اعذروني ..
فربما اكثرت الكلام عنها .. ولكن حقيقة لا ألام ..
هي عندي نور ..
كلماتها نور ..
ونظراتها نور ..
اتذكر في ايام مضت ..
يوم كنت صغيرا ..
لا تزال عباراتها ترن في أذني ..
عندما توقظني للصلاة ..
خصوصا الفجر ..
لا اله الا الله ..
يالله صباح خير لا شر فيه !!
ترددها بعفوية فتقع في قلبي موقع الف موعظة وموعظة ..
كبرت وكبرت هي ..
اصبت بالمرض ..
وانا طريح الفراش اتألم ..
كانت تدخل علي الغرفة وترمقني بنظرات الحزن واللهفة لشفائي ..
لم تكن تتكلم معي في تلك اللحظات ..
بل كانت دموعها وعينيها تتحدثان ..
كنت اتعجب !!
من اين تأتي بتلك الدموع ؟؟
ومن اين اتت بذلك القلب ؟؟
لكن ..
انه قلبها ..
وما ادراك ما ذلك القلب ؟؟
مرت الايام وها هي طريحة الفراش اسأل الله لها الشفاء وطول العمر ..
دعيت يوم 29 آخر ايام رمضان للافطار عند اختي والتي تستضيف والدتي شفاها الله ..
ركبت سيارتي انا وبنيتي الصغيرة وتحركت قبل المغرب بساعة تقريبا ..
رغبة في الجلوس اليها وطمعا في دعوة منها ..
وصلت لبيتهم ودخلت وسلمت على امي وجلست عندها ..
بعد الافطار والصلاة رجعت فوجدتها وحيدة في الغرفة وقد وضع العشاء ..
دخلت وسلمت ..
وفي لحظة صمت رأيتها تنظر الى الاكل وكأنها تريد ان تمد يدها ولكن لا تستطيع لبعد الاكل وهي على الفراش ..
فمددت يدي واخذت لها ما تنظر اليه ووضعته في فمها ..
تبسمت فاخذت لقمة اخرى ووضعتها في فمها ..
اكلته وتمتمت بكلمات ربما لم افهمها ..
لكن يكفيني انها من والدتي ..
وان الله قد سمعها ..
لعقت اصابعي فرحا ..
القصة ربما بعضكم يراها عادية ..
ولكنها عندي هي غير ذلك ..
روى
أحمد والنسائي وابن ماجه عن معاوية بن جاهمة السلمي رضي الله عنه، قال:
أتيت رسول الله فقلت: يا رسول الله، إني كنت أردت الجهاد معك، أبتغي وجه
الله والدار الآخرة، قال: ((ويحك، أحية أمك؟)) قلت: نعم، قال: ((ارجع
فبرها))، ثم أتيته من الجانب الآخر، فقلت: يا رسول الله، إني كنت أردت
الجهاد معك أبتغي وجه الله والدار الآخرة، قال: ((ويحك، أحية أمك؟)) قلت:
نعم يا رسول الله، قال: ((فارجع إليها فبرها))، ثم أتيته من أمامه، فقلت:
يا رسول الله، إني كنت أردت الجهاد معك، أبتغي بذلك وجه اللهَ والدار
الآخرة، قال: ((ويحك، أحية أمك؟)) قلت: نعم يا رسول الله، قال: ((ويحك،
الزم رجلَها فثمّ الجنة)). إنها الجنة وربّ الكعبة: ((الزم رجلها فثمّ
الجنة)).
إنها الأم، يا من تريد النجاة، إلزم رجليها، فثمّ الجنة،
قال
ابن عمر رضي الله عنهما لرجل: (أتخاف النار أن تدخلها، وتحب الجنة أن
تدخلها؟) قال: نعم، قال: (برّ أمك، فوالله لئن ألنت لها الكلام وأطعمتها
الطعام لتدخلن الجنة ما اجتنبت الموجبات)، يعني: الموبقات.
قال
محمد بن سيرين: "بلغت النخلة على عهد عثمان رضي الله عنه ألف درهم، فعمد
أسامة بن زيد رضي الله عنهما إلى نخلة فاشتراها، فنقرها وأخرج جمّارها،
فأطعمها أمه، فقالوا له: ما يحملك على هذا وأنت ترى النخلة قد بلغت ألف
درهم؟! قال: إن أمي سألتني ولا تسألني شيئًا أقدر عليه إلا أعطيتها".
عبد
الله بن عون نادته أمه فعلا صوته صوتها، فأعتق رقبتين، وزين العابدين كان
أبر الناس بأمه، وكان لا يأكل معها في صحفة واحدة، فقيل له: إنك أبرّ
الناس ولسنا نراك تأكل معها في صحفة واحدة؟! فقال: "أخاف أن تسبق يدي إلى
ما سبقت إليه عينها فأكون قد عققتها، ولقد مضى بين أيدينا أقوام لا يعلو
أحدهم بيته وأمه أسفله".
إنها الجنة، يا طالب الجنة، الزم قدميها فثمّ الجنة.