاغفره . فقال تبارك وتعالى : علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به , قد غفرت لعبدي
. ثم عمل ذنبا آخر فقال : رب , إني عملت ذنبا
فاغفره لي
. فقال عز وجل : علم عبدي أن له
ربا يغفر الذنب ويأخذ به , قد غفرت لعبدي
, ثم عمل ذنبا آخر فقال : رب , إني عملت ذنبا فاغفره . فقال عز وجل : عبدي علم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به , أشهدكم أني قد
غفرت لعبدي , فليعمل ما شاء
".

لكن انتبه فهناك فرق كبير بين هذا الذي أخبر عنه النبي ميزان الحقّ..... Sala وبين المُصرّ،
فهذا الرجل يجاهد نفسه على ترك المعاصي فإذا
غلبته نفسه ووقع في المعصية ندم واستغفر وهكذا فهو دائم
المجاهدة لنفسه وهواه
،والآخر المصر لا تبدو منه مجاهدة ولا يستغفر
ولا يندم ، فالأول موعود بالمغفرة طالما كان على هذا الحال من المجاهدة
والتوبة والاستغفار والندم.

لا تيأس من رحمة الله
فبعض الناس يقول: إنني أسوا من أن يغفر الله لي ،
فيترك التوبة والندم ويستمر على المعاصي والفجور بزعم أنه لا يغفر له
،وهذا اليأس والقنوط من رحمة رب العالمين هو
الذي يود الشيطان لو ظفر به من بني آدم.
أتدري أيها الحبيب أن الشيطان قد بكى حين نزل
قوله تعالى:
( وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ
ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ
وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا
فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ
){آل عمران:135}

ألا تعلم أن اليأس في ديننا منهي عنه : (وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ
مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا القَوْمُ الكَافِرُونَ
){يوسف:87} أتعلم
أن الله غفر لبغي من بغايا بني إسرائيل لما سقت كلبا قد اشتد عطشه؟.
أتدري أيها الحبيب أن الشيطان يشتد حزنه حين يراك
تائبا نادما
؟.
أتعلم أن الله من محبته للمغفرة لم يعدك فقط
مغفرة ذنوبك، إنما وعدك أن يبدلها حسنات..
( وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللهِ إِلَهًا
آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا
بِالحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا .
يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً .
إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ
يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً
رَحِيما
) {الفرقان:68ـ 70}
نصح علي بن أبي طالب من سأله عمن و قع في ذنب فقال: يستغفر
الله ويتوب
. قال: فإن عاد؟ قال: يتوب...قال حتى متى؟ قال: حتى
يكون الشيطان هو المحسور.

وهذا وصية الرسول ميزان الحقّ..... Sala لي ولك وللأمة كلها:
" إذا أسأت فأحسن"."إذا
عملت سيئة فأتبعها حسنة تمحها
".
نسأل الله مغفرة ذنوبنا والتجاوز عن سيئاتنا ،
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.







الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://chobits.tk
Anneliese
عمدة المدينة
عمدة المدينة
Anneliese


الجنس الجنس : انثى
العمر العمر : 29
عدد المساهمات عدد المساهمات : 5370
نقاط نقاط : 24792

ميزان الحقّ..... Empty
مُساهمةموضوع: رد: ميزان الحقّ.....   ميزان الحقّ..... Emptyالثلاثاء 22 يونيو - 5:17




