بسم الله
والصلاة والسلام على رسول الله
وآله وصحبه ومن والاه
السلام عليكم ورحمة الله
وبركاته
صورة النبي
صلى الله عليه وسلم في عيون الشعراء غير المسلمين
الكاتب:
الندوة العالمية للشباب الإسلامي
ليس عجيباً
أن تكون شخصية النبي صلى الله عليه وسلم محل إعجاب وتقدير من المسلمين, لأن
هذا أمر طبيعي. ولكن العجيب حقاً أن نجد هذا التعظيم والتبجيل لشخص النبي
لدى المنصفين من غير المسلمين وعقلائهم وأفذاذهم. ولسنا الآن بصدد أقوال
بعض المستشرقين والكتاب والفلاسفة والسياسيين, من الذين أخذهم الذهول بهذه
الشخصية الفريدة سواء أكان ذلك في فعله أو قوله أو حروبه أو حياته بصفة
عامة, وإنما نقتصر على بعض الشعراء العرب في العصر الحديث من غير المسلمين
لأن الشعراء معبرون عن ضمائر الأمم وألسنتها الناطقة وليكن دليلنا من الشعر
العربي لسهولة تناوله ووضوح بيانه بالنسبة إلينا, ولنا في أشعارهم شاهد
صدق ومعين صاف.
ولما كان العظيم عظيماً بنفسه لا
يحتاج إلى إنصاف منصف أو شهادة شاهد له بالعظمة, فإن هذه الأشعار التي سوف
نذكرها تعد شهادة لأصحابها قبل أن تكون شهادة بعظمة النبي صلى الله عليه
وسلم.
جورج صديح
أحد شعراء
المهجر الجنوبي, ذو ثقافة عالية وحس مرهف فياض, له قصيدة رائعة في مدح
النبي بأسم " حراء يثرب " يقول فيها:
يا من سريت على البراق وجزت أشواط العنان
آن الأوان
لأن تجــدّد ليلة المعـراج.. آن
عرّج على
القدس الشريف ففيه أقـداس تهـان
ماذا دهاهم
؟ هل عصوك فأصبح الغازي جبان ؟
أنت الذي
علمــتهـم دفع المهانة بالسنان
ونذرت
للشهداء جنات وخـيرات حسـان
يا صاحبيّ
بأي آلاء الـنبي تكـذبان ؟!
مارون عبود
شاعر لبناني،
له علم واسع باللغة والأدب، له مطولة كبيرة في مدح النبي صلى الله عليه
وسلم يقول فيها:
لولا كتابك ما رأينا معجزاً في أمة مرصوصة البنيان
حملت إلى
الأقطار من صحرائها قبس الهدى ومطارف العمران
هـاد
يُصوَّر لي كأن قوامه متجسـد من عنصـر الإيمان
محبوب الخوري الشرتوني
من شعراء
المهجر الشمالي, يتميز شعره بجموح الخيال ورقة العاطفة, له قصيدة " قالوا
تحب العرب ؟ " يقول فيها:
قالوا تحب العرب ؟ قلت: أحبهم يقضي الجوار عليّ
والأرحام
قالوا لقد
بخلوا عليك أجبتهم: أهلي وإن بخلوا عليّ كرام
قالوا
الديانة, قلت: جيل زائل وتزول معه حزازة وخصام
ومحمد بطل
البرية كلها هو للأعارب أجمعين إمام
إلياس فرحات
أحد شعراء
المهجر الجنوبي وله تجارب قاسية مع الحياة جعلته يكثر من شعر الحكمة
والأمثال, شأنه شأن أبي الطيب المتنبي, له قصيدة تشي بعاطفة جياشة, ونظرة
سامية بعيدة عن التعصب الطائفي, يقول فيها:
غمر الأرض بأنوار النبوة كوكب لم تدرك الشمس علوَّه
لم
يكد يلمع حتى أصبحت ترقب الدنيا ومن فيها دنوَّه
ثم يتحدث عن
فتح مكة وكيف تبدلت ظلمات العرب نوراً على يد النبي صلى الله عليه وسلم
وكيف ساد العرب حضارات العالم.. إلى أن يقول وكأني به ينظر إلى واقعنا
المعاصر:
يا رسول الله إنا أمة زجها التضليل في أعمق هوَّةِ
ذلك
الجهل الذي حاربته لم يزل يظهر للشرق عتوَّه
قل
لأتباعك: صلوا وادرسوا إنما الدين هدى والعلم قوَّة
الشاعر القروي رشيد سليم الخوري
أحد شعراء
المهجر الجنوبي كابد أهوال اليأس والفقر, كان شعره مزيجاً, من العروبة
والوطنية, له قصيدة " عيد البرية " يستحث فيها المسلمين لاستعادة مجدهم
القديم منها:
يا فاتح الأرض ميداناً لدولته صارت بلادك ميداناً
لكل قوي
يا
قومُ هذا مسيحيٌّ يذكّركم لا يُنهض الشرق إلا حبنا الأخوي
فإن
ذكرتم رسول الله تكرمة فبلّغوه سلام الشاعر القروي
مطران خليل مطران
شاعر لبناني
عاش في مصر ولقب بشاعر القطرين ؛ له قصيدة رائعة تسمى رأس السنة الهجرية
يقول فيها:
عانى محمد ما عانى بهجرته
لمأرب في سبيل الله محمود
وكم غزاة وكم حرب تجشمها حتى يعود بتمكين وتأييد
صعبان راضهما: توحيد معشرهم وأخذهم بعد إشراك بتوحيد
وبدؤه الحكم بالشورى يتم به ما شاءه الله من عدل ومن
جود
أما هذه الشذور المضيئة والزهور العاطرة التي
اجتمعت بين أيدينا فهي خير دلالة على مدى إعجاب ذوي الإحساس المرهف عامة
والعباقرة خاصة بهذه الشخصية الخالدة الفريدة, والتي توقف التاريخ أمامها
كثيراً, ولم يزل يبحث في فروعها وخلجانها ولكنها كانت عميقة كالبحر, سخية
كالسحاب, رفيعة كالنجم, مضيئة كالشمس, ومازال التاريخ مبهوراً لم يفارق
موضعه.