بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا
محمد وعلى آله وصحبه اجمعين
أما بعد...
فإن حديثنا اليوم عن قاعدة فقهيه يسر الله به علم العباد وخفف عنهم و الدين
يسر،وهي قاعدة الضرر يدفع بقدر الإمكان وهي المتفرعة من القاعدة الأم (لا
ضرر ولا ضرار).
معنى هذه القاعدة :
أن الواجب شرعا هو منع وقوع الضرر أو دفعه بعد وقوعه بحسب الإستطاعه
والقدرة فإن منعه أو رفعه بالكلية وإلا فإن المنع أو الرفع يكون بحسب
المستطاع .
الأدلة على هذه القاعدة :
1-قوله تعالى (فاتقوا الله ما استطعتم )مع قوله صلى الله عليه وسلم (إذا
أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ).
ووجه الاستدلال منه: أن دفع الضرر قبل وقوعه أو رفعه بعد وقوعه من قبيل
امتثال أمر الله لانه قد نهى عن إيقاع الضرر كما تقدم ،فتكون إزالته واجبة
والواجب معلق بالإستطاعه بدلالة الأية والحديث ،فليزم دفع الضرر أو رفعه
بحسب الإمكان .
2-قوله تعالى (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو
الله وعدوكم )
وجه الاستدلال منه :أن الله تعالى أمر المؤمنين بإعداد القوة لدفع ضرر
الأعداء وقيد هذا الأمر بالأستطاعة مما يدل على أن دفع الضرر يكون بحسب
الإمكان .
الفروع المبنية على هذه القاعدة:
هذه القاعدة لها جانبان،جانب دفع الضرر أو رفعه بالكلية وجانب دفع الضرر أو
رفعه جزئيا وفي كل منهما دفع أو رفع للضرر بقدر الإمكان فحصل عندنا أربعة
أقسام:
أحدهما : رفع الضرر بعد وقوعه جزئيا .
ثانيها:رفع الضرر بعد وقوعه بالكلية .
ثالثها :دفع الضرر قبل وقوعه جزئيا .
رابعها :دفع الضرر قبل وقوعه بالكلية.
-أما رفع الضرر بعد وقوعه جزئيا :لو غرس شخص شجرة في بيته ثم تدلت أغصانها
في بيت جاره،وتأذى منه ذالك الجار ،فإنه يجب على صاحب الشجرة إزالة هذا
الضرر إما بقطع تلك الأغصان أو رفعها.
-أما رفع الضرر بعد وقوعه كليا :لو سلط شخص ميزابه على الطريق العام بحيث
يتأذى به المارون فإنه يجب على ولى الأمر أن يأمره بإزالة ميزابه ، إزالة
للضرر على المارين في الطريق.
-أما دفع الضرر قبل وقوعه جزئيا :أن أذى المتعدي على العرض إذا لم يندفع
إلا بدفع المال إليه فإنه يشرع دفع المال إليه في هذه الحال،‘إزالة للضرر
بقدر الإمكان عن المتعدي عليه،وهذا من قبيل دفع الضرر جزئيا،فإن الضرر لا
يندفع عن المتعدي عليه إلا بإنصراف المتعدي دون أخذه لذلك المقابل المالي.
ومن أمثلة القسم الرابع :أن احد المتبايعين قد يقع له ضرر بعد لزوم عقد
البيع ،كأن يندم على البيع والشراء ،فشرع خيار المجلس وخيار الشرط ،لدفع
الضرر المتوقع لأحد المتعاقدين وهذا في الجملة فيه دفع الضرر بالكلية.
-علاقة هذه القاعدة بالقاعدة الكبرى (لا ضرر ولاضرار) :لما كان الواجب شرعا
هو منع وقوع هذا الضرر أو رفعه بعد وقوعه كما نصت على ذالك القاعدة الكبرى
،فقد أفادت هذه القاعده أن ذالك المنع أو الرفع مقيد بحسب الإستطاعه
والقدرة .
وفي الختام أسأل الله أن ينفعنا بما قلنا إنه ولي ذالك والقادر عليه و
الصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين.
الرئيسية 
الجنس
العمر
عدد المساهمات
نقاط