مجالس الصّالحين

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد ولد
آدم أجمعين ، وبعد:
فإن الإنسان كما يقولون مدني بطبعه ، ولابد له من مخالطة الناس ، فإذا كان
الأمر كذلك وكانت
مخالطة الناس أمرا لابد منه
فالأجدر بالعبد أن يختار الصحبة الطيبة التي يقضي
معها وقته في مجالسه ورحلاته وسفراته ، وقد نبه النبي ميزان الحقّ..... Sala إلى خطورة هؤلاء الذين نصاحبهم
ونجالسهم حين قال:
" مثل الجليس الصالح
والسوء ، كحامل المسك ونافخ الكير ، فحامل المسك : إما أن يحذيك ، وإما أن
تبتاع منه ، وإما أن تجد منه ريحا طيبة ، ونافخ الكير : إما أن يحرق ثيابك ،
وإما أن تجد ريحا خبيثة
". ( رواه البخاري
).
وإن نظرة واحدة على مجالسنا اليوم تبعث في النفس الأسى لما آل إليه حالنا
حيث تنتشر الغيبة واللغو والباطل وغير ذلك من المظاهر الفارغة ويزداد الأسى
حين تقارن هذه المجالس بمجالس الصالحين والتي سنعرض لنماذج منها في مقالنا
هذا.

الصحابة أكابر الصالحين
لقد اختار الله تعالى لنبيه -ميزان الحقّ..... Sala- أفضل الأصحاب،فهم أفضل الأمة، وأبرها قلوباً،
وأعمقها علماً، وأقلها تكلفاً
، اختارهم الله لصحبة نبيه،
وإقامة دينه، والجهاد في سبيله؛ لنشر الإسلام.

هم فوقنا في كل علم وفقه ودين وهدى، ورأيهم لنا خير من رأينا لأنفسنا، وإذا
كان أحدهم يرى الرأي فينزل القرآن بموافقة رأيه، فإن رأيه صادر من قلب
ممتلئ نوراً وإيماناً وحكمة وعلماً ومعرفة وفهماً.
هؤلاء الصالحون أصحاب النبي -ميزان الحقّ..... Sala- كانت لهم مجالس، لكنها مجالس عامرة بالإيمان والخير، قال فضيل بن غزوان:
كنا نجلس أنا ومغيرة نتذاكر الفقه، فربما لم نقم حتى نسمع النداء بصلاة
الفجر. وكانوا يجتمعون فيأمرون أحدهم أن يقرأ عليهم القرآن، اجتمعوا فقال
عمر -رضي الله عنه-: يا أبا موسى ذكّرنا ربنا،
فقرأ وهم يستمعون.

وكان الواحد منهم يقول للآخر ولمن معه: اجلسوا بنا
نؤمن ساعة
، وصلى النبي -ميزان الحقّ..... Sala- بأصحابه التطوع في جماعة
مرات، وخرج على الصحابة من أهل الصفة وفيهم قارئ يقرأ، فجلس معهم يستمع.

فعن جابر -رضي الله عنه- قال: خرج علينا رسول الله -ميزان الحقّ..... Sala- ونحن نقرأ القرآن، وفينا
العربي والأعجمي، فقال: "اقرءوا فكل حسن، وسيجيء
أقوام يقيمونه كما يقام القدح يتعجلونه ولا يتأجلون
".( رواه أبو
داود،وصححه الألباني ).

