رأينا
مؤخرا من يتسابق للحصول على شهادة الدكتوراه من جامعات غير سعودية ، أما
بالمراسلة أو " بفركة كعب " إلى دولة مجاورة , لحضور الاختبار فقط , ثم
العودة بالشهادة الكبيرة ، ومن نعرفه من هؤلاء , إذا قابلناه بعد غياب ,
قلنا له للوهلة الأولى " مرحبا بالأستاذ " .. وإذ بالذي يجاورنا يهمس في
أُذنينا .. قائلا : " بل ـ قل : مرحبا بالدكتور " يريد أن يصحح معلوماتنا
, بعد أن تحول الأخ - إلى دكتور , دون أن يصل ذلك إلى علمنا !! .
وبالرغم
من ذلك , فأنا ضد الهجمة القاسية على الدكاترة الجدد ـ ذكورهم والإناث ـ
فليس جميع أولئك من طلاب الشهرة ـ فيما نحسب ـ ولا هم من المغرمين بحرف "
الدال " الذي صار يتقدم أسمائهم , فعدد منهم حالت ظروفه فيما مضى , دون أن
يواصل تعليمه الجامعي أو العالي من ماجستير ودكتوراه ، وعندما جاءت الفرصة
أراد أن يغتنمها , وينهل من العلم ، ويبحث ويقدم أطروحته العلمية التي نال
بموجبها شهادته .. فهل حتى هؤلاء يمكن أن نضعهم مع طلاب الشهرة في - سلة
واحدة ؟
أنا فقط ضد شيء واحد ، وهو أن ينال أحدهم الشهادة بفلوسه
، ويحصل على البحث بدراهمه ، بعد أن يستأجر غيره , ليعمل له متطلبات
الدرجة العلمية ، ثم يأتي هو - فيما بعد - ليتربع ويناقش الرسالة ، ويحصل
على الشهادة الكبيرة كذبا وزورا ، ثم يخرج إلى الناس يتباهى بمؤهل عال ،
لم يبذل حياله قيراط عرق .. أما إن كان قد تعب ودرس وبحث وناقش .. فلماذا
لا نبارك جهوده ، ونشد على يده ، ونقول له مبروك من القلب ، لأنه اثبت أنه
إنسان طموح وطالب علم .. أليس هذا حقا مشروعا له ؟ .
وبالمناسبة
فإنني أتمنى من كل من يحصل على الماجستير أو الدكتورة عموما ، أن يستشعر
أهمية هاتين الدرجتين العلميتين ، وأن يعرف أن المجتمع يراقبه ، وأن الناس
يتابعون درجة " المفهومية "عنده ، وأن كل من يجلس معه , لابد وأن يخرج
بانطباع , بأن صاحب هاتين الشهادتين , هو بالفعل أهل لهما ، وجدير بهما
بحق وحقيق ..
الذي نتمناه كذلك من إخواننا وأخواتنا الدكاترة ـ
الجدد منهم والأقدمين ـ أن يطوّر كل منهم أدواته ، وينمي ثقافته العامة ،
وأن يبدو أمام الناس إنسانا موسوعيا ، وعلى درجة من الوعي ، والقدرة على
الحديث المنظم والمرتب ، ولديه نضج في الرؤى والإمكانات الفكرية .. وإلا
فإنه سيحرج نفسه أمام المجتمع ، عندما يظهر أمام الناس هزيل الثقافة ،
ومتواضع المعرفة ، وغير قادر على الإمساك بناصية الحديث الممتع والمقنع .
وتبقى
نقطة أخرى مهمة ، وهي أنه ليس بالضرورة أن يكون الأفضل دائما كل من يحمل
الدكتوراه أو الماجستير , فقد علمتنا الحياة أن هناك من لا يحمل سوى
البكالوريوس أو حتى أقل ، ويبدو أفضل بمراحل من حملة الماجستير والدكتوراه
، إن في ثقافته العامة ، أو نضج رؤاه ، أو قدرته على امتلاك الشجاعة
الأدبية في الحديث ، والقدرة على امتطاء صهوة قيادة المجالس ، وطرح
الأفكار الجيدة ، والقدرة على التأثير في الآخرين بقناعات مؤثرة .
مرحبا
ـ مرة أخرى ـ بالدكاترة الجدد ، ولا غضاضة ـ فيما أرى ـ أن يزيد عددهم ،
وتتنوع مصادر شهاداتهم ، ومنابع درجاتهم العلمية .. المهم أن يكون أحدهم
جديرا بالفعل بهذه الشهادة الكبيرة ، لا أن يكون على شاكلة بضاعة " أبو
ريالين " حتى لا يحرج نفسه أمام الناس ، وحتى لا يخجل له الناس , إذا
قدموه في المجالس والمنتديات , وقالوا له : تكلم - يادكتور