وكان أصحاب النبي -ميزان الحقّ..... Sala- إذا جلسوا يتذاكرون، فإنهم
يذكرون ما بعد الموت، والآخرة، فعن حذيفة بن أسيد الغفاري قال: اطلع النبي -ميزان الحقّ..... Sala- علينا ونحن نتذاكر، فقال: "ما تذاكرون؟ قالوا: نذكر الساعة، ثم ذكر لهم علاماتها"
(رواه مسلم).
هكذا كانت مجالسهم يتذاكرون الخير وأحكام الآخرة،
وأمور الدين والإيمان،
وكانوا يستعدون بما يتذاكرون للفتن، فعن أبي
سعيد قال: "خرج علينا رسول الله -ميزان الحقّ..... Sala- ونحن نتذاكر المسيح الدجال،
فقال: ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح
الدجال
؟ قلنا: بلى، فقال: الشرك الخفي: أن يقوم الرجل
يصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل
". ( رواه ابن ماجه،وحسنه
الألباني ).
كان جلوسهم للفقه في الأعمال، ومعرفة ما هو الأقرب
إلى الله،
فعن عبد الله بن سلام قال: قعدنا نفر من أصحاب رسول الله -ميزان الحقّ..... Sala- فتذاكرنا فقلنا: لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله لعملناه" حديث
صحيح( المستدرك:2384).
وهكذا كانوا يجلسون فيتذاكرون: مَن هؤلاء أهل الجنة؟ ما هي صفاتهم؟.
روى مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خرج معاوية على
حلقة في المسجد فقال: ما أجلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله تعالى، قال:آلله
ما أجلسكم إلا ذاك
؟ قالوا: والله ما أجلسنا
إلا ذاك
، قال: أما إني لم استحلفكم تهمة لكم وما
كان أحد بمنزلتي من رسول الله ميزان الحقّ..... Sala أقل عنه حديثا مني ، وإن رسول
الله ميزان الحقّ..... Sala خرج على حلقة من أصحابه
فقال: "ما أجلسكم؟ قالوا: جلسنا نذكر الله تعالى ونحمده على ما هدانا للإسلام
ومَنَّ علينا بك.
قال: آلله ما أجلسكم إلا
ذاك
؟ قالوا: والله ما أجلسنا إلا ذاك.
قال: أما إني لم استحلفكم تهمة لكم ولكنه أتاني
جبريل فاخبرني ان الله تبارك وتعالى يباهي بكم الملائكة
".
هكذا كانت مجالسهم ، ولا يمنع أن يكون في بعض مجالسهم شيء من الشعر، وأيام
العرب، وأمور الجاهلية، والذكريات القديمة، لكنه ليس
حديثاً محرماً ولا مُسفّاً
، فقد روى البخاري في الأدب المفرد عن
أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: لم يكن أصحاب رسول الله -ميزان الحقّ..... Sala- متحزقين
(أي: منقبضين) ولا متماوتين،
وكانوا يتناشدون الشعر في مجالسهم، (فليسوا أصحاب كآبة، وإنما كانت فيهم حيوية، وكان فيهم
نشاط
)، قال: وكانوا يتناشدون الشعر في مجالسهم، ويذكرون أمر
جاهليتهم، فإذا أريد أحد منهم على شيء من أمر الله (أي معصية) دارت حماليق
عينيه كأنه مجنون
".(حسنه الألباني في صحيح الأدب المفرد).

فلا يرضى الواحد منهم بالمنكر، ولا يمكن أن يشترك فيه، وإذا رأى أمامه منكرا، أو دُعي إلى منكر فهكذا يكون حاله.

أمام البيوت
إن كثيرا من الصحابة ما كانت لهم داخل بيوتهم أماكن للجلوس، فكانوا يجلسون
في أفنيتها وعلى حافة الطريق.
قال أبو طلحة: كنا قعوداً بالأفنية نتحدث، فجاء رسول الله -ميزان الحقّ..... Sala- فقام علينا، فقال: "ما لكم ولمجالس الصعدات؟ (أي: الطرقات)، اجتنبوا مجالس الصعدات (وذلك لأن الجلوس فيها قد
يضيق الطريق، ويكون فيه من إطلاق البصر ما فيه، إلى غير ذلك من الآفات)،
فقلنا: إنما قعدنا لغير ما بأس، قعدنا نتذاكر ونتحدث،
(أي: في أمر القرآن والوحي، وأمر الفقه والأحكام، وأمر الآخرة وتذكر ما
فيها)، قال: "إما لا، فأدوا حقها، (أما إذا
أبيتم إلا هذا ولم يكن عندكم غيره فأدوا حق الطريق)، قال: غض البصر ورد السلام وحسن الكلام". رواه مسلم.

فكانوا يضطرون للجلوس فيها، لكن لأي شيء؟
لأجل أن يتذاكروا؛ ولأجل أن يتفقهوا ويتدارسوا،
وهكذا كانوا.
وإذا حصل منهم في مجلس شيء من الخوض في قضية لا يصلح
الخوض فيها، أو لا بد لها من ضوابط، كان التذكير النبوي يأتي.

فعن أبي هريرة قال: خرج علينا رسول الله -ميزان الحقّ..... Sala- ونحن نتنازع
في القدر
، (أي: نتباحث في شأنه)، فغضب حتى
احمر وجهه حتى كأنما فقئ في وجهه الرمان،
(من شدة الغضب)، فقال:" أبهذا أمرتم، أم بهذا أرسلت إليكم؟ إنما هلك من كان قبلكم حين تنازعوا في هذا الأمر، عزمت
عليكم ألا تتنازعوا فيه
". رواه الترمذي، و حسنه الألباني.
فالدخول في القدر إذا كان بعلم وفقه فلا بأس به،
وإذا كان جدالاً ونقاشاً بلا حجة، ولا بيان، فيُنهى
الإنسان عنه
، وكذلك فإن بعض مجالس أصحاب النبي -ميزان الحقّ..... Sala- كان فيها شيء من شكوى الحال بين بعضهم البعض، قال أبو الدرداء :
خرج علينا رسول الله -ميزان الحقّ..... Sala- ونحن نذكر الفقر ونتخوفه، وفي
رواية كنا نتذاكر الدنيا وهمومها ونخشى الفقر،
فقال -ميزان الحقّ..... Sala- لهم: "ألفقر تخافون؟ والذي نفسي
بيده لتُصَبن عليكم الدنيا صباً حتى لا يزيغ قلبَ أحدكم إزاغةً إلا هي
،وايم الله لقد تركتم على مثل البيضاء ليلة ونهارها سواء
". (رواه
ابن ماجة، وحسنه الألباني )
وفي هذا بشارة من النبي -ميزان الحقّ..... Sala- للأمة بأن الله سيغنيها من
فقرها، ولكنه حذرهم من فتنة الغنى؛ لأن حب الدنيا يزيغ القلوب بعد
استقامتها، ويضلها بعد هداها، وتكون الفتنة، ولذلك لم يكن يخشى عليهم الفقر
وإنما كان يخشى عليهم فتنة الغنى، هذا بعض ما كان في مجالس أصحاب النبي ميزان الحقّ..... Sala.

فكيف هي مجالس اليوم؟
هذه حال مجالس أصحاب محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، فما هي حال مجالسنا نحن اليوم؟ كم
فيها من الدين، وكم فيها من الدنيا؟، كم في مجالسنا من الطاعة، وكم فيها
من العصيان
؟، كم يطغى عليها من أخبار الدنيا، وتجارة الدنيا، وأمور
البيع والشراء، والبضائع والأسعار، والمحلات، والخدمات؟، وهكذا يدور أصحاب
كل همٍ إذا اجتمعوا في همهم الدنيوي، فمجالس الموظفين، ومجالس الطلاب،
ومجالس التجار، ومجالس الأطباء، ومجالس النساء، إذا ارتقت تكلموا فيما
يعملونه بالنهار، وأما مجالس نسائنا فكثيرا ما تكون مشغولة بالأزياء،
والموضات، والأكلات، والحفلات، وحال الأسواق والمحلات، هل مجالسنا عامرة بذكر الله؟ هل تُطرح فيها قضايا العلم والفقه؟ هل يحصل فيها التذاكر
لأمور الآخرة
؟ هل يكون فيها شيء من معاني
القرآن والسنة؟
أم أن فيها أمور من الغيبة، والنميمة، ونهش الأعراض،
والتفكه بلحوم الخلق، مهاترات، مماراة، جدال، مجاملات، ومداهنات باطلة، بل
قد لا تسلم من شيء من الانتقاص، أو الاستهزاء ببعض أمور الدين، وذلك أمرٌ
خطيرُ جداً، اعتداء على الخلق، وانتقاص، وازدراء، واحتقار، واستهزاء، أين تلك المجالس التي كان يجلس فيها أولئك الصحابة،
فيعمرونها بالعلم والإيمان
؟ "ما اجتمع قوم في
مجلس فتفرقوا ولم يذكروا الله -عز وجل-، ويصلوا على النبي -ميزان الحقّ..... Sala-، إلا كان مجلسهم ترةً عليهم
يوم القيامة
" (أي: حسرة) (رواه أحمد بسند صحيح)، "وما اجتمع قومٌُ على ذكر فتفرقوا إلا قيل لهم: قوموا مغفور
لكم
"مسند أحمد(12453)، وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب
(2/98)، وقال: صحيح لغيره.
فالقرآن ذكرٌ، والسنة ذكرٌ، والفقه ذكرٌ، وأمور الآخرة ذكرٌ، وهكذا، أمور
الدعوة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أمور تقويم المجتمع والمحافظة
على الأسرة إسلامية، أمور تربية النفس وتربية الأولاد ، أمور التفقه في
الحلال والحرام، أمور القيام بتبليغ الإسلام، وهكذا يُذَكّر الناس بأبواب
الصدقات، وأيضاً يُجالس المسلم قوماً يلتقطون له طيب الكلام كما يُلتقط طيب
الثمر، فإذا كان أصحابك من الأخيار كان مجلسك كذلك.

المجالس الإلكترونية

يا مسلمون: هذه مجالسنا الالكترونية اليوم التي طغت على المجالس الوجاهية
الحضورية الاجتماعية، فصار الناس يجالس بعضهم بعضاً عبر الشاشات: محادثات،
مجموعات، منتديات ومواقع التواصل الاجتماعي، فماذا
يحدث فيها
؟ ما هي موضوعات المجالس
الإلكترونية
؟ يقولون: دردشات، ثم تنظر فيها، فإذا فيها من أمور
الجنس ما لا يمكن أن يتحمله من عنده حياء، ثم فيها أمور من إشاعة الفاحشة،
وربما تذكر بعض أذكار الخلاء إذا اطلعت على بعض ما فيها، وهذه المجالسة
للطرف الآخر، سواء كان أمامك مباشرة، أو خلف شاشته، فإنها تؤثر في النفس بل
هي مجلس ولو كان على البعد.
هذه المجالس الإلكترونية لها اليوم آثار كبيرة، وخطيرة، كان السلف يلتمسون مجالس العلم، مجالس الحديث، وللمجالس آداب،
فهاهنا التماس مجلس الرجل الصالح وصاحب العلم، عن
علقمة قال: قدمت الشام فصليت ركعتين ثم قلت: اللهم
يسر لي جليساً صالحا،
فأتيت قوماً فجلست إليهم، فإذا شيخ قد جاء حتى
جلس إلى جنبي، قلت: مَن هذا؟ قالوا: أبو الدرداء قال علقمة ـ وهو تابعي ـ فقلت: إني دعوت الله أن ييسر لي جليساً صالحا، فيسرك لي.
وقال حريث بن قبيصة: "قدمت المدينة فقلت: اللهم يسر
لي جليس صالحاً، قال: فجلست إلى أبي هريرة
".
إذاً: كان هناك دعاء يلتمس فيه هذا من ربه أن ييسر
له جليسا صالحاً:
صاحب علم، صاحب دين، يُذكّر، ينصح، وهكذا مجالس الصالحين والأخيار، يوقَّر فيها الكبير ،
ويُرحم الصغير، ويُغض من الصوت، ويقال فيه الكلمة
الطيبة، والمجالس بالأمانة،
فلا تفشى فيها الأسرار، ولا يتناجى
اثنان فيها دون الثالث، وفيها تلك الكفارة العظيمة إذا قاموا من مجلسهم: "سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك
وأتوب إليك
".
فيها التفسح للداخل، والتزكية، والتهذيب، والتربية وغيرها من فوائد مجالس الصالحين .
نسأل الله أن يجعل مجالسنا عامرة بذكره ، وأن تكون
في موازين حسناتنا يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

اللهم اجعل مجالسنا عامرة بذكرك، اللهم
ارزقنا مجالسة الأخيار، وباعد بيننا وبين
الأشرار.





موقع: إسلام ويب


الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://chobits.tk
 
ميزان الحقّ.....
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» حكم قول جعله الله في ميزان أعمالك

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
Lost City :: المسجـد :: زاد المسلم-
انتقل الى: